المغرب واسبانيا يمران الى السرعة القصوى لمواجهة “الإرهاب” و الهجرة السرية
الدار- المحجوب داسع
عديدة هي التحديات الأمنية التي تواجه المغرب واسبانيا بحكم موقعها الجغرافي على ضفتي المتوسط، مما يحتم على البلدين الجارين تكثيف تعاونهما الثنائي لمواجهة التهديدات الإرهابية، والحد من تحركات شبكات التهجير والاتجار بالبشر.
وتنظر اسبانيا إلى المغرب كشريك موثوق به في مجال الحفاظ على أمنها الحدودي، والحد من الهجرة غير النظامية، وهو ما تؤكده التصريحات التي تصدر عن كبار المسؤولين الاسبان، الذين سعوا الى تجاوز الأزمة الدبلوماسية مع المغرب، كما أن المكانة المتميزة، والمصداقية التي تتمتع بهما المملكة على الصعيد الإقليمي والدولي، كشريك أساسي في تحقيق الأمن والاستقرار الدوليين، دفع بالعديد من المسؤولين الأمنيين الأوروبيين الذين زاروا الرباط، مؤخرا، الى إبرام اتفاقات حسن النوايا، مثلما حدث مع محافظ شرطة الأراضي المنخفضة، أو الراغبين في تطوير التعاون الأمني كما هو الشأن بالنسبة للمدير العام للشرطة الاتحادية الألمانية.
وترتبط الرباط ومدريد باتفاقية تتعلق بالتعاون في مجال مكافحة الجريمة، التي جرى توقيعها الأربعاء 13 فبراير 2019، بقصر الضيافة بالرباط، من طرف وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت ونظيره الإسباني، فرناندو غارندي- مارلاسكا كوميث، وذلك خلال حفل ترأسه الملك محمد السادس والملك فيليبي السادس.
وتهدف هذه الاتفاقية إلى تطوير التعاون بين الجانبين في مجال محاربة الجريمة بمختلف أشكالها، لاسيما المس بحياة الأشخاص وسلامتهم الجسدية، والاحتجاز القسري والاختطاف، وجرائم الممتلكات، والاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية، والاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية، والاستغلال الجنسي للأطفال، إلى جانب إنتاج المواد الإباحية التي تشمل الأطفال أو توزيعها أو حيازتها.
كما تشمل هذه الاتفاقية، أيضا، مكافحة الابتزاز، والسرقة، والتهريب والاتجار غير المشروع في الأسلحة، والذخائر، والمتفجرات، والمواد المشعة، والمواد البيولوجية أو النووية، والسلع ذات الاستخدام المزدوج، ومواد أخرى خطيرة، بالإضافة إلى غسيل الأموال والمعاملات المالية غير المشروعة، والجرائم الاقتصادية والمالية، وتزوير وتزييف وسائل الدفع والأوراق المالية، فضلا عن توزيعها واستعمالها.
كما تنص الاتفاقية على التعاون في مجال مكافحة الجرائم ضد الأعمال الفنية ذات القيمة التاريخية، وكذا سرقة والاتجار الغير مشروع في التحف الفنية والقطع القديمة، والسرقة والاتجار غير المشروع، والتزوير، والاستخدام التدليسي لوثائق المركبات ذات المحرك، وتزوير والاستعمال التدليسي لوثائق الهوية، والجرائم السيبرانية، فضلا عن الجرائم ضد الموارد الطبيعية والبيئة.
في الـ18 من يونيو الماضي، قام عبد اللطيف حموشي، المدير العام للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني، بزيارة الى اسبانيا قادما من الولايات المتحدة الأمريكية، كمحطة جديدة في إطار زيارات العمل التي يقوم بها لتدعيم التعاون الثنائي ومتعدد الأطراف بين المصالح الأمنية المغربية ونظيراتها الأجنبية.
وقد عقد عبد اللطيف حموشي خلال زيارته الى الجارة الايبيرية، جلسات عمل، وأجرى مباحثات مكثفة مع نظرائه في الأجهزة الأمنية والاستخباراتية الإسبانية، تناولت مختلف القضايا الأمنية ذات الاهتمام المشترك، والآليات الكفيلة بتدعيم وتطوير التعاون الثنائي بشكل يسمح بكسب رهان التحديات الأمنية في ضفتي المتوسط.
وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، قام بدوره بزيارة الى مدريد، يوم الأربعاء 15 يونيو المنصرم، حيث التقى بنظيره الاسباني فرناندو غراندي مارلاسكا، وتناولا العديد من القضايا المرتبطة بالأمن، وبالتعاون الثنائي في مجالات مختلفة من بينها مكافحة الهجرة غير الشرعية والإرهاب.
ومن بين أهم الملفات الحساسة التي تستأثر باهتمام المغرب واسبانيا في مجال التعاون الأمني، نجد ملفي “الإرهاب” و “الهجرة غير النظامية”، وهو ما اتضح في اللقاء الأخير، المنعقد بمدريد، الذي جمع عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، بنظيره الإسباني فرناندو غراندي مارلاسكا، والذي تطرق بالأساس الى الملفات المشتركة في مجال الداخلية، خاصة محاربة الإرهاب والهجرة غير الشرعية وتهريب المخدرات.
مدريد أعربت على هامش هذا اللقاء عن رضاها عن مستوى التعاون الأمني مع الرباط، حيث نوه مارلاسكا بـ”العمل الممتاز الذي تم القيام به بشكل مشترك بين قوات الأمن المغربية والإسبانية”، مؤكدا بأن ” تبادل المعلومات العملياتية هو مفتاح لمكافحة الهجرة غير النظامية وتفكيك المنظمات الإجرامية المخصصة لتهريب المهاجرين”.
كما انعقد اجتماع المجموعة المشتركة الدائمة المغربية-الإسبانية حول الهجرة، الجمعة 6 يونيو الماضي، بالرباط، برئاسة مشتركة لخالد الزروالي، الوالي مدير الهجرة ومراقبة الحدود بوزارة الداخلية، و خيسوس بيريا كورتيخو، كاتب الدولة في الهجرات.
وقد تقرر، بحسب ما جاء في بيان مشترك، تعزيز آليات التنسيق وتبادل المعلومات، لاسيما من خلال، تجديد صيغ العمل المشترك على مستوى مراكز التعاون في ميدان الشرطة، وضباط الربط، والدوريات المشتركة.
في سياق متصل، تنص خارطة الطريق الجديدة الموقعة بين المغرب واسبانيا، على هامش الزيارة الأخيرة لرئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، الى المغرب، على إعادة إطلاق وتعزيز التعاون في مجال الهجرة، وهو ما تجسد في اجتماع الفريق الدائم المغربي الإسباني حول الهجرة.
وبغية إعطاء دفعة قوية للتعاون الأمني المغربي-الاسباني، يقوم وفد إسباني بقيادة المدير العام للشرطة الإسبانية، فرانسيسكو بارادو، بزيارة الى المغرب، تمتد ليومين، يلتقي خلالها مسؤولين أمنيين مغاربة، لتعزيز التعاون الثنائي والتباحث حول القضايا الأمنية ذات الاهتمام المشترك.