أخنوش يقدم وصفة الحكومة لتدبير الأمن المائي للمغاربة..هذه تفاصيلها
الدار- خاص
قدم عزيز أخنوش، رئيس الحكومة تشخيصا دقيقا لوضعية الموارد المائية بالمغرب، وقال خلال جلسة مساءلته بمجلس النواب، في إطار جلسة الأسئلة الشهرية اليوم الاثنين، إنه “رغم المكتسبات العديدة التي حققتها السياسة المائية الوطنية، لازالت هناك تحديات وإكراهات عديدة ترتبط أساسا بتأثير التغيرات المناخية، وما يترتب عنها من ندرة للمياه وانعكاسها الملموس على بيئة الإنسان وصحته، في ظل الارتفاع المهول لدرجات الحرارة الذي يشهده العالم في السنوات الأخيرة، لا سيما في دول حوض البحر الأبيض المتوسط”.
وأشار أخنوش إلى تعرض المغرب لموجات متتالية من الجفاف، تظل أبرزها خلال الفترة ما بين 1940-1945 وبين 1980-1985، قبل أن يستدرك “غير أن الفترة الممتدة ما بين 2018 و2022 تبقى من بين أشد الفترات جفافا على الإطلاق، حيث بلغ إجمالي وارداتها حوالي 17 مليار متر مكعب، وهو ما يشكل أدنى إجمالي للواردات خلال خمس سنوات متتالية في تاريخ المغرب”.
وتابع “هذا ما يفسر التراجع الكبير للتساقطات المطرية بـــ 50 % على الصعيد الوطني مقارنة مع معدل التساقطات الاعتيادي، ناهيك عن التباين المجالي الذي تعرفه نسبة التساقطات، حيث تتركز 51 في المائة منها في 7 في المائة فقط من المساحة الوطنية بكل من حوضي اللوكوس وسبو”.
ووفق المعطيات الرقمية التي جاءت على لسان أخنوش، فإن حجم المخزون المائي بحقينات السدود بلغ إلى غاية فاتح دجنبر الجاري، حوالي 3.82 مليار متر مكعب، أي ما يعادل 23.8 في المائة كنسبة ملء إجمالي مقابل 34.6 في المائة سجلت في نفس الفترة من السنة الماضية، مشيرا إلى أن متوسط الفرد من المياه سجل تراجعا كبيرا، حيث يقدر متوسط نصيبه في السنة بـ 620 مترا مكعبا.
وتوقع رئيس الحكومة أن ينخفض هذا المعدل إلى 560 مترا مكعبا سنة 2030 بفعل التزايد السكاني، بعدما كان في حدود 2560 متر مكعب في ستينيات القرن الماضي.
وبالموازاة مع التحديات الطبيعية التي تشهدها المملكة، يضيف أخنوش، تعرف الموارد المائية استغلالا مفرطا للمياه الجوفية، نتيجة استفحال سلوكيات استهلاكية غير مسؤولة، لافتا إلى أن أزيد من مليون متر مكعب من مياه نهر أم الربيع يتم يوميا استغلالها بصفة غير مرخصة، دون إغفال كون حوالي 40 في المائة من المياه تضيع عبر سيلانها من القنوات المائية، ناهيك عن إشكالية مصبات الأنهار في البحر.
ودعا رئيس الحكومة إلى التفكير في سبل تجميع هذه المياه وتوجيهها إلى المناطق الأكثر تضررا لمواجهة الخصاص الحاصل.
أخنوش، وضمن جوابه على أسئلة البرلمانين، أكد أن الحكومة تجاوبت بكل فعالية مع التوجيهات الملكية السامية الواردة في خطاب جلالته بمناسبة افتتاح هذه الدورة التشريعية، فيما يتعلق بتدبير الأمن المائي للمغاربة.
