أخبار الدارسلايدر

عسكر الجزائر يستجدي الشرعية الشعبية عبر قطع العلاقات مع المغرب

الدار- خاص

يثير رد النظام العسكري الجزائري على اليد المغربيّة الممدودة بـ”إعادة النظر” في علاقاتها مع الرباط بعد اتهامها، ظلما، بالتورط في الحرائق الضخمة التي اجتاحت شمال البلاد، الاستغراب، والغثيان، غير أن رفض هذا النظام الاستجابة للدعوة الكريمة من جانب المغرب، يكشف في الوقت ذاته عمق الأزمة التي يعيش النظام الجزائري في ظلّها والتي تجعله في حال من التخبطٌ والتيه المزمنين.

محاولة عسكر الجزائر الصاق تهمة احراق منطقة القبايل، بالمغرب، تعبير عن مدى عجز النظام وعقمه من جهة، وعمق القطيعة القائمة بينه وبين الشعب الجزائري من جهة أخرى. ان قطيعة النظام الجزائري هي مع الشعب الجزائري وليست مع المغرب، كما يعتقد بعض قاصري النظر.

ويدفع النظام العسكري الجزائري نحو افتعال أزمة كبرى مع المغرب لعلّ ذلك يعفيه من مساءلة ومحاسبة حقيقية أمام الشعب الجزائري. واذا كان عسكر قصر “المرادية” يظنون بأن افتعال أزمة مع المغرب سيعفيهم من المساءلة، فإن الشعب الجزائري ليس بالسذاجة التي يظنّها لتنطلي عليه ألاعيب الجنرالات.

النظام العسكري الجزائري عاجز لحد الآن عن اختلاق خطر خارجي غير موجود أصلا، فالموجود هو المرض الذي يعاني منه النظام الذي يرفض الاعتراف بانّه مفلس سياسيا واقتصاديا وفكريّا وأنّ عليه الاستفادة من المغرب ومن التعاون معه بدل الاستمرار في ممارسة لعبة لا يعرف غيرها. اسم هذه اللعبة تصدير الأزمة الداخلية الجزائرية إلى خارج الحدود، في لعبة سمجة بات القاضي والداني على اطلاع بتفاصيلها.

سبق للمغرب، بتوجيهات من جلالة الملك محمّد السادس، ومن منطق الجوار والأخوة، أن عرض مساهمة طائراته في إطفاء الحرائق في الجزائر. تجاهلت الجزائر العرض مثلما تجاهلت تأكيدات جلالة الملك حرصه إعادة فتح الحدود المغلقة بين البلدين “التوأمين”.

واذا كان النظام العسكري الجزائري يحاول اتهام المغرب بالإساءة الى القضية الفلسطينية، فان هذا النظام المفلس يجهل أن المغرب أقام العلاقات مع إسرائيل في سياق سياسة متوازنة تخدم مصلحة الشعب الفلسطيني وقضيتّه، لأن كلّ ما يفعله المغرب، انّما يفعله من فوق الطاولة، وليس من تحتها، حيث لم يسبق أن تاجر المغرب بالشعب الفلسطيني وقضيّته يوما، كما أكد على ذلك بلاغ القصر الملكي بعد إعلان إعادة استئناف العلاقات والاتصالات الدبلوماسية مع إسرائيل.

لكل هذه الأسباب يثير البيان الأخير الصادر عن اجتماع استثنائي للمجلس الأعلى للأمن برئاسة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الاستهزاء والضحك، لأن نظام الكبرانات سمحوا لأنفسهم بدون وخز ضمير أن يتهموا المغرب بتشجيع جماعة “الماك” دون أدنى دليل، مما يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن ” هذه التهمة ليست سوى محاولة مكشوفة لتبرير الحرب التي تشنّها الجزائر بطريقة غير مباشرة على المغرب منذ استعادته أقاليمه الصحراويّة بطريقة سلميّة، ومنذ الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، وموقعة الكركرات التي أدارها المغرب بحكمة وتبصر.

وإذا كان النظام العسكري الجزائري يظن بأن الحل لامتصاص غضب الشعب الجزائري، هو تصدير الأزمة الى المغرب، و افتعال عدو خارجي مجهول الهوية، فان هذا النظام ضال مضل، و يسير بالبلاد الى الهاوية لا محالة، لأن الأزمة في الجزائر داخليّة. أزمة نظام مريض يظنّ أن التصعيد مع المغرب هو الحلّ في حين الحل يكمن في اعتماد التواضع والواقعية وامتلاك الجرأة على القيام بعملية نقد للذات والتخلّص في الوقت ذاته من عقدة المغرب، والبحث عن الشرعية الشعبية التي يفتقد اليها نظام الجنرالات.

فلا شرعيّة لنظام يقرّر العسكريون من هو رئيس الجمهوريّة وما هي مهمّة الرئيس الذي عليه التحرّك ضمن إطار معيّن مرسوم له مسبقا. لا شرعيّة لنظام لا علاقة له بما يدور على الأرض الجزائرية، نظام يعتقد ان في استطاعته خلق تماسك وطني بمجرّد التلويح بخطر مغربي لا وجود له أصلا.

زر الذهاب إلى الأعلى