خطاب المسيرة يدشن مرحلة السرعة القصوى في تنمية الصحراء
الدار / افتتاحية
ما قدمه الملك محمد السادس من معطيات حول قضية الصحراء المغربية في خطاب الذكرى الخامسة والأربعين للمسيرة الخضراء يعتبر ثوريا بامتياز. نحن على مشارف عهد جديد في مقاربة القضية الوطنية قوامه لغة التنمية والاقتصاد والثروة. لقد تعززت مراحل النضال السياسي والدبلوماسي والحقوقي، بالجهاد الأكبر، النمو وخلق الثروة وتوفير مناصب الشغل، وتحويل الأقاليم الجنوبية إلى قاطرة من قاطرات التنمية في المملكة. حديث الملك محمد السادس عن الواجهة الأطلسية، وعن ميناء الداخلة الأطلسي في تقابل مع ميناء طنجة المتوسط، أكبر دليل على أننا على مشارف تسريع هذا الواقع الجديد، الذي ستكون له انعكاسات عميقة وبليغة على عدالة القضية الوطنية.
فالمشاريع التنموية العملاقة التي أطلقت في الأقاليم الجنوبية في شتى المجالات تعتبر اليوم أقوى وأكبر ترافع عن قضية وحدتنا الترابية. فالصحراء تكاد اليوم ترتبط بباقي أقاليم المملكة عبر طريق سريع بمعايير دولية، كما أنها تتوفر على بنيات تحتية في الموانئ والطاقة تجعلها إقليما رائدا في عدة مجالات. وإذا تحول هذا الإقليم إلى نقطة استقطاب وجذب للمستثمرين خصوصا في قطاعات الصناعات البحرية فإن هذا الأمر وحده يكفي لتجاوز كل الأوهام الانفصالية والخروقات اليائسة التي تحاول جبهة البوليساريو ومن ورائها الجزائر القيام بها في معاكسة الوحدة الترابية للمغرب. لقد ذكر الملك محمد السادس إسبانيا باعتبارها جارا وحليفا، وتحدث عن موريتانيا وعلاقاتها مع المغرب، لكنه لم يشر إلى الجزائر إلا من بعيد.
وما حجم الجزائر اليوم كدولة فيما يجري من حولها إقليميا ودوليا؟ لقد أضحت جزء من ذكريات الحرب الباردة وصراعاتها الإيديولوجية المتجاوزة. ما حظها مما يجري حولها من تطوير وتنمية؟ لا شيء، فالشعب الجزائري يعاني الأمرين اليوم للحصول على احتياجاته الأساسية في بلد يرقد فوق بحر من البترول والغاز. لذلك كان من الضروري تجاهل هذا البلد الذي حول معاداة المغرب المجانية إلى عقيدة، وها هو يتابع اليوم مكتوف الأيدي وعاجزا ما يحدث من ثورة تنموية في الأقاليم الجنوبية، خلفت حسدا وحقدا لم يجد معه الانفصاليون حيلة إلا من حماقات قطع الطريق ومحاولة تخريب الشريان الذي يربط المغرب بعمقه الإفريقي عبر موريتانيا.
شتان بين يعبد الطرق ويمدها نحو النماء والتطوير والاستثمار وبين من يحاول تخريبها وقطعها ووضع العراقيل اليائسة عليها. لكن إذا نجح الحمقى اليائسون لبعض الوقت في وضع المتاريس وعرقلة سير حركة السير، فماذا بوسعهم فعلهم في الواجهة البحرية الهائلة للمغرب؟ هناك رهان كبير وتاريخي أعلن عنه الملك وهو يتحدث عن تأهيل المساحات البحرية وترسيمها مع إسبانيا من أجل تنمية هذه الواجهة وتطويرها. ” سنواصل العمل على تطوير اقتصاد بحري حقيقي، بهذه الأقاليم العزيزة علينا” هكذا وعد الملك محمد السادس سكان الأقاليم الجنوبية، الذين سيتحولون إلى سفراء للمغرب في عمقه الإفريقي، ما دام العمق المغاربي يجد حجرة عثرة كأداء لا تزال تمد جذورها في أزمنة الحقد والانقسام وإيديولوجيات الغباء المنقرضة.
تحلية ماء البحر، الطاقات المتجددة، الطاقة الريحية، طاقة التيارات البحرية، الصيد البحري، السياحة، كلها مجالات وقطاعات ستجعل من الصحراء المغربية رقما اقتصاديا إقليميا ودوليا متميزا. نحن إذا أمام ترافع ملموس وعملي عن ثبات ورسوخ الحقوق الوطنية التاريخية في الأقاليم الجنوبية. الصحراء مغربية ليس فقط بارتباطها التاريخي والثقافي وإنما أيضا بهذا التواصل الاقتصادي والتنموي، الذي ينسجم مع كل مخططات التنمية في مختلف الجهات والأقاليم. وعندما توضع الداخلة في مقابلة مع طنجة، فلهذه المقارنة ما بعدها.