مسلمو لندن يحتفلون بالشهر الفضيل في ظل احترام القيود الاجتماعية
على غرار جميع المسلمين في جميع أرجاء المعمور، يجد مسلمو المملكة المتحدة أنفسهم ملزمين بالتكيف مع القيود الاجتماعية التي يفرضها وباء فيروس كورونا، ليعيشوا شهر رمضان المبارك في أجواء من التضامن والوئام.
وعلى الرغم من التحديات التي تسببت فيها الأزمة الصحية، استعان مركز المنار للتراث الثقافي الإسلامي، بالوسائل التكنولوجية والوسائط الرقمية من أجل ضمان استمرارية أنشطته المعتادة خلال الشهر الكريم والحفاظ على تفاعله مع الجالية المسلمة في لندن.
هكذا، اعتمد المركز برنامجا “خاصا بشهر رمضان” يشمل ندوات ودروسا دينية تبث أسبوعيا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، قصد كسر الشعور بالعزلة والوحدة الذي تولده الظرفية الحالية ومصاحبة المؤمنين خلال شهر الصيام.
وأوضح المدير التنفيذي لمركز المنار، عبد الرحمان سيد، في حديث خص به وكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذه المحاضرات، التي تبث بشكل أساسي على منصات “زوم” و”فيسبوك”، والتي تتناول مواضيع تتعلق على وجه الخصوص بالفقه والتقاليد الإسلامية، والوباء، والعادات الغذائية والنصائح الصحية، تمكن المشاركين من التفاعل بكيفية مباشرة وفورية مع المحاضرين أو الأئمة.
وأشار إلى أن هذه الدروس التي يتم حفظها إلكترونيا بشكل تلقائي، يمكن إعادة مشاهدتها من طرف رواد العالم الأزرق حسب توفرها، وهو ما “يشجع على توسيع نطاق المحتوى للجمهور ويسهل أيضا التفاعل بين المحاضر ومستعملي الإنترنيت”.
ومن أجل تعزيز قيم التعاضد والتضامن التي يتسم بها هذا الشهر الكريم، يلتزم مركز المنار للتراث الثقافي الإسلامي بدعم الأسر المحتاجة والمتضررة بشدة جراء تداعيات الأزمة الصحية، من خلال توصيل سلال الإفطار إلى المنازل.
كما يقدم المركز – حسب مديره- تلاوات يومية للقرآن الكريم وجلسات للترتيل يؤديها الإمام المغربي الشيخ أحمد دحدوح، إلى جانب العمل على تنظيم صلاة التراويح والعشاء، في إطار الالتزام الصارم بقواعد التباعد الاجتماعي.
وبناء على ذلك، فإن المصلين ملزمون هذا العام بالحجز الإلكتروني قبل الذهاب إلى المسجد لأداء صلاتي الجمعة أو التراويح.
وتظل الأماكن محدودة في نطاق 300 بالنسبة للرجال و50 بالنسبة للنساء، ما يقلص من طاقة المسجد إلى 10 بالمائة. ويلزم المصلون أيضا باحترام بعض القواعد الوقائية، لاسيما ارتداء الكمامات الواقية الإجبارية.
وبحسب السيد سيد، فإن “هذه الإجراءات ت تخذ في المقام الأول حرصا على النظافة والوقاية الصحية، ولكن أيضا من أجل التنظيم الأمثل قصد تجنب الطوابير الطويلة حول المركز، ما قد يتسبب في نوع من الإزعاج في الجوار”.
كما أكد أن هذه العملية تجري في ظل مراقبة رجال الأمن التابعين للمركز وكذا السلطات المحلية البريطانية التي لم تتوقف – حسب قوله – “عن الإشادة بالحس الكبير للمسؤولية والمواطنة التي يظهرها أغلبية المصلين وامتثالهم الصارم للقواعد الوقائية والتباعد الاجتماعي”.
وأضاف “لقد حرصنا أيضا هذا العام، مثل العام السابق، على تأدية آذان صلاة المغرب من المركز، كعربون تضامن مع ساكنة منطقة لندن الكبرى، الذين يجدون أنفسهم مضطرين لتمضية هذا الشهر الأبرك في الحجر الصحي”، مسجلا أن المركز يوصي الشباب والفئات الهشة باحترام توجيهات الحكومة وتجنب الاتصال الاجتماعي.
من جهة أخرى، يشير مدير المركز إلى أن الأئمة المغاربة غالبا ما توجه الدعوة لهم لتنشيط المحاضرات الدينية، لاسيما بالنظر لإتقانهم لقواعد الفقه والتزامهم بنقل قيم التسامح، الاعتدال والوسطية التي يدعو إليها الدين الإسلامي.
كما أكد أن الجالية المغربية الحاضرة بقوة في الحي الملكي بكنسينغتون وتشيلسي حيث يوجد المركز، ما فتئت تساهم بنشاط كبير في جميع الأنشطة الإنسانية والدينية التي تنظمها، مضيفا أن “الحريرة” وغيرها من الأطباق المغربية الشهية حاضرة بقوة في غالبية وجبات الإفطار الجماعية التي يقدمها المركز.
يشار إلى أن الإسلام هو الدين الثاني في المملكة المتحدة. فوفقا لنتائج الإحصاء الوطني لشهر يناير 2016، يبلغ تعداد المسلمين في بريطانيا ثلاثة ملايين و114 ألفا و992 نسمة، منهم ثلاثة ملايين و46 ألفا و6078 يعيشون في إنجلترا أو ويلز.
وكإجراء احترازي، قامت جميع المساجد في المملكة المتحدة بتحديث إجراءاتها لاستقبال المصلين خلال شهر رمضان، الثاني في ظل تفشي جائحة فيروس كورونا.
ومع تخفيف القيود الصارمة المفروضة في إنجلترا بفضل تقدم حملة التطعيم الجماعي، رحب المسجد المركزي لريجنت بارك، الأكبر في المملكة المتحدة وواحد من أكبر المساجد في أوروبا، مرة أخرى، بأداء الصلوات بمناسبة الشهر الفضيل مع اتخاذ الاحتياطات المناسبة.
من جهة أخرى، حث مدير وكالة الصحة العمومية في إنجلترا، ديفيد ريجان، أفراد الجالية المسلمة على “الحفاظ على مواعيد” الجرعة الثانية من لقاح “كوفيد-19″، مؤكدا بأن هذه الأخيرة “لن تبطل الصوم”.
وكواحدة من أفضل 15 دولة نجحت في حملة التطعيم، قامت المملكة المتحدة بتلقيح ما مجموعه أزيد من 48 مليون شخص ضد “كوفيد-19″، من بينهم أكثر من 34 مليونا تلقوا الجرعة الأولى وأكثر من 14 مليون شخص تلقوا جرعة ثانية.