دراسة تشيد بالشراكة الاستراتيجية بين الرباط و بكين وترصد فوائد انضمام المغرب إلى مبادرة “الحزام والطريق”
الدار- المحجوب داسع
أكدت دراسة، منشورة بالمعهد المغربي لتحليل السياسات، أن المغرب هو أول دولة في شمال إفريقيا تلتزم بخطة تنفيذ مبادرة الحزام والطريق الصينية.
الدراسة، التي ألّفها الكاتب بريس نيري، أوردت أنه مع استمرار الصين في توسيع نطاق نفوذها غربًا، سيصبح المغرب بوابة استراتيجية ذات أهمية متزايدة إلى البحر الأبيض المتوسط، مشيرة إلى أن الاستثمار الصيني في المغرب يسبق اتفاقية مبادرة الحزام والطريق، حيث يتم استخدام التكنولوجيا الصينية والبنية التحتية الرقمية في جميع أنحاء المغرب، عبر العديد من الصناعات.
و تابعت الورقة البحثية “الدراسة” أنه في الوقت الذي ترتبط فيه معظم المصالح الاقتصادية المغربية حاليًا بالدول الغربية، فقد سعى الملك محمد السادس إلى تنويع شراكات المغرب الاقتصادية الدولية، حيث تحتل الصين منزلة الشريك المثالي للمملكة، من منطلق رغبة المغرب في تنويع شركائه الاقتصاديين، ووضع تفاوضي أفضل مع الاتحاد الأوروبي، حيث جاءت مبادرة الحزام والطريق الصينية في وقت مثالي للمغرب.
و أشار الباحث إلى أن الاستثمارات الصينية في المغرب عرفت ارتفاعا بين عامي 2011 و2015، بنسبة 195 في المائة، مع زيادة بنسبة 93 في المائة بين عامي 2014 و2015، مضيفة أنه على الرغم من أن هذا يمكن أن يعزى إلى حد كبير إلى الاستثمار في محطة نور للطاقة الشمسية في عام 2014، فإن الرئيس شي، والملك محمد، أعلنا في ماي 2016، عن إنشاء شراكة استراتيجية ووقعا العديد من الاتفاقيات في مجموعة متنوعة من القطاعات الاقتصادية. وهكذا، بدأت الصين بالفعل في زيادة استثماراتها في المغرب بشكل كبير قبل أن يوقع المغرب رسميًا على مبادرة الحزام والطريق.
و أضاف ان هناك استثمارات صينية متعددة تركز على الصناعة والتجارة الحرة ومراكز التمويل. ويشمل ذلك الاستثمار الصيني في مدينة الدار البيضاء المالية، والمركز اللوجستي الإقليمي لشركة هواوي في مجمع ميناء طنجة المتوسط، وشراكة شركة تشاينا كوميونيكيشنز كونستركشن كومباني لبناء مدينة محمد السادس طنجة التقنية.
كما أن الصين، وفقا للكاتب، خصصت سابقًا أموالًا لسبعة مشاريع إضافية تقع ضمن نطاق مبادرة الحزام والطريق في المغرب حتى الآن، خمسة منها مرتبطة بالتعليم، كما ترتبط ثلاثة من هذه الاستثمارات في المشاريع التعليمية بإنشاء معاهد كونفوشيوسية في مختلف الجامعات في جميع أنحاء المغرب.
و أضافت الورقة البحثية أن التواصل الثقافي قد كان دائمًا نقطة محورية لمبادرة الحزام والطريق التي أطلقها الرئيس جين بينغ، ويهدف إنشاء مرافق التعليم الثقافي الصيني إلى تطبيع الوجود الصيني في الخارج. أما الاستثماران الآخران فيبلغان حوالي 300 مليون دولار كقرض تفضيلي للمشتري لمشروع إنشاء محطة توليد الكهرباء التي تعمل بالفحم في جرادة، وقرض ائتماني للمشتري بقيمة 184 مليون دولار لمشروع إنشاء طريق سريع.
