الجيش السوداني يقصف بالمسيّرات مواقع «الدعم» في الخرطوم
اندلعت، أمس السبت، اشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، قرب مقر سلاح المهندسين التابع للجيش بمدينة أم درمان، وفقاً لشهود عيان، فيما قصفت مسيّرات تتبع الجيش أمس أهدافاً تابعة لقوات الدعم السريع في عدد من المناطق وسط وجنوب شرق العاصمة الخرطوم.
وقال الشهود إن الاشتباكات اندلعت في منطقة «الفتيحاب» القريبة من سلاح المهندسين، واستخدمت فيها الأسلحة الثقيلة والقصف المدفعي.
وأشاروا إلى أن السكان المدنيين أصبحوا محاصرين في منازلهم وسط انقطاع المياه والكهرباء منذ يومين.
وظلت منطقة «الفتيحاب» مسرحاً للعمليات العسكرية الفترة الماضية، من خلال عمليات التمشيط التي ينفذها الجيش تارة، وقوات الدعم السريع تارة أخرى.
وتعد منطقة «الفتيحاب» مقر سلاح المهندسين التابع للجيش، من الناحية الجنوبية، وتصنف من مناطق «التماس» لوقوعها بين تمركزات الجيش وقوات الدعم السريع جنوب أم درمان.
ويعد «سلاح المهندسين» من المواقع الحصينة للجيش السوداني، حيث يدير منه العمليات العسكرية في أم درمان، ويقع بين مدخلي جسري «الفتيحاب والنيل الأبيض» من الجهة الغربية.
وظلت قوات الدعم السريع تهاجم «سلاح المهندسين» من حين لآخر، من مواقعها القريبة منه، مثل أحياء «المنصورة والمربعات والفتيحاب»، حيث نزح أغلب سكان هذه المناطق من منازلهم بعد أن أصبحت مسرحاً للعمليات العسكرية.
من جهة أخرى، قصفت مسيّرات تتبع الجيش أمس السبت أهدافاً تابعة لقوات الدعم السريع في عدد من المناطق وسط وجنوب شرق العاصمة الخرطوم.
وذكر مراسل«روسيا اليوم» أنه أعقب القصف تصاعد أعمدة دخان كثيف وسماع أصوات الانفجارات والمضادات الجوية التابعة للدعم السريع حول منطقة السوق العربي والقصر الرئاسي.
ووفقاً لمصدر عسكري استهدف الجيش مواقع للدعم السريع قرب القصر الرئاسي وسط الخرطوم بطائرات مسيّرة.
كما تبادل الجيش وقوات الدعم القصف المدفعي في شمالي بحري وجسر شمبات.
إلى ذلك، أبدت مجموعات حقوقية سودانية، أمس السبت، مخاوف من تمدد الصراع المسلح بين الجيش وقوات الدعم السريع إلى ولاية الجزيرة، مما قد يفاقم أزمة المدنيين خصوصاً الذين فروا من حرب الخرطوم.
ويقول حقوقيون إن الحرب في السودان بدأت تأخذ منحى جديداً بعد حملات التعبئة الأهلية في مناطق السودان المختلفة، بواسطة طرفي النزاع؛ مما يعني زيادة واتساع القتال وارتفاع الضحايا المدنيين.
واتسعت دائرة الحرب في السودان، الأسبوع الماضي، حيث شهدت مدينتا «الفاشر ونيالا» بشمال وجنوب دارفور اشتباكات عنيفة بين الجيش وقوات الدعم السريع، وسط تدهور الأوضاع الإنسانية للمواطنين.
كما شهدت مدينتا «الفولة وكادوقلي» بغرب وجنوب كردفان، اشتباكات عنيفة بين الجيش وقوات الدعم السريع من جهة، والجيش وقوات الحركة الشعبية بقيادة عبدالعزيز الحلو، من جهة أخرى.
وضع مأساوي
وقالت مجموعة محامي الطوارئ إن المدنيين العزل بمدينة نيالا جنوب دارفور، يعيشون وضعاً مأساوياً منذ 6 أيام من المعارك المستمرة بين الجيش وقوات الدعم السريع، مع انهيار شبكة الاتصالات بالمدينة.
في سياق آخر، ظلت الأحياء الشعبية الواقعة شمال أم درمان؛ حتى مطلع الأسبوع الثاني من أغسطس/آب ؛ تشكل آخر البؤر الآمنة التي كانت تلجأ إليها أعداد كبيرة من الفارين من القتال، بين الجيش وقوات الدعم السريع في الخرطوم.
لكن مع دخول المعارك شهرها الخامس؛ تحولت تلك الأحياء إلى منطقة عمليات تشهد أعنف أعمال القصف الجوي والبري التي دفعت الآلاف للفرار مما أثار مخاوف من أن تصبح الخرطوم مدينة خالية من السكان تماماً.
وبعد مرور أكثر من 125 يوماً من اندلاع القتال؛ اتسعت رقعة المناطق الخطرة بشكل كبير؛ وتزايدت أعداد القتلى والجرحى المدنيين بشكل كبير ليرتفع إجمالي أعداد القتلى إلى أكثر من 4500 شخص.
وشهد يوما الخميس والجمعة ارتفاعاً ملحوظاً في وتيرة النزوح من أحياء أم درمان وبقية مناطق العاصمة.
ووفقاً للصادق الشيخ، وهو أحد سكان الأحياء الشمالية في أم درمان؛ فقد الكثير من الناس القدرة على الصمود، وذلك مع تزايد الضغوط الأمنية والصحية والمعيشية.
ليس أمامنا خيار آخر سوى الرضوخ لقرار النزوح الصعب.
لم يعد هنالك مكان آمن في العاصمة في ظل التدهور الحالي في الأوضاع الأمنية والإنسانية.
مدن أشباح
وتحولت معظم أحياء الخرطوم إلى مدن أشباح بعد أن هجرها سكانها؛ لكن من بقي في بيوتهم تعرضوا لمآسٍ إنسانية غير مسبوقة؛ حيث مات بعضهم ولم يجد من يدفنه وظل البعض تحت الأنقاض لأيام.
ومع اتساع رقعة القتال، تلتحق المزيد من المناطق بالأحياء الأخرى التي أفرغ بعضها تماماً منذ بداية الحرب كأحياء المطار والعمارات والمعمورة والصحافات والكلاكلات وجبرة والشجرة في الخرطوم ومعظم أحياء الخرطوم بحري.
شح في المواد الغذائية
وفي الجانب الآخر؛ يعاني العالقون في مناطق القتال، خصوصاً أحياء أم درمان القديمة وشرق الخرطوم، شحاً كبيراً في المواد الغذائية الأساسية؛ بسبب إغلاق معظم الأسواق؛ وصعوبات كبيرة في الوصول إلى المستشفيات في ظل تزايد سقوط الضحايا المدنيين جراء عمليات القصف المستمر التي تطول الأحياء السكنية؛ كما يواجه الكثير من المصابين بأمراض مزمنة خطر الموت بسبب شح أدوية السكري والضغط وجرعات السرطان وغسل الكلى.