مَن الخاسر مِن رفض الجزائر فتح مجالها الجوي أمام طائرة المنتخب؟
الدار/ تحليل
برفض السلطات الجزائرية السماح لطائرة المنتخب الوطني لكرة القدم العبور مباشرة في الأجواء الجزائرية نحو مدينة قسنطينة يكون نظام الكابرانات قد أكد لنفسه وللأفارقة وللعالم بأسره أنه نظام استمرأ العزلة ويفضل البقاء خارج منظومة العلاقات الدولية الطبيعية، ويصرّ على تحويل البلاد إلى جزيرة مقطوعة عن محيطها الجغرافي والقومي فقط بسبب مشاعر الحقد والحسد والغلّ الذي يكنّه للمغرب والمغاربة، ويظهر للعالم بذلك أنه نظامُ قطيعة لا يمكن البتّة التعويل عليه في تحقيق أي شكل من أشكال التعاون أو التكامل الإقليمي أو العربي. فإذا كانت عصابة العسكر قد رفضت عبور طائرة تقلّ مجموعة من لاعبي كرة القدم من أجل المشاركة في دورة رياضية مغمورة فكيف ستسمح بتعزيز أواصر التعاون السياسي والتكامل المغاربي؟
لقد أدان هذا النظام نفسه بنفسه على مرأى ومسمع من الجميع، وحشر هذا المثلث الجزائري في زاوية أضيق من تلك التي كان محاصرا فيها. ما هو هذا البلد العربي أو الإفريقي الذي سيرفض استقبال طائرة مدنية تقلّ فريقا لكرة القدم للمشاركة في دورة يُفترض أنها تنظم لتعزيز أواصر الصداقة والأخوة الإفريقية؟ لا يوجد عقل سياسي يمكنه اتخاذ قرار كهذا إلا نظام الكابرانات هذا، الموغل في أحقاده والغارق في أوهامه عن الزعامة التاريخية والريادة الإقليمية، في وقت بدأت فيه تحضيرات انطلاق كأس إفريقيا للمحليين بالعديد من الفضائح والمهازل. هذه مجرد خسارة جديدة لهذا النظام تنضاف إلى هزائم وخسارات سابقة حصدها في مواجهة المغرب في المعترك الدبلوماسي على كافة الأصعدة.
إن الكابرانات يعلمون علم اليقين أن إصرارهم على غلق المجال الجوي سيحرجهم أمام الاتحاد الإفريقي لكرة القدم الذي تُلزم لوائحه التنظيمية البلد المنظم بتقديم كل التسهيلات للمنتخبات المشاركة، لكن العنتريات الفارغة و”الراس الخشين” و”النيف” المزعوم لا تزال قيما قروسطية ورجعية تتحكم في صناعة القرار الأمني أو السياسي بالجزائر. إن هذا النظام مستعد لإنفاق آخر فلس من ثروات شعبه وهدم آخر بناء على أرضه فقط من أجل الاستمرار في الدعاية لهذه الأنفة المزعومة وهذه الانتصارات الوهمية التي يحصدها في بلاتوهات إعلامه الرسمي المجنون. فالطبيعي أن البلد الذي سينظم بطولة ككأس إفريقيا للمحليين سيكون حريصا كل الحرص على استقطاب كل المنتخبات المتأهلة، وعلى حضور المنتخبات التي بلغت مستويات متقدمة في ترتيب “فيفا” وحقّقت إنجازات كبرى في بطولات عالمية كما هو الحال بالنسبة للمنتخب المغربي الذي حقق إنجازا تاريخيا بالوصول إلى نصف نهائي كأس العالم بقطر.
وحده هذا النظام الأبله قادر ومستعد لنسف بطولة ينظمها فقط إرضاء لعناد طفولي يسيطر على رؤوس شنقريحة وتبون وقيادات العصابة العسكرية في المرادية. ولن نبالغ أبدا إذا قلنا إن الكابرانات كانوا ولا يزالون على استعداد لإلغاء استضافة هذه البطولة من أساسها لو فرض الاتحاد الإفريقي عليهم استقبال طائرة المنتخب الوطني بفتح المجال الجوي أمامها. نعم، هذه العقلية المتحجّرة قادرة على معاكسة كل اللوائح والتنظيمات، بل حتى كل قواعد وقوانين الطبيعة فقط من أجل مشاكسة المغرب ومحاولة تركيعه والإساءة إلى كبريائه ومكانته. لكن هيهات أن يحدث ذلك في ظل هذه اليقظة التي ظهرت على مسؤولي الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم. لقد كان من الممكن أن يسافر المنتخب المغربي عبر طرق ملتوية من بلدان أخرى إلى مدينة قسنطينة، لكن الطلب الذي قدّمته الجامعة للاتحاد الإفريقي كان تعبيرا عن نهاية التساهل المغربي مع هذه العجرفة الجزائرية التي تحاول النيل من بلادنا.
لن يقبل المغرب أبدا بعد اليوم أن تصل وفوده إلى الجزائر، سواء كانت رياضية أو سياسية أو غير ذلك، إلا عبر النقل الجوي المباشر بعيدا عن الطرق الالتفافية، لأن هذا هو النهج الطبيعي الذي يجب أن يحكم العلاقات بين البلدين خصوصا عندما يتعلق الأمر بوفود تشارك في مؤتمرات أو دورات أو بطولات هدفها الأساسي هو جمع الكلمة وتعزيز أواصر الصداقة والتعاون. ولهذا نقول لنظام الكابرانات، إن الخاسر الأكبر من عدم فتح المجال الجوي أمام أسود الأطلس هو بطولة كأس إفريقيا للمحليين، والبلد المنظم لها، الذي كانت أمامه فرصة التشرّف بمشاركة لاعبين ينتمون إلى بلد أصبح في مصاف القوى الكروية العالمية بعد مشاركة تاريخية غير مسبوقة في كأس العالم 2022 بقطر.