عندما يترافع الشباب عن القضية الوطنية في الواجهة الإعلامية
الدار / افتتاحية
من الواضح اليوم أن المعركة الإعلامية في حرب الدفاع عن الوحدة الترابية تعد اليوم أشد المعارك وأشرسها. أكبر دليل على ذلك هو هذا النضال الذي يقوده مستعملو شبكات التواصل الاجتماعي المغاربة لمواجهة الأكاذيب والتزييف والفبركات التي يقوم بها أعداء الوحدة الترابية وبيادقهم من الانفصاليين. ومن أهم أبعاد هذا النضال وتلك المعركة، التعاليق التي تجتاح موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” كلما تم تداول خبر مزيف أو فيديو مفبرك، حيث يقوم آلاف الشباب المغاربة بشكل تلقائي بدورهم في حماية المقدسات والدفاع عن الوحدة الترابية. هذا الموضوع يعتبر اليوم ملفا استعجاليا جدا، ينبغي التوقف عنده والتفكير في تطويره وتعميق وتحسين أدائه.
ولا أقصد هنا دور شبكات التواصل الاجتماعي وحدها، رغم أهميتها القصوى، ولكن أقصد دور كل وسائل الإعلام الوطنية العمومية والخاصة في تكريس الإجماع حول القضية الوطنية والتصدي لكل محاولات الاختراق القادمة من كتائب الجزائر وإعلامها الرسمي المتحيز. وفي هذا السياق ظهرت يوم الثلاثاء الماضي مساء نقطة ضوء متميزة ومبشرة في هذا الإطار مثّلها ذلك النقاش المفتوح الذي طرحه برنامج “شباب في الواجهة” على القناة الأولى، وهو يثير ملف “الترافع عن القضية الوطنية بين أدوار الأحزاب والمجتمع المدني”. ومكمن التميز الذي مثلته هذه الحلقة هو أنها كانت تطرح قضية الصحراء المغربية بمنظور عملي ومستشرف للمستقبل. فمن الظاهر أن تصويرها تم قبل تدخل القوات المسلحة الملكية في منطقة الكركرات، لكنها على الرغم من ذلك أثارت الموضوع من زاوية جديدة ومنتجة واقتراحية.
ومن المؤكد أن للإعلام العمومي دورا حاسما في معالجة قضية الوحدة الترابية من منظور وطني صرف، لكن هذا المنظور يحتاج إلى نقاش وتحليل وإقناع وتوضيح، ويحتاج أساسا إلى طرح جوانب غير مطروقة من هذا الموضوع، لتحديد الأدوار والمسؤوليات في هذا الملف الذي يتوقف طيه على تضافر جهود الجميع. ونعتقد أن المناقشة الجريئة والعملية التي دشنتها حلقة “شباب في الواجهة” وهي تطرح سؤال الترافع وكيفية تجويده، تعتبر مثالا إعلاميا ينبغي احتذائه في هذا الإطار. ما تقوم به البرامج والنشرات والحلقات الخاصة ذات الطابع الإخباري الصرف، مهم وينبغي الاستمرار فيه وتطويره، لكن فتح النقاشات وتبادل وجهات النظر والإنصات لآراء الطاقات الشابة على الخصوص في هذا الملف، يمثل إشارة قوية تُحسب لإدارة القناة الأولى التي أحيت برنامجا شبابيا متميزا لطرح قضية وطنية كقضية الصحراء المغربية.
لقد تجاوزت حلقة “شباب في الواجهة” ذلك الخطاب التقليدي المكرس في تناول قضية الصحراء المغربية، لتطرح أسئلة هامة ومصيرية تتعلق بدور المغاربة جميعا شبابا وشيوخا، مدنيين وحزبيين، في الترافع عن مغربية الصحراء، وأجابت عن الكثير من الأسئلة المهمة في هذا الإطار وعلى رأسها أهمية التكوين في تعزيز الإجماع الوطني وتأهيل المترافعين للقيام بأدوارهم كما ينبغي. وهنا كان لضيفي الحلقة اللذين يمثلان الطرف الأكاديمي والطرف المدني إسهام معتبر في تحليل الأحداث والتطورات الدبلوماسية، وكذا في تأكيد أهمية المشاركة الشبابية في الدفاع عن الوحدة الترابية بما هو علمي وتاريخي وقانوني. وكم كنا في حاجة ماسة إلى معرفة آراء الشباب الصحراوي وهم يتحدثون عن هذه القضية من قلب الصحراء وأمام القنصليات العربية والإفريقية التي افتتحت مؤخرا.
لكن أهمية هذه المشاركة الإعلامية المتميزة لم تتوقف عند الجانب المضموني فقط، بل إن من بين أكثر الجوانب تميزا في هذه المعالجة فسح المجال واسعا أمام مختلف القوى الحزبية الوطنية الممثلة في البرلمان ليعبر شبابها عن آرائهم ومواقفهم تجاه هذه القضية الوطنية، ويقدموا اقتراحاتهم وتصوراتهم بخصوصها وفيما يتعلق بتدبيرها في المستقبل. إن مثل هذه البرامج والمعالجات الإعلامية المختلفة لا يمكن بأي حال من الأحوال إلا أن تخدم القضية الوطنية، وتشكل ردا ملموسا وعمليا على كل ما يروج من ترّهات وخرافات البوليساريو والجزائر.