الدار / خاص
يبرز التنسيق الوثيق بين مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني “ديستي” وأجهزة الاستخبارات الأمريكية، من جديد أهمية التعاون الدولي لمكافحة التهديدات الإرهابية، كما يبرهن على نجاعة الشراكات المتميزة التي تلعب دورا رئيسيا في ضمان نجاح عمليات مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف.
وبفضل هذا التنسيق تمكن المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، صباح اليوم الخميس، من تفكيك خلية إرهابية تتألف من أربعة متشددين تتراوح أعمارهم ما بين 24 و28 سنة، ينشطون بمدينة وجدة ويرتبطون بما يسمى بتنظيم “الدولة الإسلامية”.
وذكر المكتب المركزي للأبحاث القضائية، في بلاغ، أن العملية تأتي في إطار مواصلة الجهود المبذولة لتحييد مخاطر التهديد الإرهابي وتفكيك التنظيمات المتطرفة التي تهدف للمس الخطير بالنظام العام وتحدق بأمن واستقرار المملكة.
ويأتي هذا التنسيق الأمني المحكم بين الأجهزة الأمنية المغربية ونظيرتها الأمريكية، بعد أسابيع من تقديم المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني (الديستي) لمعلومات أمنية بالغة الأهمية إلى الولايات المتحدة مكنت من إلقاء القبض على جندي أمريكي خطط للقيام بتفجيرات في نيويورك، قبل أن يتجدد هذا التعاون الأمني بين البلدين في توقيف أعضاء خلية وجدة الذين بايعوا تنظيم “داعش”، وخططوا للالتحاق بمعسكرات التنظيم الإرهابي في منطقة الساحل لتنفيذ عمليات قتالية.
وتم وضع اللبنات الأولى لهذا التنسيق الأمني بين واشنطن والرباط، خلال المباحثات المكثفة التي جمعت في أكثر من مناسبة عبد اللطيف الحموشي، المدير العام للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني، و روبير غرينواي مساعد مستشار مجلس الأمن القومي الأمريكي المكلف بشؤون إفريقيا والشرق الأوسط، بحضور دافيد فيشر، سفير الولايات المتحدة الأمريكية المعتمد لدى الرباط.
لقاءات شكلت فرصة لتعميق النظر في أوجه التعاون بين المملكة المغربية و الولايات المتحدة الأمريكية في المجال الأمني والاستخباراتي، كما تطرقت لحصيلة وآفاق التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات الأمنية، والتي وصفها المسؤولون بأنها “نموذج يحتذى به على المستويين الإقليمي والدولي” وبأنها” واعدة بمزيد من التوطيد والتطوير على النحو الذي يضمن تعزيز التعاون الأمني بين البلدين”.
كما انصبت المحادثات الثنائية، أيضا على الوضعية الأمنية الراهنة في امتداداتها الجهوية والدولية، خصوصا التهديدات الإرهابية المتنامية في مناطق التوتر في الساحل وجنوب الصحراء، وتقاطعاتها العضوية مع مختلف صور الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية، وتحديدا شبكات وكارتيلات الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية.
وكان السفير الأمريكي الأسبق بالرباط، ديفيد فيشر، قد أكد في حوار مع وكالة المغرب العربي للأنباء، أن المملكة المغربية والولايات المتحدة يجمعهما تعاون “متين وطويل الأمد” في مجال مكافحة الإرهاب.
كلام لم يكن مجرد تصريح دبلوماسي رسمي أملاه لقاء صحفي في اطار الود والمجاملة المعهودة في العلاقات الدولية، بل كلام موزون، نابع من ايمان الولايات المتحدة الأمريكية العميق بالدور الذي يلعبه المغرب في مجال حماية مصالح أمنهما القومي، وهو ما دفعه للتأكيد خلال هذا الحوار الصحفي على أن ” المغرب يظل شريكا مهما بشأن سلسلة من القضايا الأمنية”.
وذهب السفير الأمريكي بالرباط أبعد من ذلك عندما أشار في ذات الحوار، الى أن ” خارطة طريق للتعاون في مجال الدفاع على امتداد السنوات العشر المقبلة، التي تم توقيعها تروم “توجيه” التعاون الثنائي في المجالات ذات الأولوية، بما في ذلك تعزيز الجهود التي يبذلها المغرب في مجال التحديث، وذلك بهدف “مواجهة التهديدات الإقليمية معا، وبطريقة أكثر فعالية”.
كما أبرز فيشر الاستراتيجية “الشاملة” التي وضعها المغرب لمكافحة الإرهاب، وهي الإستراتيجية التي تتضمن تدابير أمنية يقظة، وتعاونا إقليميا ودوليا وسياسات لمكافحة التطرف، مبرزا في هذا الصدد، أن الجهود “الناجحة” للمغرب في هذا المجال مكنت من تقليص المخاطر المرتبطة بالإرهاب”.