أخبار الدار

بنعدي: الهمة تراجع عن الواجهة الحزبية لأنه لم يلمس نضجا لدى الطبقة السياسية

الدار/ حاوره: رشيد عفيف

يبرز حسن بنعدي أول أمين عام لحزب الأصالة والمعاصرة في هذا الحوار أن هناك تراكما إيجابيا داخل الأصالة والمعاصرة رغم سنوات التخبط والبحث عن الذات. وأوضح بنعدي أن هناك فئة واسعة من الشباب الذين عرفوا السياسة عبر الحزب ويتطلعون إلى نموذج أفضل يمكنهم إعادة تشكيله من جديد، محذرا من أولئك الذين يتكلمون داخل الحزب بدعوى أنهم مبعوثون من الدولة.

– ذكرت في الجزء الأول من هذا الحوار أنه كانت هناك مجموعة من الأشخاص داخل حزب الأصالة والمعاصرة بميولات تنزع نحو الهيمنة على المولود الحزبي الجديد في بداياته. هل تقصد هؤلاء الموجودون حاليا في قيادة الحزب؟

– نعم، وأنا أقول إنهم نجحوا نسبيا لأنهم لم يستطيعوا البقاء منسجمين كفريق. فحتى إلياس العماري الذي كان يتزعم هذا الاتجاه فرضت عليه الظروف الموضوعية المحيطة وبالخصوص الانتفاضات الاجتماعية أن يغير موقعه. وعندما غادر القيادة كان هناك من يعتبرون أنهم الأولى بالإرث. وفي جميع الحالات المشابهة لهذا الوضع تصبح الصراعات خاضعة لمنطق الحسابات الضيقة وتنعدم المبادئ. وعموما فرغم سنوات التخبط أو البحث عن الذات التي عاشها الحزب فهناك تراكم وتجربة ورصيد مهم من المنتخبين الذين عرفوا السياسة مع الحزب، ويمكن البناء عليه لتأسيس شيء إيجابي.

– هل يعني هذا أن هناك مخرجا لكي يعيد الحزب إحياء الفكرة التي نشأ من أجلها؟

– هناك أناس يحملون هذا الشعار. وأنا أعرف مجموعة من العناصر الذين لم يمارسوا أبدا السياسة قبل 2008. وعندما فتحوا أعينهم على السياسة فعلوا ذلك في حزب الأصالة والمعاصرة عبر تحمل مسؤوليات محلية أو جهوية داخل الحزب، أو تحمل مسؤوليات انتخابية في الجماعات أو البرلمان باسم الحزب. هؤلاء الذين تتراوح أعمارهم ما بين 35 و50 سنة بعضهم يتصل بي وكثيرا ما أقول لهم لديكم تجربة ورصيد سواء من ناحية ما أنتجه الحزب بما له وما عليه، أو من ناحية تجربتكم الشخصية، فما الذي يمنعكم من الالتقاء وتوضيح الأرضية بجد لمساءلة الواقع الحالي والحزبي وتجربتنا الديمقراطية وانطلاقا من ذلك الاتفاق على مجموعة من الأولويات "من نحن وماذا نريد"، وتنطلقوا من الإرادة المشتركة لكم بكامل المسؤولية والحرية. وأظن أن هذا الأمر ممكن ولكن بشرط الخروج من وصاية فلان أو علان. هؤلاء الناس الذين سبقوا وتحملوا المسؤولية يمكنهم المساهمة بالنصيحة والتوجيه ولا يجب أن يسعوا إلى مسك الخيوط لأننا سنقع دائما في فخ كذبة من الكذبات التي راجت في حزب الأصالة والمعاصرة حين يدعي أحدهم أن يمسك الخيوط بالنيابة عن السلطة أو عن فلان. هذا كلام لا أصل له. وهناك من يستغلونه في حزب الأصالة والمعاصرة.

