أخبار الدارسلايدر

شكرا أسود الأطلس على منح إفريقيا والعرب الحق في الحلم

الدار/ افتتاحية

كم من الشكر يلزمنا لنوفي وليد الركراكي وأسود الأطلس حقهم بعد هذا الحلم السعيد الذي كنا ننعم فيه منذ 20 نونبر الماضي؟ لن تكفينا الكلمات ولا الجمل ولا الأشعار ولا التدوينات لتكريم هذا الجيل الذي صنع مجدا غير مسبوق للمغرب وإفريقيا والعالم العربي بعد كل هذه الانتصارات التاريخية في مواجهة منتخبات أوربية كبيرة، وبلوغ دور نصف النهائي لكأس العالم بقطر 2022 لأول مرة في تاريخ المنتخبات العربية والإفريقية. إنه حلم لا يريد أي مغربي أو عربي أن يستفيق منه، لكن العطاء المذهل الذي قدّمه الأسود في مباراة اليوم أمام فرنسا واستماتتهم إلى آخر دقيقة ومحاولاتهم بإصرار كبير على الخروج بشرف سيظلّ في ذاكرة كل الجماهير التي راودها حلم كأس العالم.

شكرا أسود الأطلس على إعادة الروح والثقة في المواهب المغربية والكفاءات الوطنية، ووضع أسس لأمل عريض في مستقبل كرة القدم ببلادنا. هذا الإنجاز التاريخي الذي أوصلنا إلى نصف نهاية كأس العالم لأول مرة في تاريخ الكرة الإفريقية والعربية سيظلّ مسجلا على سجلات المجد الرياضي لبلادنا بأحرف من ذهب. لقد كان المغرب أول منتخب عربي وإفريقي يتجاوز الدور الأول في سنة 1986 بمونديال مكسيكو وها هو ذا يحقق مرة أخرى إنجازا غير مسبوق بالوصول إلى نصف النهاية ويرفع سقف الطموحات الإفريقية والعربية ويفتح أمام المنتخبات من كل هذه البلدان آفاقا جديدة.

يستحق وليد الركراكي وأشباله كل الامتنان لأنهم منحوا إفريقيا والعالم العربي الحقّ في الحلم بأن تحقيق المستحيل ممكن، وأن منافسة ومقارعة الكبار في المربع الذهبي لكأس العالم ليس أمرا معجزا، بل هو متاح لكل منتخب يؤمن بقدرات أبناء الوطن ويضع الأطر الوطنية في المقدمة ويثق بإمكاناتهم وكفاءتهم، وينطلق من مخططات مدروسة لتحقيق النتائج على المستوى الدولي. ما أنجزه أسود الأطلس ساهم فيه الكثير من المتدخلين كان على رأسهم طبعا اللاعبون والمدرب، لكنه جاء أيضا بعد كل الجهود التي بذلت على مستوى التكوين والتأطير في أكاديمية محمد السادس لكرة القدم التي خرّجت جيلا مهما من اللاعبين أمثال نايف أكر ويوسف النصيري.

شكرا أسود الأطلس لأنكم كسرتم خرافة “المشاركة المشرّفة” التي كانت المنتخبات السابقة، سواء المغربية أو العربية، تتهافت على بلوغها، عندما كان الإقصاء من الدور الأول يعتبر في نظر الكثيرين إنجازا يستحق الفخر. منذ الآن لم يعد لمفهوم المشاركة المشرّفة وجود إذا لم يكن يعني بلوغ دور ربع أو نصف النهائي، أو تجاوزهما. شكرا أسود الأطلس لأنكم سوّقتم صورة مبهرة عن المغرب المتنوع والمعطاء والموهوب الذي ينسجم فيه لاعبون قادمون من مختلف الأندية المغربية والأوربية، تحت قيادة مدرّب محترف نجح في خلق سحر خاص ومميز لهذه النخبة التي كان يصعب في الماضي ترويض بعض عناصرها.

شكرا أسود الأطلس، ونقول لكم إننا راضون تمام الرضا وفخورون كل الفخر بما قدّمتموه لنا من فرح وسعادة وأمل سيكون له ما بعده. شكرا لأنكم أخرجتم أفضل ما في المغاربة من تآلف ووحدة وانسجام وشحنتم ما فينا من روح وطنية جارفة. شكرا لأنكم ملأتم شرفاتنا ونوافذنا بالأعلام الحمراء المزينة بالنجمة الخماسية الخضراء، وأعدتم إلينا فرصة تذوق حلاوة “ديما مغرب” و “سير سير” التي ستبقى شعارات خالدة، ليس فقط في أذهان المشجعين المغاربة، وإنما أيضا في تاريخ التشجيع الكروي لبطولات كأس العالم. شكرا لأنكم أيقظتم في أبناء الوطن العربي المترامي الأركان من الخليج إلى المحيط جذوة الانتماء إلى ثقافة وتاريخ وحضارة مشتركة.

شكرا لكم على كل هذه القيم السامية التي أبرزتموها إلى واجهة الشاشات العالمية عندما أصبح كأس العالم فرصة لتكريم الأمهات وتعزيز قيم الأسرة والإنسانية. شكرا لأمرابط وحكيمي وزياش وسايس والنصيري ورفاقهم المقاتلين الذين بذلوا أقصى ما لديهم من أجل أن ترفرف الراية المغربية خفاقة في سماء قطر وتظل مستمرة في الخفقان كقلوب المغاربة التي كانت ستظل تنبض بالحب لهذا الجيل الذهبي الذي صنع حلما لن نستيقظ منه أبدا.

زر الذهاب إلى الأعلى