أخبار الدارالحكومةسلايدر

اليوم وغدا أحسن من الأمس.. من يستطيع أن يثبت العكس؟

الدارـ خاص

هل بالغ عزيز أخنوش عندما صرح أمام مجلس النواب أن اليوم وغدا أفضل من 10 سنوات مضت؟ لا بد من قراءة هذا القول في سياقه دون التأثر بمغريات المزايدات السياسية والصراعات بين التيارات المعارضة والموالية. وهذه القراءة المتأنية تقتضي أولا التذكير أن رئيس الحكومة عزيز أخنوش كان يتحدث عن قطاع محدد خلال جلسة يوم أمس وهو قطاع التعليم العالي، الذي لا يمكن أبدا إنكار التطورات الجارية فيه على المستوى الإصلاحي منذ تعيين هذه الحكومة. ولعل المؤشرات التي أعلنها رئيس الحكومة خلال جلسة الأسئلة الشفهية كانت كافية للدلالة على مقصوده.

لنستعرض بعض هذه المؤشرات. لأول مرة في تاريخ التعليم العالي ببلادنا تصل الميزانية المرصودة له إلى 15 مليار درهم. ويشهد القطاع هذه السنة زيادة في عدد المناصب المالية المخصصة له بإحداث 2349 منصبا جديدا. ولأول مرة أيضاً يصل عدد الطلبة المستفيدين من المنحة الجامعية إلى أكثر من 421 ألفاً. كما تم رفع عدد الأطر البيداغوجية والأطر الإدارية والتقنية بنسبة 3% لكل منهما. وزيادة المسالك المعتمدة خاصة الممهننة منها التي بلغت حوالي 54 % في الموسم الجامعي المنصرم. أليست هذه الأرقام وغيرها كافية لفهم مقصود رئيس الحكومة؟ ثم ما الذي يثير القلق في كلام رئيس الحكومة؟

لا يجب أن ننسى أن الرجل يتحمل المسؤولية السياسية الكاملة عمّا يصدر عن هذه الحكومة من قرارات وما تبلوره من برامج وتصورات. ومن حقه دستوريا وأخلاقيا وسياسيا أن يدافع عنها وعن منجزاتها، ويقارنها أيضا بالحكومات السابقة ويصدر الأحكام التي يراها مناسبة انطلاقا من تقييمه الشخصي. ثم لا ننسى أيضا أن عزيز أخنوش كان وزيرا في الحكومتين السابقتين ويعرف جيدا ما يتحدث عنه، وهذا الأمر ينزهه أيضا عن تهمة الرغبة في المزايدة أو الإساءة أو تبخيس جهود من سبقوه. لقد كان الرجل يتحدث بكل وضوح وصراحة، دون أن يكون من وراء كلامه أي رغبة في خلق البوليميك الذي سقطت فيه للأسف مواقف المعارضة وخاصة الصادرة عن نواب حزب العدالة والتنمية.

وأكبر دليل على الموضوعية التي تحدث بها رئيس الحكومة هو أنه بدأ حديثه بتشريح قطاع التعليم العالي واستعراض المشكلات ومظاهر الأزمة التي يغرق فيها. لقد ذكر رئيس الحكومة في معرض حديثه أمام مجلس النواب مظاهر المحدودية المرتبطة بالموارد المالية، ونقص الموارد البشرية، إضافة إلى التحديات الاستراتيجية والتنظيمية كالهدر الجامعي. وعرض مجموعة من المؤشرات التي تدل على هذه الأزمة مثل زيادة نسبة الطلبة الذين يغادرون الجامعة دون الحصول على دبلوم عن 49 في المئة في السنوات الماضية، وارتفاع البطالة في صفوف طلبة كليات الاستقطاب المفتوح حيث وصلت إلى 18.7 في المئة، و8.5 في كليات الاستقطاب المغلق.

إذا كان كلام رئيس الحكومة إذاً متوازنا بين النقد الذاتي والتقييم الموضوعي لواقع قطاع التعليم العالي فإن هذا الأمر لا يدعو إلى أي انزعاج من أي جهة كانت. والقول بأن اليوم وغدا أحسن من الأمس حقيقة ساطعة في جميع الأحوال بالنظر إلى العديد من المؤشرات الأخرى التي من أهمها أيضا ذلك الإصلاح الجوهري الذي شهدته وضعية أساتذة التعليم العالي المستفيدين من زيادة غير مسبوقة في الأجور، هي الأولى من نوعها منذ أكثر من 20 عاما. وبناء على هذه المعطيات المتوازنة يمكن أن نقرأ تصريح رئيس الحكومة قراءة منصفة وعادلة بعيدا عن القراءات المتشنجة التي يغلب تغلب عليها ردود الأفعال المتسرعة.

بل إن هذه العبارة تنم عن ذكاء تواصلي وسياسي لعزيز أخنوش، الذي على الرغم من أنه كان يتحدث بعفوية إلا أنه أطلق دون أن يدرك ذلك شعارا يصلح أن يكون عنوانا رئيسيا لما تقوم به هذه الحكومة من جهود إصلاحية في مختلف المجالات بدءاً بورش تعميم الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية مرورا بتحفيز الاستثمار وصولا إلى تأهيل القطاع السياحي والصناعي من أجل تحسين أدائه ونتائجه. نعم اليوم وغدا أفضل من الأمس في جميع الأحوال، ومهما كانت حدة الأزمات الظرفية التي فرضتها الإكراهات الاقتصادية والمناخية العالمية فإن ما يتحدث عنه رئيس الحكومة قابل للتحقق في أقرب الأوقات.

 

زر الذهاب إلى الأعلى