طائرات “درون” المتطورة.. أمل المغرب في مكافحة حرائق الواحات والغابات
الدار/ هيام بحراوي
سيستعين المغرب بالطائرات المسيرة “درون” لمكافحة حرائق الغابات، خاصة في فصل الصيف حيث تجتاح موجة الحر عدة مناطق في العالم، متسببة في حرائق بأكثر من موقع.
وهذه هي المرة الأولى من نوعها التي تسخر فيها السلطات المغربية، هذه الآلية الحديثة، لرصد الحرائق و الإحاطة بمصدرها ومكانها، بهدف تحديد طريقة التعامل معها، مستفيدة من تجارب عدة دول عربية وغربية.
التدخل الإستباقي
المهندس محمد بنعبو، الخبير في المناخ والتنمية المستدامة، أوضح في تصريح لموقع “الدار” أن المغرب اليوم، وإنطلاقا من تجارب عدة سنوات وعقود سابقة، تبين أنه يمتلك الخبرة العلمية والتقنية الكافية، لكي يكون سباقا للتدخل في مجال مكافحة الحرائق بشتى أنواعها، سواء تعلق الأمر بحرائق الغابات أو حرائق الواحات، بفضل القوة المعلوماتية التي تمكن من مراقبة البؤر المرتقبة التي قد تكون منبعا للحريق.
وأشار الخبير المناخي، أن تجربة السنة الفارطة في غابات شفشاون، هي خير دليل على التدخل الإستباقي وكيف تمكنت السلطات وجميع المتدخلين من الخروج من الحادث المناخي الصعب بأقل الخسائر، خصوصا في الممتلكات والأرواح، لأنه وفي توقيت وجيز تمكنت فرق التدخل بجميع الإمكانيات، من وقف الحريق.
وبسبب ارتفاع درجات الحرارة والتغيرات المناخية وتوالي سنوات الجفاف، يضيف المتحدث، أصبحت مسألة الحرائق، مسألة مشتركة بين المغرب وبين جميع بلدان الحوض الأبيض المتوسط ، حيث يتقاسم المغرب خبراته اليوم ما مجموعة من الدول الصديقة ،من خلال التدخل ومشاركة القوات الجوية وجميع المتدخلين في مجال إطفاء الحرائق مع الإسبان والبرتغاليين، على سبيل المثال التدخل لإخماد حرائق جزر مالطا ، وبالتالي اليوم مع استعمال الطائرات المسيرة “الدرون”، يضيف الخبير المناخي المتخصص في الهندسة البيئية، ستصبح السلطات المحلية سريعة أكثر في التدخلات الاستباقية، في مسألة مواجهة هذه الظاهرة.
“درون” لرصد الحرائق
تعد ظاهرة الحرائق في المغرب من الظواهر المحتملة في فصل الصيف، وبحسب المهندس محمد بنعبو، فإنه في شهر ماي، “من المفروض أن مجموعة من اللجان الإقليمية والجهوية قد عقدت اجتماعاتها من أجل الاستعداد لموسم الصيف المعروف بإرتفاع درجة الحرارة ، مع احتمالية نشوب حرائق في بعض المناطق وهذه المسألة أصبحت بديهية”، ولكن مع التنسيق الجيد مع جميع الشركاء و السلطات المحلية و جميع المتدخلين، سيكون الوضع على ما يرام، حسب المصدر ذاته، خاصة بعد اعتماد تقنية “درون” التي يضيف ، سيتم استعمالها في مجال رصد الحرائق والتي سبق واستعملها في مجالات أخرى .
هذه التقنية أثبت نجاحها في عملية في تجارب سابقة بدول صديقة، مشيرا أنه في السابق ولا زال تتم مراقبة الوضع بالأقمار الاصطناعية، في المجال الغابوي والأماكن التي من الممكن أن تتعرض للحرائق سواء الحرائق المفتعلة أو الحرائق التي تكون مرتبطة بتغير درجة الحرارة بسبب التغير المناخي.
الوكالة الوطنية للمياه والغابات تتوفر على خريطة اليقظة سواء تعلق الأمر بحرائق الغابات أو بظواهر مناخية أخرى لأن المغرب اليوم ، حسب الخبير في المناخ، ملتزم وفق اتفاق باريس بعمل برنامج لمواجهة التغيرات المناخية ومواجهة الأخطار و الكوارث الطبيعية المحتملة.
شرعت المندوبية السامية للمياه والغابات في استعمال طائرات “درون” المجهزة بنظام تحكم لمراقبة المجال الغابوي، وميزة هذه الطائرات بحسب ما تم التصريح به، أنها مزودة بكاميرات حرارية ليلية، تستطيع التحليق على علو 3000 متر في مختلف الفصول بفضل مقاومتها للرياح والأمطار والثلوج.
