مقاطعة زعماء عرب لقمة الجزائر..مرآة تعكس عزلة نظام “الكابرانات”
الدار- خديجة عليموسى
قبيل أيام من انعقاد القمة العربية بالجزائر، ارتفع عدد القادة والزعماء غير المشاركين فيها، من ضمنهم على الخصوص محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، والشيخ نواف الأحمد الصباح، أمير الكويت، ومحمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، وهيثم بن طارق، سلطان سلطنة عمان، وحمد بن عيسى آل خليفة، ملك البحرين، وأيضا الرئيس اللبناني، ميشال عون.
ولعل “غياب ملوك وأمراء دول الخليج وغالبية الرؤساء العرب سيجعل من القمة العربية المرتقبة “فقاعة فارغة”، فحتى لفظ “قمة” سيفقد مدلوله، لأن القمة تعني حضور زعماء الدول حصريا، حسب أحمد نور الدين، خبير العلاقات الدولية.
تناقض فاضح وورقة ابتزاز
واعتبر نور الدين، في تصريح لموقع “الدار”، أن غياب الملوك والأمراء العرب يعود إلى “التناقض الفاضح الذي وقع فيه النظام العسكري الجزائري”. وزاد موضحا أن “هذا النظام من جهة يطرح شعار جمع شمل البلدان العربية، وهو يقصد على الخصوص مصالحة سوريا مع دول الخليج وعودتها إلى الجامعة العربية، ليس حبا في سوريا ولكن حتى تستعمل هذه الورقة لابتزاز موقف سوري ضد المغرب في قضية الصحراء المغربية، ومن جهة أخرى ترفض الجزائر أي وساطة عربية لحل أزمتها مع المغرب وإعادة العلاقات الدبلوماسية التي قطعتها بشكل أحادي ودون مبرر في غشت 2021”.
وتابع خبير العلاقات الدولية أنه “من المعروف أن دول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية قامت بمبادرة للمصالحة بين المغرب والجزائر، ولكن الجزائر رفضت بشكل أرعن، حيث لم تكتف بإبلاغ رفضها بالقنوات الدبلوماسية بل أعلنت ذلك على لسان الرئيس الجزائري تبون، وعلى لسان وزير خارجيته رمضان العمامرة، أكثر من مرة في وسائل الإعلام”، وفي ذلك، بحسب نور الدين “إحراج، بل وإهانة للدول التي قامت بمساعي الوساطة، وتحديدا السعودية والكويت”.
محاولات لتلميع وجه العسكر الكالح
وأشار المتحدث ذاته إلى سقوط مزاعم الجزائر في جمع الشمل، موردا بأن الدول العربية تأكدت “أن الجزائر تحاول استغلال هذه القمة والركوب عليها لتلميع وجهها العسكري الكالح بعد الحراك الشعبي الجزائري، الذي فضح حقيقة هيمنة الجنرالات على كل تفاصيل الحياة السياسية بالجزائر”.
واستطرد نور الدين في تفكيك أسباب فشل “قمة الجزائر” بالقول “لقد أصبح واضحا أن الجزائر كانت تطمح إلى العودة للمنتظم الدولي، وفك عزلتها الدولية من بوابة القمة العربية. وقد بدت هذه العزلة واضحة خلال الاستعراض العسكري الذي نظمته يوم 5 يوليوز الماضي، في الذكرى 60 لاستقلالها، حيث لم يحضره سوى ثلاثة أو أربعة رؤساء بمن فيهم الرئيس التونسي قيس سعيد الذي قايض حضوره بفتح الحدود البرية المغلقة أمام مليوني سائح جزائري وبصفقات الغاز والسكر وقرض ب300 مليون دولار. بينما اعتذرت كل الدول بما في ذلك دول الجوار وعلى رأسها موريتانيا ومالي”.