وتابع انه “وتنفيذا للتعليمات الملكية السامية، ووعيا باستعجالية التعاطي مع هذه الإشكالية، ستعمل الحكومة على تدبير شح الموارد المائية من خلال العمل على تعبئة مواردها وتحسين حكامة منظومتها، عبر إعادة هيكلة السياسة المائية وضمان حسن التنسيق بين مختلف المتدخلين، تعزيزا للنجاعة والانسجام بين الفاعلين، وحرصا على توفير توزيع عادل للموارد المائية بين مختلف الجهات، مع التنزيل المحكم لبرنامج بناء السدود وتحلية مياه البحر ومعالجة المياه العادمة ومياه الأمطار”.
كما قررت الحكومة، تماشيا والسياسة الملكية الحكيمة في هذا الشأن، يضيف أخنوش، تخصيص غلاف مالي يقدر ب 10,6 مليار درهم برسم ميزانية 2023 (بزيادة 5 ملايير درهم عن السنة الماضية) لتنفيذ مجموعة من المشاريع البنيوية والهيكلية.
وزاد أنه “ولتجنب السيناريو الأسوأ، فقد حرصنا على التتبع الحثيث لهذه الوضعية المقلقة، كما انكبت الحكومة على اتخاذ حزمة من الإجراءات ذات الطابع الإستعجالي، وفي مقدمتها إعطاء الأولوية للماء الصالح للشرب في المناطق المتضررة، خاصة على مستوى أحواض ملوية وأم الربيع وتانسيفت، والتصدي بحزم لمختلف التأثيرات السلبية الناجمة عن الجفاف كالهجرة القروية وتضرر سلاسل الإنتاج الفلاحي”.
وذكر أخنوش بأن الحكومة وضعت برنامجا استعجاليا لمواجهة إشكالية ندرة المياه، رصدت له غلافا ماليا بقيمة 3 ملايير درهم، يهم كافة الأحواض المائية المتضررة من نقص المياه، فضلا عن توقيع مجموعة من الاتفاقيات بين مختلف المتدخلين لإعادة توزيع العجز وتجاوز تبعاته. وهمت هذه التدابير أربعة أحواض مائية، ويتعلق الأمر بكل من حوض أم الربيع، وتانسيفت، وملوية، وجهة درعة تافيلالت، بكلفة إجمالية تقدر بــ 2,335 مليار درهم.
وتوقف أخنوش عند حوض أم الربيع، مشيرا إلى أنه تم الانتهاء من إنجاز قناة ربط شبكة مياه الشرب لشمال الدار البيضاء بجنوبه، إضافة إلى وضع المضخات التي مكنت من الشروع في استغلال الأجزاء السفلية لحقينة سد المسيرة، فضلا عن إطلاق طلب التعبير عن الاهتمام لإنجاز محطة تحلية البحر بجهة الدار البيضاء سطات، والتي ستكون في إطار شراكة بين القطاع العام والخاص، علاوة على التسريع في إنجاز محطة تحلية مياه البحر بآسفي، مشيرا إلى ان هذه المحطة ستساهم في توفير 30 مليون متر مكعب من الماء الصالح للشرب، منها 10مليون متر مكعب قبل متم سنة 2023. كما سيتم تأمين تزويد مدينة الجديدة بالماء الشروب، انطلاقا من محطة تحلية مياه البحر بالجرف الأصفر التابعة للمكتب الشريف للفوسفاط.
أما على مستوى حوض تانسيفت، يورد اخنوش، فقد تم اتخاذ تدابير استباقية همت إنهاء أشغال جلب المياه من سد المسيرة، وتأهيل شبكة التوزيع لمدينة مراكش لتلبية حاجياتها، ثم برمجة إنجاز 16 سد من السدود الصغرى والتلية، وتعزيز اللجوء إلى المياه الجوفية عبر إنجاز أثقاب جديدة لدعم التزود بالماء الصالح للشرب، مع تأهيل شبكة التوزيع لمدينة مراكش، ودعم تزويدها انطلاقا من سد مولاي يوسف.