استراتيجية “الجيل الأخضر”: تعبئة موارد مهمة في مستوى التحديات
الدار / خاص
مع تغيير المسار الاستراتيجي مدفوعا بتنفيذ الاستراتيجية الجديدة “الجيل الأخضر 2020-2030″، أصبحت الفلاحة، التي اكتسبت زخما على مستوى العصرنة والأداء بفضل مخطط المغرب الأخضر، تغذي أكثر من أي وقت مضى طموحات جديدة، تمت من أجلها برمجة ترسانة من الإمكانيات والموارد.
وقد بدأت الخطوط العريضة لاستراتيجية “الجيل الأخضر”، التي تغطي عقدا من الزمن، تتحدد أكثر فأكثر؛ من خلال الإعلانات والاجتماعات الرسمية التي ترسم ملامح مستقبل مشرق، بفضل مجموعة من الإجراءات المصاحبة لدعم هذا الورش الذي يعطي الأولوية للعنصر البشري.
وبعد إرساء منظومات فعالة مكنت من مضاعفة الصادرات والناتج الداخلي الخام الفلاحيين، أصبح التركيز الآن على الفلاح، مع أهداف ذات طابع اجتماعي مثل بروز طبقة فلاحية متوسطة من خلال تحسين الدخل وحماية الفلاحين والإدماج المهني للشباب عبر توفير فرص مدرة للدخل لفائدتهم.
وقد بدأ هذا التحول في المفاهيم في الترسخ داخل الهياكل والهيئات الداعمة للقطاع الفلاحي، والتي توفر آليات تتكيف مع هذه التوجهات. ويتطلب هذا الوضع أيضا تعزيز وتعبئة القطاع الخاص المدعو إلى الاضطلاع بدور أساسي في النهوض بالفلاحة المغربية. وفي هذا السياق تحديدا، انتقل صندوق التنمية الفلاحية إلى السرعة القصوى ليرفع بنسبة 7 في المئة مخصصات برنامج التشغيل برسم السنة الحالية لتصل إلى 4.5 مليار درهم.
والهدف من ذلك واضح: دعم الاستثمارات الخاصة في القطاع الفلاحي من خلال حوافز مالية من طرف الدولة أكثر جاذبية وقادرة على جذب اهتمام مستثمرين جدد، مغاربة وأجانب، من خلال إصلاح المنظومة التحفيزية لصندوق التنمية الفلاحية.
وبالإضافة إلى ذلك، تظهر حصيلة المنجزات ارتفاعا في الاستثمارات الفلاحية التي تم تنفيذها والتي استفادت من مختلف العروض التحفيزية للصندوق إلى 9.7 مليار درهم في 2020. وستستمر هذه الدينامية خلال سنة 2021، ومن المتوقع أن يتجاوز مستوى الاستثمار 10 مليارات درهم، وهو ما يعكس الأثر الداعم لصندوق التنمية الفلاحية؛ حسب توقعات وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات.
التمويل، محور رئيسي للتنمية الفلاحية المستدامة والشاملة
بموازاة مع ما سبق، يعتبر ولوج الفلاحين إلى التمويلات المناسبة أمرا ضروريا، لاسيما في السياق الحالي الذي يتسم بالأزمة الصحية المرتبطة بوباء فيروس كورونا المستجد.
وفي هذا الصدد، أطلقت مجموعة القرض الفلاحي للمغرب “تسبيق على إعانة صندوق التنمية الفلاحية” الذي يمكن الفلاحين المستفيدين من دعم هذا الصندوق من التوفر على سيولة فورية في انتظار الصرف الفعلي للدعم المخصص لهم.
وبالإضافة إلى ذلك، وقعت المجموعة البنكية مؤخرا 21 اتفاقية مع الأطراف الفاعلة في القطاع الفلاحي والعالم القروي، لمواكبة إرساء مختلف مكونات الاستراتيجية الفلاحية الجديدة. وهكذا، تم توقيع 18 اتفاقية مع 18 فدرالية بيمهنية بهدف مرافقة جميع السلاسل الإنتاجية في تفعيل الأهداف المحددة في إطار البرامج التعاقدية المتعلقة بها خلال الفترة 2021-2030، عبر تسهيل الولوج إلى التمويلات التي توفرها مجموعة القرض الفلاحي للمغرب لكافة الفاعلين. وبناء عليه، تعهد البنك بالتعبئة إلى جانب كل سلسلة من سلاسل الإنتاج الفلاحية عبر تكييف عرضه من أجل تمكين الفاعلين من تحقيق أهدافهم من حيث الاستثمارات.
وقد تم التوقيع على اتفاقيتين رباعية الأطراف بين وزارة الفلاحة وجامعة غرف الفلاحة بالمغرب والكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية (كومادير) والقرض الفلاحي للمغرب بهدف مواكبة تفعيل الاستراتيجية الفلاحية الجديدة “الجيل الأخضر 2020-2030” بشكل خاص فيما يتعلق بتشجيع ريادة الأعمال لدى الشباب في الوسط القروي، وتنمية السلاسل الفلاحية.
ومن أجل استكمال آلية مواكبة استراتيجية الجيل الأخضر، وعلى الخصوص في ما يتعلق بتعبئة أراضي الجموع لفائدة ذوي الحقوق وخلق طبقة وسطى قروية، وقعت مديرية الشؤون القروية بوزارة الداخلية والوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية والقرض الفلاحي للمغرب اتفاقية بهدف تحديد الإطار العام لتمويل ومواكبة مجموعة القرض الفلاحي للمغرب لذوي الحقوق المستفيدين من أراضي الجموع، سواء كانوا أفرادا أم منظمين في إطار تعاونيات، وذلك من أجل إنجاح مشاريعهم وأنشطتهم المدرة للدخل. من الواضح أن استراتيجية “الجيل الأخضر” تحمل معها جيلا جديدا من آليات المواكبة من أجل مهننة الفلاحة، عبر إصلاح برامج الإرشاد الفلاحي، وتعميم الخدمات الفلاحية الرقمية، وتعزيز مشاريع الجيل الجديد من الفلاحة التضامنية.
وبالإضافة إلى الجانبين الاجتماعي والإنساني، تهدف هذه الاستراتيجية إلى ضمان استدامة التنمية الفلاحية، من خلال مواصلة تنمية مختلف الفروع عبر تدخلات أكثر استهدافا وإعادة ترشيد الجهود إلى جانب عصرنة مسارات التوزيع.
وعلى مستوى الجودة والابتكار والتكنولوجيا الخضراء، تنص الاستراتيجية على تحسين جودة الإنتاج وملاءمته مع التوجهات الفلاحية والتكنولوجية وأنماط الاستهلاك الجديدة. ومن أجل فلاحة أكثر قدرة على الصمود وفعالة بيئيا، ستركز الاستثمارات على نجاعة استخدام الموارد الطبيعية والطاقية من أجل الحفاظ عليها وخلق أنشطة جديدة مدرة للدخل ولفرص العمل.