انتكاسة ونظام بئيس يستجدي قادة العرب
وأضاف أن “السيناريو نفسه يتكرر في القمة العربية”، مشيرا إلى أنه رغم التعبئة الواسعة التي قامت بها الجزائر لضمان حضور وزان لزعماء الدول العربية، حيث زار الرئيس الجزائري البلدان الخليجية ومصر ولبنان لاستجداء حضورهم إلى هذه القمة، إلا أن النتيجة كانت مقاطعة القادة لهذه القمة”.
ويرى أحمد نور الدين أن مقاطعة الملوك والأمراء والرؤساء العرب لقمة الجزائر ستشكل انتكاسة حقيقية للنظام العسكري الجزائري “لأنه سيظهر بمظهر نظام بئيس محاصر وبدون وزن سياسي أو دبلوماسي”، وفق تعبيره.
واعتبر الباحث ذاته ضمن تصريحه لـ”الدار” أن هذه المقاطعة بمثابة “مرآة تعكس الحجم الحقيقي للنظام الجزائري، وتعكس العزلة التي يتخبط فيها وذلك بسبب سياساته العدوانية تجاه المغرب، وهو ما يهدد الأمن القومي العربي في جناحه الغربي، بأيدي دولة عضو في الجامعة العربية وهي الجزائر”.
كما لفت نور الدين الانتباه إلى أن ما تقوم به الجارة الشرقية ضد المغرب “أمر يتعارض مع الأسس والمبادئ التي قامت عليها الجامعة العربية والتي تسعى إلى الوحدة والتضامن وإنشاء سوق عربية مشتركة وفتح الحدود لتنقل المواطنين دون قيود، وتشجيع المبادلات”.
وبعدما ذكر بأن الجزائر عرقلت وجمدت الاتحاد المغاربي، وقطعت علاقاتها مع المغرب، وأغلقت الحدود البرية ومنعت الطيران المغربي من عبور أجوائها، فضلا عن تمويلها للانفصال واحتضانها وتسليحها لميلشيات تحارب المغرب، وتجنيد دبلوماسيتها في المنظمات الدولية للإساءة للمغرب، تساء نور الدين كيف لمثل هذه الدولة أن تستقبل قمة جمع الشمل العربي “وهي تشتت شمل جيرانها وهم أولى بالمصالحة ولم الشمل؟”.
الجزائر تتورط في دعم إيران
ويرى نور الدين أنه من ضمن أسباب مقاطعة ملوك وأمراء دول الخليج، توفر هذه الأخيرة عللا “أدلة كافية تفيد بدعم الجزائر لإيران ضد مصالح الأمن القومي الخليجي”، وزاد مفسرا أنه “لا يمكن أن ننسى رد الفعل المباشر للجزائر بعد القمة المغربية الخليجية في الرياض أبريل 2016، حيث أوفدت الجزائر بعد أقل من أسبوع، ثلاث مبعوثين، هم رئيس الحكومة سلال ووزير الخارجية العمامرة والوزير المنتدب لدى الخارجية مساهل، إلى كل من روسيا وإيران وسوريا، في إشارة واضحة إلى دعمها لمحور الشر المعادي”.
وتابع نور الدين “هذا أمر ليس جديدا، فخلال الحرب العراقية الإيرانية كان النظام الجزائري هو الوحيد الذي يدعم طهران، ضدا على الإجماع العربي في دعم العراق”، مشيرا إلى أن الخميني كان يرفع آنذاك شعار إعادة فتح مكة، مع ما يعنيه من اجتياح لدول الخليج ونشر لايديولوجية طائفية معادية للدول العربية كلها وليس العراق فقط.
ونبه الخبير في العلاقات الدولية إلى أن النظام الجزائري يهدد الأمن القومي العربي، ليس فقط من خلال محاولة إشعال فتيل الانفصال في الصحراء المغربية وقطع العلاقات والتصعيد العسكري، بل أيضا من خلال تحالفاته مع دول تعادي الأمة العربية وتهدد أمنها القومي، وعلى رأسها إيران التي تهدد الأمن العربي بتواجد ميليشياتها اليوم في العراق واليمن ولبنان وسوريا، مؤكدا على الجزائر “غير مؤهلة لتنظيم أي قمة عربية”.