– تقصد أولئك القياديين الذين يخاطبون أعضاء الحزب بأنهم يتحدثون باسم الدولة، أليس كذلك؟

– نعم. لقد تراجع فؤاد عالي الهمة عن العمل في الواجهة الحزبية لأنه رأى أنه لا يوجد نضج في الطبقة السياسية ككل، كي تتعامل معاملة عصرية مع المؤسسة الملكية. كثير من المغاربة يخطئون في تقدير هذه المسألة. يجب أن نتحلى بالشجاعة الكاملة لكي نتساءل عن طبيعة المؤسسات السائدة في البلاد. كلنا نعلم أننا نعيش في ظل نظام ملكي دستوري، وبعد عهد الحسن الثاني أصبح نظاما ملكيا دستوريا يطمح إلى الحداثة. وبالتالي فعندما يخرج أحد المستشارين أو أصدقاء الملك للمساهمة في العمل السياسي فإن المسألة تعتبر قيمة مضافة للعمل السياسي بصفة عامة، وليست لا تدخلا ولا تحكما، بل على العكس فإن الذين يرفضون تحديث فكرهم يدعون هذا التحكم لأنهم يستفيدون منه ولدي أمثلة كثيرة. لقد عشت طويلا في التنظيم النقابي في الاتحاد المغربي للشغل وأذكر أن الكثير من الأمور لم تكن تقرر أو تتم دون توافق مع الملكية، وقد كانت القاعدة آنذاك هي التكتم والإطار المحدود، لكن نحن اليوم في عهد الشفافية ولم يعد من الممكن إخفاء شيء. وعندما يأتي زعيم ويقول لولا الحسن الثاني لما كنا لنكون، ولولا محمد السادس ما كنا لنكون، أليس هذا تحكما؟ حينها كان تحكما إيجابيا لأنه في صالحهم. لقد وقعنا في هذه المشكلة لان هنالك عجز لدى الكثيرين على التخلص من رواسب الممارسات البالية.

– هل تقصد أن المشكلة تتعلق بالثقافة السياسية السائدة؟

–  نعم وهو مشكل نخبة غير قادرة على تحمل المسؤولية. وهي رواسب قرون من التأرجح بين نقيضين: إما الاستبداد، وإما "السيبة". وعندما يأتي بعض الشباب في بداية القرن الواحد والعشرين والذين يجسدون الإرث الملكي للمنظومة المخزنية ويطمحون إلى التعامل بمنهجية عصرية يخلق ذلك سوء التفاهم. وعندما جاء فؤاد عالي الهمة للبرلمان كل الهيئات البرلمانية وبدون استثناء حاولوا استقطابه إلى صفوفهم ولم يبدؤوا في الاستياء إلا عندما أعلن عن الرغبة في تأسيس إطار جديد. هنا بدأت مصطلحات "الوافد الجديد"و"التحكم"في الظهور، وبدأ الجدل حول استقلالية الأحزاب والحديث عن الأحزاب التي لا تملك حرية قرارها. وقد ذكر فؤاد عالي الهمة حينها في استجواب صحفي أنه لم يعد هناك "ديكودور" فالدولة إذا أرادت أن تعبر عن توجه ما فهي تقوله صراحة.

– من يتحمل مسؤولية سوء التفاهم المذكور، هل النخبة فقط أم الدولة؟

– حتى في هذا الاصطلاح ماذا نقصد بالدولة؟ الدولة مفهوم واسع يشمل القضاء والجيش والأمن ومختلف المؤسسات، هل يمكن أن نحملها أيضا المسؤولية. كما ذكرت لك فالأمر يتعلق بثقافة سائدة لدى نخب حزبية أولا تفر من مسؤولياتها وتعلقها على الآخر،ولا تؤمن ثانيا بحرية الإنسان ومسؤوليته. عندما أجريت استجوابا صحفيا في جريدة من الجرائد الوطنية بعد أحداث الحسيمة علق البعض من داخل و من خارج الحزب "لقد أوحوا إليه كي يتكلم"، و قال آخرون "لماذا هو غاضب ماذا يريد". لا أحد منهم قال ببساطة هذا الشخص يتكلم بضميره ويريد أن يعبر عن رأيه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثمانية + 17 =

زر الذهاب إلى الأعلى