هل حرمنا من نهائي كأس العالم بسبب فضيحة تحكيمية؟
الدار/ افتتاحية
الاحتجاج القوي الذي تقدمت به الجامعة الملكية لكرة القدم إلى الهيئة المختصة في التحكيم بالاتحاد الدولي لكرة القدم ضد الحكم المكسيكي الذي لم يحتسب ضربتي جزاء واضحتين للمنتخب الوطني يمثل خطوة ضرورية وهامة من الناحية التواصلية. صحيح أن هذا الاحتجاج لن يفضي بالضرورة إلى اتخاذ إجراءات يمكنها أن تؤثر على نتيجة المباراة التي حُسمت لكنه سيكرس على الأقل نوعا من الثقافة الجديدة على تدبير المشاركة المغربية في المسابقات الدولية التي كانت دائما تفتقد الجرأة على المواجهة مع الهيئات الدولية علما أن منتخباتنا سواء في رياضة كرة القدم أو غيرها لطالما تعرّضت للظلم التحكيمي مثلما حدث أيضا في مونديال روسيا سنة 2018.
لكن الأهم في هذا الاحتجاج الذي صدر اليوم أنه يؤكد أن الجامعة الملكية لكرة القدم قد لمست في تدبير تحكيم مباراة المغرب ضد فرنسا برسم نصف نهائي كأس العالم بقطر أن هناك ملامح مؤامرة واضحة كان الهدف منها هو إقصاء المنتخب الوطني وفسح المجال أمام المنتخب الفرنسي للعب النهاية أمام الأرجنتين. لو كان الأمر يتعلق بضربة جزاء واحدة لم يتم احتسابها لربما تم تفسير ذلك بأنه هفوة عابرة لحكم المباراة، لكن عندما يتعلق الأمر بضربتي جزاء واضحتين الأولى كان عرضة للخطأ فيها اللاعب سفيان بوفال والثانية ضد سليم أملّاح فهذا يعني أن القصد الجنائي كما هو متعارف عليه في لغة القانون قائم ولا بد من التحقيق فيه.
الجامعة الملكية لكرة القدم والجمهور المغربي ليس بصدد التباكي أو الشكوى من وضع تم الحسم فيه، وقد لا يعود إلى الوراء، لكن من حق منتخبنا الوطني أن يعرف حقيقة ما جرى، خصوصا أن مباراة يوم أمس، وعلى غرار مباريات كأس العالم كلها، كانت تحت قيادة فريق تحكيمي موازي في غرفة “الفار” والمراقبة البعدية، التي كان بإمكانها أن تتابع اللقطتين معا لتتحقق من وجود ضربة جزاء. إذ لا يُعقل أن يكون كل الخبراء الدوليون الذين رأوا في لقطة سفيان بوفال على الأقل ضربة جزاء واضحة مجمعين على باطل. صحيفة “ماركا” الإسبانية الشهيرة استغربت من عدم احتساب ضربة الجزاء ووصفتها بالواضحة. والأمر نفسه عبّر عنه لاعبون ومحللون دوليون من قبيل الحارس الإسباني إيكير كاسياس واللاعب الإنجليزي روي فرديناند.
هل راح المنتخب الوطني إذن ضحية فضيحة تحكيمية ستظل عالقة في الأذهان لسنوات؟ لن نبالغ إذا قلنا إن ملامح الفضيحة موجودة ما دام الخطأ قد تكرّر مرتين، وإذا عدنا إلى ضربات الجزاء التي تم إعلانها خلال مباريات سابقة من منافسات كأس العالم قطر 2022 سنلاحظ أن الكثير منها كانت أقل وضوحا من ضربة الجزاء التي لم تعلن لصالح سفيان بوفال، ومع ذلك حصلت عليها منتخبات أخرى واستطاعت من خلالها أن تقلب دفة المباراة والنتيجة لصالحها. ضربة الجزاء التي حصل عليها المنتخب الأرجنتيني على سبيل المثال في مواجهة كرواتيا لم تكن واضحة كثيرا، ومع ذلك كانت السبب في تغيير النتيجة ومجرى اللقاء لصالح المنتخب الأرجنتيني.
ماذا سيقول الحكم المسكيكي سيزار راموس وحكام غرفة الفار بعد كل إعادة مشاهدة اللقطتين موضوع الاحتجاج من زوايا أخرى؟ لا شك أنهم سيدركون بلا شك أنهم ارتكبوا خطأ قاتلا كان من الممكن أن يصحح مجرى المباراة ويعيد النتيجة إلى مسارها الطبيعي ويمكّن أسود الأطلس من حقهم في التهديف، بعد أن سيطروا تماما على الكرة وصنعوا جلّ الفرص التي شهدتها المباراة. إلى متى إذن سيظل المنتخب الوطني والمنتخبات الإفريقية والعربية ضحية للتحيّز التحكيمي الدولي في مثل هذه المنافسات؟ هذه مناسبة تاريخية لا بد أن تضع فيها الجامعة الملكية لكرة القدم وبدعم من الاتحاد الإفريقي لكرة القدم أسس التزام جديد من الهيئات الدولية لكرة القدم من أجل إنصاف المنتخبات التي كانت دائما تسقط ضحية للتحيز للمنتخبات الكبرى. ومن المؤكد أن التصعيد الذي يمكن أن يحدث إعلاميا وقانونيا ودبلوماسيا فيما يخص هذه الحادثة يمكن أن يشكل فعلا إنجازا آخر للمنتخب الوطني ولكرة القدم المغربية ينضاف إلى إنجاز التأهل لنصف النهائي، إذا انتزعنا اعترافا دوليا أو من طاقم تحكيم المباراة بوجود هفوة مفضوحة تنبغي محاسبة مرتكبيها.