وهذا النوع من الطائرات، تستخدم في المهام الصعبة والخطيرة، عكس الطائرة العادية، التي يجب أن تتزود بالعديد من الإحتياجات .
وتعطى هذه التقنية نظرة فريدة على الحرائق وتمكن رجال الإطفاء من تحديد المشكلة التي يتعاملون معها، فهي توفر صورة واضحة للحريق من جميع الجهات وتراقب عمليات الإطفاء وتخبر القوات بما يجب فعله.
والمبادرة الجديدة تدخل ضمن مشروع إدخال التكنولوجيا المتطورة للمجال الغابوي المرسوم بين 2021-2030 لمراقبة ورصد أي تحرك غيرقانوني بالجبال والتعجيل برصد أي حريق بمجرد وقوعه، إذ شرع في تنفيذ الفكرة بإقليم بولمان في انتظار تعميم المشروع على كل ربوع المملكة.
عبد الرحيم حومي، الكاتب العام للوكالة الوطنية للمياه والغابات، أوضح أن الطائرات المسيرة “الدرون” ستمكن من بلوغ و مراقبة الأماكن التي لا يمكن أن تصلها العناصر البشرية لرصد مصادر الحرائق، حتى تصل فرق الإطفاء إلى موقعها.
وذكر الكاتب العام في تصريحات إعلامية، أن هذه التقنية الجديدة، ستمكن من إحصاء عدد الأشجار المحروقة لرصد حجم الخسائر ومعرفة ما ينبغي اتخاذه من تدابير.
وأضاف أنه خلال السنوات السابقة كان يتم الاستعانة بطائرات “الهليكوبتر”، ولكن لم تكن هذه الأخيرة تعطي نتائج سريعة.
وستمكن طائرات “الدرون” رجال الإطفاء من إلقاء نظرة حول المشكلة التي يتعاملون معها، ومعرفة طبيعتها والصعوبات والمسالك التي قد يجتازونها للوصول لمكان الحريق بسرعة فائقة ، فهي تمنح صورة واضحة عن الحريق من جميع الجهات وتراقب عمليات الإطفاء و ترسل إشارات حول الوضعية.
وكانت الوكالة الوطنية للمياه والغابات ، قد عقدت اجتماعا مؤخرا، جمع جميع المتدخلين، لتقييم جميع أدوات التدخل لمحاربة الحرائق وأخذ المعلومات الكافية لاستعدادات البلاد لمحاربة آفة حرائق الغابات.
أوضح جمال أقشباب، رئيس جمعية أصدقاء البيئة بإقليم زاكورة، أن مسألة التدخلات لإخماد الحرائق، تواجهها في بعض الأحيان صعوبات مثل صعوبة ولوج الشاحنات أو رجال الوقاية المدنية لمكان الحريق ، وهناك بعض الأماكن التي لا تصلها طائرات إطفاء الحرائق ولكن مع طائرات “الدرون” ، يقول سيتم مراقبة جميع النقط وجميع الأماكن التي قد تكون مصدرا للحرائق .
يهدف المخطط الرئيسي لمحاربة والوقاية من حرائق الغابات الذي أعلنت عنه وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات ، إلى اتخاذ إجراءات متناسقة وفعالة من أجل السيطرة على هذه الآفة عبر إعداد آليات الاستشعار تسمح بتقييم درجة الخطورة وتسمح أيضا باستباق إمكانية حدوث الحرائق من خلال التدابير الوقائيّة والردعيّة المناسبة.
وحسب إستراتيجية المخطط، فإن الهدف الأساسي يتجلى في تحسين نجاعة التجهيزات ووسائل التدخل و تعزيز القدرات التقنية للطاقم المكلف بحماية الغابات من الحرائق. حيث يقوم قطاع المياه والغابات وبشكل سنوي وبشراكة مع مجموع الفاعلين المعنين خاصة الوقاية المدنية، والدرك الملكي، والقوات المسلحة الملكية، والقوات المساعدة، والسلطات المحلية ووزارة التجهيز والنقل، والمكتب الوطني للمطارات، بتنفيذ برنامج عمل لمحاربة والوقاية من حرائق الغابات والذي يرتكز على المكونات الثلاثة الآتيّة: الوقاية وتحسيس المواطنين و تعزيز حراسة الغابات المتواجدة في المناطق الأكثر عرضة للحرائق . وتدعيم شبكة المواصلات من أجل تحسين التبليغ عن الإنذار والتنسيق بين مختلف المتدخلين وإعداد النسخ الأولى من الخرائط الخاصة بمخاطر حرائق الغابات على مستوى المديريات الجهوية.