حزب الله يُوَقِّع شهادة وفاته
تحليل: نورالدين زاوش*
لم يكن الذين وهبهم الله تعالى القليل من صفاء العقل ونقاء القلب لينتظروا الشيء الكثير من خطاب حسن نصر الله الذي ألقاه قبل البارحة، والذي روَّج له حزب الله أكثر من أي خطاب آخر، وأقاموا الدنيا وأقعدوها من أجله؛ ولم يكونوا لتنطلي عليهم حِيَلُه الخبيثة وألاعيبه الشيطانية؛ خصوصا بعدما كشف الله تعالى عنه غطاء التقية حينما أرسل الآلاف من مقاتليه ليُذَبِّحوا أطفال سوريا ونساءها وشيوخها، ويُهَجِّروا مواطنيها الأبرياء حتى صاروا في بلدان العالم شذر مذر، وينقذوا سفاحها الأكبر “بشار” الذي ما رأت الإنسانية وحشية مثل وحشيته، ولا همجية مثل همجيته؛ لكننا للأسف الشديد، شعوب عاطفتها زائفة وذاكرتها قصيرة، وربما كان قتل جندي إسرائليٍّ أو جنديين من لدن حزب الله ينسينا في قتله لمئات الآلاف من السوريين الأبرياء، وقد يجعلنا، لا قدر الله، نغفر له تشريد ملايين السوريين الأحرار.
من المخزي إلى حد الجنون أن يخرج “إيدي كوهين” وهو باحث ومفكر صهيوني بارز، بعد خطاب “سيد المقاومة” مباشرة، بتدوينة مثيرة يشكر من خلالها “نصر الله” على خطابه العقلاني الذي لم ينجر إلى الشعبوية، على حد تعبيره، وجميعنا يعلم ماذا يعني الخطاب العقلاني المتزن عند الصهاينة من خضوع وخنوع واستسلام؛ لأن فكرة المقاومة، بكل بساطة، تنبني على مفهوم الحرب غير المتكافئة وغير المتوازنة، والتي تبدو “للمتعقلين جدا” أنها غير منطقية وغير واقعية، وأنها مجرد انتحار لا طائل من ورائه.
لقد برَّأ “حسن نصر اللات” حزبه وإيران من إطلاق شرارة معركة طوفان الأقصى، وأكد على أن قرار الحرب كان فلسطينيا صرفا؛ مما قد يجعلنا منتشين، للوهلة الأولى، بكون المقاومة الفلسطينية مستقلة في قراراتها وتحركاتها؛ إلا أنه العسل الذي يخبئ في طياته كثيرا من السم؛ بمعنى أن “نصر الله” يُخلي ذمته من تبعات قرارات لم يكن لديه حظ في صياغتها، أو حتى مجرد علم مسبق بحدوثها؛ مدعما ادعاءه هذا بكون حزبِه لم “يدخل” الحرب إلا في 8 أكتوبر أي بعد يوم من اندلاعها.
لقد أكد “حسن نصر اللات” في خطابه بأن ما يفعله حزبه قد يبدو متواضعا لكنه “كبير جدا”؛ ورغم أن لا أحد من المقاومين أو الشعوب العربية أو حتى أولئك الصهاينة المتنطعين أمثال “إيدي كوهن” يرون ذلك الكِبَر؛ وإلا ما كان ليشكره على تعقله واتزانه، وأكثر من ذلك طمأنتُه للكيان الصهيوني بأنه وحزبه ومن ورائهما إيران “المقاومة” لن يدخلوا الحرب حتى يلج الجمل في سَمِّ الخياط.
في هذا الظرف العصيب الذي تمر به أمة رسول الله، خاب ظن الشعوب العربية إلى حد الإحباط في المدعو “حسن”، والذي لم يعد لا سيد المقاومة ولا خادمها؛ بل مجرد قزم لقيط يختبئ تحت نعال المقاومين الأبطال ليستهدف عامودا إسرائيليا به لاقط، خصوصا وأنه قد أصم آذاننا، وأجج مشاعرنا، ردحا طويلا من الزمن بشعارات براقات، صدَّقها الجميع أو يكاد، من قَبيل: “إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت”، “الحرب المقدسة”، “صواريخ هيْفا وما بعد هيفا”، “دقت ساعة الصفر”، وهلم جرا، ومن يدر، فلعل السيد سماحة المحلل السياسي “حسن” يرفع في خطابه القادم أفتك شعار عرفه كوكب الأرض: شعار “مع فلسطين ظالمة أو مظلومة”؛ وحينها، ستكون نهاية إسرائيل المحتومة.
* عضو الأمانة العامة لحزب النهضة والفضيلة