بقلم: يونس التايب
وأنا أسير في شوارع مدننا أو ألج فضاءات عمومية مختلفة، للتنزه أو التسوق أو في طريقي إلى العمل، أصبحت قريبا من الاقتناع أن منظمة الصحة العالمية، ربما، قد تكون أعلنت أن فيروس كورونا اختفى من على سطح الكرة الأرضية، و أنا و معي بعض الحالات الفردية النادرة، لا نزال لم نسمع عن تلك المعلومة شيئا.
لذلك، رجاء أخبروني هل انتهت كل المخاطر المرتبطة بالفيروس و لم تعد تظهر سلالات جديدة خطيرة، متحورة عن الفيروس الأصلي ؟ نعم أم لا … ؟
طيب، إذا كان الجواب هو لا، لماذا نرى غالبية الناس قد تحللوا من واجب حفظ أنفسهم من خطر العدوى، و توقفوا عن احترام أبسط الإجراءات الاحترازية الوقائية ؟ ألم تخبرنا السلطات العمومية المغربية، و مصالح وزارة الصحة، في بداية الحملة الوطنية للتلقيح، أنه لا حل للأزمة الوبائية إلا بالانتهاء من تلقيح كل المواطنين، أو على الأقل نسبة تتجاوز 80% ؟ ألم يقولوا لنا بوضوح أنه لا يجب العودة للتصرف بشكل عادي و طبيعي كامل، قبل تحقق شرط التلقيح الشامل و المناعة الجماعية ؟
ماذا تعني، إذن، كل السلوكات التي نراها في الشارع و الفضاءات العامة، بينما الواقع هو أن الناس لا زالوا يموتون بسبب فيروس كورونا، في بلادنا و في العالم ؟ كيف يعقل أن يكون وعينا المجتمعي ب “قصوحية الراس” التي تجعلنا متشبثين بعدم التعامل و لو بالحد الأدنى المطلوب من احترام إجراءات وقائية بسيطة لمواجهة مخاطر وباء لا يزال يجري بيننا ؟
لماذا نرفض الاستثمار بشكل ذكي في ما حصلنا عليه من “ظروف التخفيف” من الحجر الصحي، و ما صاحبه من رفع لعدة قيود على الحركة، حتى نساهم في أن تستمر الحياة الاقتصادية و الاجتماعية بوتيرة مقبولة في انتظار عودة الحياة إلى طبيعتها كليا ؟ لماذا نرفض إبقاء الحيطة و اليقظة من الفيروس في سلوكاتنا في الحياة العامة و نترك الناس “تاكل طرف الخبز” بهدوء ؟ ألهذا الحد نحن مصرون على عدم الاستفادة من دروس الجائحة الوبائية التي أصابتنا، و أصابت العالم، منذ بداية 2020 ؟
مرة أخرى، يظهر أن المشكل الذي عانينا منه منذ بداية الجائحة، على مستوى التواصل المجتمعي، لا زال مستمرا بشكل غريب، و أن وعي المواطنين بالمسؤوليات التي تقع على كاهلهم، و إدراكهم لالتزاماتهم في الحرب القائمة ضد جائحة كوفيد19، يظل في مستويات ضعيفة لا تعي أن خطر عودة الوباء بقوة ليتسيد الواقع و يوقف الحياة من جديد، و تعود معه القرارات الصارمة الضرورية لتضييق الحركة و فرض قيود مختلفة لحماية صحة المواطنين، هو خطر قائم و محتمل الحدوث إذا استمر ما نلاحظه يوميا.
صراحة، رغم كل التفاؤل الذي أحاول أن أحمله و أنشره، أجدني قلقا من إمكانية أن تفاجئنا أرقام إصابات مهمة، خلال النصف الثاني من شهر يوليوز و بداية شهر غشت، بسبب الأجواء الحالية لفترة العطلة وكثرة التحرك داخل المدن و بينها، والتكدس الحاصل في الفضاءات العامة و في أماكن التنزه و الاستجمام، دون أي احترام لواجب التباعد الجسدي أو على الأقل وضع الكمامة في حالة الازدحام، و ذلك أضعف الإيمان. بل أظن أن هنالك، من الآن، مؤشرات على عودة منحى ارتفاع طفيف في الإحصائيات، و قد يكون القادم أكثر إثارة.
لذلك، يجب أن يفهم الناس أن الحقيقة العلمية الوحيدة الثابتة حتى اليوم، هي أن الفيروس متمرد على كل القواعد الوبائية المعروفة، و هو مصر على الظهور في شكل سلالات متحورة جديدة، في عدة مناطق من العالم، بشك