“نتفليكس” تمتلك حقوق “مائة عام من العزلة”.. المهمة الأصعب
لم يزل في جعبة "نتفليكس" الكثير لتبهر به العالم، فتعاقداتها مع كبار نجوم هوليوود في أفلام ستظهر تباعاً خلال هذا العام وبعده، وحصادها معظم جوائز المهرجانات الكبرى عبر فيلمها "روما" وتتويجها بجائزتين في الأوسكار، لن يكون آخر المطاف.
فها هي تتفوق على الجميع وتحظى بما لم ينله أحد قبلها، بنيلها حقوق تحويل رائعة غابرييل غارسيا ماركيز "مائة عام من العزلة" إلى مسلسل باللغة الإسبانية.
رواية "مائة عام من العزلة" بدت استثناء في علاقة ماركيز مع السينما، إذ لطالما أبدى الرجل مرونة في تحويل أعماله الروائية والقصصية إلى أفلام سينمائية، لكنه كان على الدوام يرفض اقتراب السينما من روايته "مائة عام من العزلة" لقناعته، وفق ما يشرح أبناؤه بأن أحداث الرواية أكبر من أن يتم تقديمها في فيلم سينمائي محدود الزمن، كما أن إنتاجها بلغة غير الإسبانية لن يكون عادلاً.
ولعل من يعرف موقف ماركيز من السينما التي كان يراها "فناً صناعياً، من الصعب جداً التعبير فيها عما تريد قوله حقاً"، ومرونته رغم ذلك تجاه تحويل أعماله الروائية إلى سيناريو سينمائي، يدرك أن لرواية "مائة عام من العزلة" مكانة خاصة عند صاحبها وتشدده تجاه تحويلها إلى فيلم سينمائي يعود في الغالب لأسباب غير تلك التي تتعلق باللغة الإسبانية أو مدة الفيلم الزمنية.
وبكل الأحوال، البحث في سر علاقة ماركيز مع هذه الرواية يتطلب بحثاً منفصلاً، وما بات واقعاً اليوم أن "نتفليكس" امتلكت حقوق الرواية، بعد نحو 5 سنوات من رحيل صاحبها، وإنها ماضية بالتعاون مع ولديه رودريغو غارسيا وغونزالو غارسيا في تنفيذ مسلسل عنها، سيقدم باللغة الإسبانية وسيتم تصويره بشكل أساسي في كولومبيا، بينما يتولى ولدا ماركيز مهمة المنتج التنفيذي للمسلسل، وسيكون فريق العمل برمته من أمريكا اللاتينية.
الاتفاق بين ورثة ماركيز و"نتفليكس" جاء في الغالب مدفوعاً بنجاح مشاريع هذه الأخيرة باللغة الإسبانية، وفي مقدمتها فيلمها "روما"، وهو الأمر الذي على ما يبدو رفع ثقة الورثة بقدرة عملاق البث الأمريكي على تقديم نسخة درامية للرواية بجودة فنية عالية، فضلاً عما يوفره انتشارها الواسع في العالم من نسب مشاهدة عالية.
لكن مهمة "نتفليكس" رغم ما تمتلكه من فريق عمل متميز وإمكانيات كبيرة وانتشار واسع، لن تكون سهلة، فرواية "مائة عام من العزلة" تكاد تكون الأشهر والأهم بين روايات ماركيز، وقد بيع منها ما يقدر بنحو 47 مليون نسخة مترجمة إلى 46 لغة، وبالتالي فإن عشاقها المنتشرين في أنحاء العالم وحساسيتهم العالية تجاه الرواية وكل كلمة فيها سيكونون ثقلاً على أي سيناريو يقوم بمعالجتها درامياً، ولا سيما أنه قلما نجحت الأفلام التي قدمت عن أصول روائية لماركيز في الارتقاء بمادته الأدبية ومسايرة ثراء لغته وعوالمها.
فما بالنا إذا كان هذا الأصل الأدبي لماركيز هذه المرة هو رواية "مائة عام من العزلة" المنشورة عام 1967، والتي تعد من أعظم إنتاجات القرن الفائت ضمن ما يعرف باسم أدب الواقعية السحرية، وقد قال عنها الشاعر التشيلي بابلو نيرودا إنها تشكل أكبر اكتشاف في اللغة الإسبانية منذ قدم "ميغيل دي ثيربانتس" رائعته دون كيشوت عام 1605.
يذكر أن عدداً من روايات ماركيز كانت تحولت إلى أفلام سينمائية، منها رواية "الحب في زمن الكوليرا"، ورواية "قصة موت معلن"، ورواية "ليس لدى الكولونيل من يكاتبه"، ورواية "في ساعة نحس"، و"عن الحب وشياطين أخرى"، إضافة إلى مجموعة من قصصه منها "زمن الموت" و"في هذه البلدة لا يوجد لصوص".
المصدر: الدار – العين الإخبارية الإماراتية