الحسن الداكي: المسؤول القضائي اليوم مدعو لفهم التحديات الكبرى التي تعرفها السلطة القضائية بجميع مكوناتها
الدار/ هيام بحراوي
أكد الحسن الداكي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، في كلمة له في الدورة التكوينية لفائدة المسؤولين القضائيين الجدد، اليوم الإثنين، بالمعهد العالي للقضاء، أن المسؤول القضائي اليوم مدعو لفهم واستيعاب دقة المرحلة والتحديات الكبرى التي تعرفها السلطة القضائية بجميع مكوناتها، والانخراط التام بكل جدية وفعالية في كل البرامج التي تروم الرفع من جودة العدالة إلى جانب باقي الفاعلين لتحقيق النجاعة القضائية بمختلف صورها.
وأضاف الحسن الداكي ، ضمن أشغال هذه الدورة التكوينية المنظمة من طرف المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة بشراكة مع وزارة العدل لفائدة المسؤولين القضائيين الجدد، أن “المسؤول القضائي اليوم لم يعد يقتصر عمله فقط على تتبع النشاط القضائي بالمحكمة وتدبير الجلسات فحسب، بل إن دوره أصبح كصاحب المقاولة الذي يضطلع بمهام تدبيرية بالأساس تتطلب منه استحضار معايير الجودة والشفافية والمحاسبة والمسؤولية، والحكامة الجيدة، واتخاد القرارات الصائبة، وامتلاك المهارات اللازمة وإنتاج الآليات والمناهج الكفيلة بالتدبير الأمثل بما ينعكس إيجابا على نجاعة الأداء القضائي، وحسن تدبير الموارد البشرية والمالية المتاحة، وتملك آليات التواصل، وجعل العدالة قريبة من المواطنين، والتشبع بالقيم والأخلاقيات والتقاليد القضائية الراسخة، وتدبير الأزمات وحسم الخلافات بهمة عالية وبتواصل مباشر، مع تكريس مبدأ الباب المفتوح لاستقبال المرتفقين الراغبين في تقديم شكاياتهم أو تظلماتهم إليه”.
وشرح رئيس النيابة العامة في نص كلمته، أن انعقاد هذه الدورة التكوينية يأتي في إطار تفعيل ما نص عليه القانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة في مادته 51، التي جاء فيها على أن المسؤولين القضائيين يتلقون تكوينا خاصا حول الإدارة القضائية، كما يأتي انعقادها أيضا في سياق مطبوع بمجموعة من التحولات التي تعرفها منظومة العدالة ببلادنا خاصة بعد تنزيل المقتضيات الدستورية والقانونية والتدبيرية المؤطرة لها، هذا التحول الهام الذي لا يمكن أن تكتمل لبناته إلا بتأهيل الموارد البشرية والنهوض بالتكوين بمختلف أصنافه وصوره باعتباره أحد أهم المداخل الأساسية لتأهيل منظومة العدالة وجعلها قادرة على ترسيخ سيادة القانون والرفع من نجاعة أدائها وتقوية الثقة والمصداقية في النظام القضائي باعتباره الحصن المنيع لدولة القانون والرافعة الأساسية للتنمية.
ووجه الداكي ، كلماته للمسؤولين القضائيين، قائلا ” إذا كانت المهام القضائية على جسامتها، لن تشكل صعوبات كبيرة بالنسبة لكم، اعتباراً لمساركم القضائي وتجربتكم المهنية التي صقلتموها على مدار سنوات، فإن مهام المسؤول القضائي اليوم تقتضي الإلمام بمجال واسع ومضطرد التطور، هو مجال الإدارة القضائية الذي يندرج ضمن مجال علم التسيير والتدبير، الذي يتطلب مهارات أخرى ربما لم تسنح الفرصة لأغلبكم لاكتسابها من خلال الممارسة، فمجال الإدارة القضائية يتميز بعلاقات متشابكة داخلياً مع رؤسائكم ومرؤوسيكم، وأيضاً مع باقي منتسبي المهن القانونية والقضائية ومساعدي القضاء، والمجتمع المدني والسلطات المحلية والإعلام، مما يتطلب التحلي بالقيم القضائية، وإجادة تدبير الأزمات وحسم الخلافات، وتملك أساليب الحوار وفضيلة الانصات والتشاور ومد جسور التعاون والتواصل عبر إعطاء النموذج في النزاهة والمصداقية”.
كما أوضح المتحدث، أن الأمر يتطلب مواكبة آليات التدبير الحديثة، لاسيما التوفر على برنامج عمل واضح يجسد تطلعات المسؤول القضائي وما يطمح لتحقيقه في محكمته وفق برامج قابلة للقياس، وهذا ما يحتم عليه تتبع تنفيذ برنامج العمل عبر وضع لوحة قيادة تتضمن المهام المحددة وآليات التنفيذ وآجاله، وأيضاً مؤشرات واضحة تمكن من قياس مستوى الأداء، والمتابعة المستمرة للنتائج المحققة من الأهداف، وتقييم أداء جميع المرؤوسين، كما تتيح تقييم المشاريع بشكل مستمر، والتأكد من فعاليتها وفعالية الأهداف المراد الوصول إليها.
ونوه الداكي، بالجهود التي يبدلها كل من الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية و وزير العدل على حرصهما الشديد لرعاية هذه المبادرة التواقة إلى تنمية المهارات القيادية وتعميق المدارك المعرفية للسادة المسؤولين القضائيين الجدد.
يشار أن أشغال هذه الدورة التكوينية لفائدة المسؤولين القضائيين الجدد، حضرها إلى جانب الحسن الداكي، الرئيس الأول لمحكمة النقض، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية و وزير العدل و وسيط المملكة و أعضاء المجلس الأعلى للسلطة القضائية، إلى جانب الأمين العام للمجلس الأعلى للسلطة القضائية و المفتش العام للشؤون القضائية بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية و الكاتب العام لرئاسة النيابة العامة ووزارة العدل و الأمين العام للمجلس الأعلى للسلطة القضائية بالإضافة إلى رؤساء الأقطاب والمديرين والأطر لكل من المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة ووزارة العدل.
وفي الختام، جدد الحسن الداكي، الشكر للرئيس المنتدب على دعمه ومساندته للمبادرات الهادفة إلى تعزيز القدرات المهنية لقضاة رئاسة ونيابة العامة، ولوزير العدل على دعمه ومساندته للسلطة القضائية، متمنيا لهذه الدورة التكوينية الهامة أن تكون رافعة للمساهمة إيجابا في مساعدة المسؤولين القضائيين على أداء مهامكم القضائية والإدارية بالشكل المطلوب