الدار/ رضا النهري:
منذ الأسابيع الأولى لظهور فيروس “كورونا”، كان التشاؤم سيد الموقف، ليس فقط في مسألة تأخر العثور على لقاح للفيروس، بل أسوأ من ذلك، وهو التكهن بظهور موجة ثانية، وربما ثالثة، أسوأ من الموجة الأولى.
وبدأت بلدان العالم في تطبيق إجراءات الحجر الصحي منذ منتصف مارس الماضي، وخلالها كان الكثيرون يمنون النفس بالصيف ويعتبرونه الحل السحري ضد الكوفيد، وتبارى كثير ممن يسمون أنفسهم خبراء في ذكر مناقب الحرارة المرتفعة في قتل الفيروس، إلى درجة أن الناس نسوا أمر اللقاح وتعلقوا بأهداب الصيف.
جاء الصيف سريعا ومر بشكل أسرع، وخلاله لم يتساءل الناس كثيرا عن وضع الفيروس، بل تساءلوا أن أوضاعهم شخصيا لأنهم حرموا من البحر ومن السفر، إلى أن انتهى الصيف سريعا وبقي الفيروس فعاد الناس مجددا للحديث عن باقي الفصول في مواجهة الفيروس.
ومع مقدم الخريف، وتزامن ذلك مع الدخول المدرسي والسياسي والاجتماعي، عاد الحديث مجددا عن الموجة الثانية للفيروس، وها هم الخبراء يقرعون أجراس الإنذار مرة أخرى ويقولون إن الخريف سيكون كارثيا، وأن الفيروس خلال هذا الفصل سيكون شبيها بموجة “تسونامي”.
هذه الحملة الجديدة من التخويف تزرع المزيد من الرعب في أوصال الجميع، فالكثير من المدارس عادت سريعا إلى إقفال أبوابها في كثير من بلدان العالم، وهناك عمليات تطبيق حجر جزئي في أكثر من مكان، والإصابات ترتفع أكثر مما كان متوقعا، أما الحديث عن دور الجو في قتل الفيروس فصارت خرافة منسية ولا أحد يجرؤ إلى التطرق للموضوع.
ومع مقدم الخريف سيختلط الحابل بالنابل بشكل غير مسبوق، ففي هذا الفصل تكثر الأمراض الموسمية، خصوصا الزكام، الذي يشبه في الكثير من تفاصيله مرض “كورونا”، وهذا ما سيتسبب في موجة من الرعب النفسي.
لكن الأسوأ في كل هذا الوضع هو أن اللقاح لذي كان الجميع ينتظره صار مشكوكا في أمره، ليس حول نجاعته أو عدمها في العلاج، بل بسبب نظرية المؤامرة التي تنتشر بشكل غير مسبوق، ومفادها أن اللقاح لم يخترع إلى من أجل هدف واحد، وهو التقليص من أعداد البشر على ظهر هذا الكوكب.
في ظل هذه الكوميديا الكبيرة، يبدو فيروس كورنا سعيدا للغاية.