و أبرز الكاتب أن مخطط “المغرب الرقمي 2025” هي استراتيجية المغرب الداخلية الشاملة لتحقيق ثلاثة أهداف رئيسية: أولا، إنشاء إدارة رقمية ناجحة؛ وثانيا، خلق اقتصاد تنافسي يعتمد على مكاسب الأداء الناتجة عن النظام البيئي المبتكر رقميا؛ وثالثًا، تعزيز مجتمع شامل بفضل الاتصال الرقمي واسع النطاق، حيث تعد شركة التكنولوجيا الصينية العملاقة، هواوي، الشركة الصينية الرئيسية ذات الصلة بالتكنولوجيا لتطوير مشاريع DSR في المغرب، ومن المرجح أن تلعب دورًا رئيسيًا في تنمية هذه الثورة الرقمية.
و تابع الكاتب أن الشركة قد أنشأت بالفعل مركزًا لوجستيًا بميناء طنجة المتوسط، وتوفر تكنولوجيا الاتصالات لنظام السكك الحديدية الوطني (ONCF)، وتشارك بشكل كبير في أنظمة الاتصالات في جميع أنحاء البلاد.
وفي ظل التحديات التي يواجهها الاقتصاد الرقمي المغربي، تردف الورقة البحثية، ” تقدم شركات التكنولوجيا الصينية أسعارا تنافسية، وتكاليف إنتاج منخفضة، ومعدات فعالة من حيث التكلفة، والقدرة على الوصول إلى التمويل والدعم الذي تدعمه الدولة. لقد عملت هواوي بشكل وثيق مع الحكومة المغربية لتنفيذ نظام شامل لدعم المغرب من الألف إلى الياء.
و تابعت : ” باستخدام “نموذج التعاون بين الصناعة والأكاديميا والحكومة”، وقعت هواوي شراكة استراتيجية مع وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي المغربية، بالإضافة إلى اتفاقيات شراكة مع 21 جامعة ومؤسسة تعليمية. أنشأت شركة هواوي مراكز لوجستية إقليمية وتخطط لنشر قدرات الجيل الخامس في المغرب في عام 2023.ومن المتوقع أن تؤدي تقنية الجيل الخامس، بفضل زمن الوصول المنخفض، وسرعة ذروة نقل البيانات المتعددة الجيجابايت في الثانية (جيجابايت في الثانية)، والموثوقية العالية وقدرة الشبكة الضخمة، إلى إحداث تحول كبير في إمكانات الصناعة في المغرب.
و أورد الكاتب أن إنشاء تعليم تقني قوي يمكن أن يكون أعظم هدية تقدمها الصين للمغرب، وسيكون ذا قيمة كبيرة خلال هذا التحول التكنولوجي. ومن خلال تجميع منتجاتها وأنظمتها الرخيصة وعالية الجودة مع برامج التدريب والصيانة والتطوير في المغرب، يتعين على هواوي التأكد من إمكانية تشغيل هذه الأنظمة بفعالية من قبل المغاربة.ومن ثم ستعمل شبكة 5G المقرر تنفيذها كمحفز، لأنها ستزيد الطلب والفرص للأفراد المهرة في الصناعات التقنية و”سيكون لها تأثير كبير عبر الصناعات الرأسية على المدى المتوسط إلى الطويل”. وهكذا لقد قدمت هواوي نقطة انطلاق حاسمة للمغرب في سعيه لتحقيق الأهداف المحددة في خطة المغرب الرقمي 2025.
و سجلت الورقة ان تنفيذ مخطط المغرب الرقمي 2025 عنصرا أساسيا في التنمية المستقبلية للبلاد. يبدو أن مبادرات مبادرة الحزام والطريق وDSR الصينية ستساعد وتسرع التنمية من خلال الاستثمار الرأسمالي المفيد في البنية التحتية والتكنولوجيا الحيوية. علاوة على ذلك، فإن العلاقة الاقتصادية مع الصين تسمح للمغرب بالتفاوض بشكل أكثر فعالية مع الشركاء الأوروبيين. ومع استمرار المغرب في خلق فرص إضافية للمستثمرين الأجانب، فإن زيادة المنافسة تؤدي إلى زيادة القدرة على المساومة بالنسبة للمغرب.