أخبار الدارسلايدر

حرب الزعامات تنهش ‏CDT‏ من الداخل وتهدد مصالح منتسبيها‎ ‎

أصبح من المسلم أن المشهد النقابي المغربي يعرف تحولات عميقة، وهو ما تعكسه التطورات التي يشهدها أحد مكوناته الرئيسية، ‏وهو الكونفدرالية الديموقراطية للشغل، التي لطالما اعتبرت المرجع في الممارسة النقابية، وبصمت نضالات الطبقة العاملة ‏المغربية بمحطات مفصلية لازال التاريخ يحفظها لها بقيادة زعيمها التاريخي نوبير الأموي‎.‎
فبعدما كانت الكونفدرالية في مرحلة مشرقة من تاريخها النصالي، غير متسامحة في استقلالية قرارها، وحريصة على وحدة صفها، ‏وتضع المصالح العليا للوطن فوق كل الاعتبارات، وكانت كلمتها مسموعة ويحسب لها ألف حساب، أصبحت اليوم، بعد رحيل ‏زعيمها نوبير الأموي سنة 2021، عرضة لصراعٍ على الزعامة ينهشها من الداخل، ويهدد مصالح الشغيلة التي تمثلها‎.‎
ففي سياق تحتاج فيه الممارسة النقابية الوطنية، إلى كثير من الوضوح، باتت للأسف هذه المركزية وفق مطلعين على مطبخها ‏الداخلي، تعيش على وقع الصراعات والتناقضات.. فلم يعد خافيا على أحد أن الظروف الصحية لزعيمها الحالي عبد القادر ‏الزاير، فرضت تناقضات صارخة داخلها، حيث أصبحت تسير برأسين كلاهما يتربص بالآخر في سباق الصراع على الظفر بقيادة ‏المنظمة‎.‎
ومن شواهد ذلك، أن الكونفدرالية هي المركزية النقابية الوحيدة التي تحضر كل الاجتماعات الرسمية بوفدين، لأنها برأسين، وعقب ‏كل اجتماع تقدم تصريحين، وعين كل طرف على الآخر في انتظار هفوته لاستغلالها مع القواعد لكسب النقط في صراع الزعامة‎. ‎
هذا الوضع، يجعل المزايدة هي العملة الرائجة داخل هذه المنظمة التي كانت عتيدة وأصبحت عليلة، والمزايدة هنا مقرونة بالهروب ‏إلى الأمام وتصدير الأزمة، وهو ما يتضح جليا من خلال عدم قدرة هذه المركزية على بلورة موقف موضوعي واحد واختلاقها ‏الأزمات والمبررات للتنصل من التزاماتها‎.‎
هروب تعكسه الدعواتُ المتواصلة إلى المسيرات والاحتجاجات، والركوب الشعبوي على تداعيات الأزمة التي تجتاح العالم بأسره ‏وليست بلادنا وحدها، كل المؤشرات تعكس الحجم الحقيقي الذي آلت إليه هذه النقابة، فقد دعت إلى إضراب وطني لم تتعد نسبة ‏المشاركة فيه 4 في المائة بالوظيفة العمومية‎ ‎
ويؤكد مطلعون على الأمر، أن هم ممثلي الكونفدرالية لم يعد هو الدفاع عن مصالح الشغيلة، بقدرما يحكمهم هاجس الصراع ‏التنظيمي المحتدم، وهو ما تجلى في وضعية البلوكاج التي كانوا يتعمدونها بمناسبة الحوارات القطاعية، والمثال الصارخ على ذلك ‏ما شهده الحوار الاجتماعي داخل قطاع المطارات إذ خيمت الصراعات الداخلية للكونفدرالية على المفاوضات، مما ساهم في هدر ‏زمن الحوار الذي استغرق أزيد من ثلاثة أشهر‎.‎
هذا الوضع يغضح استغلال القادة الجدد للمنظمة للظرفية التي تفترض التحلي بالوطنية الصادقة، ويصارعون الزمن من أجل ‏مواصلة تصدير أزمتهم الداخلية ذات الحسابات الضيقة ولو على حساب وطن بأكمله.‏

زر الذهاب إلى الأعلى