يالا باموس.. شعار المستقبل الذي وحّد ثلاثة أمم
الدار/ تحليل
لم يكن المسؤولون المغاربة والإسبان والبرتغاليون ليتوافقوا على شعار أفضل من صيغة “يالا باموس” (YallaVamos2030) الذي أُعلن عنه اليوم من طرف اللجنة التنظيمية المشتركة. شعار يعكس إلى حدّ بعيد الرؤية المشتركة للدول الثلاث لتنظيم كأس عالم استثنائي يجمع العالم بأسره، وفقاً لما أفادته هذه اللجنة. هذا الشعار الذي يعكس أيضاً رغبة البلدان الثلاث في بناء جسور التواصل والتسامح بين مختلف الثقافات والشعوب، يشخّص بدقة حالة التعاون الممتازة التي تسري اليوم بين ثلاثة عواصم متقاربة جمعتها حوارات التاريخ وها هي ذي اليوم تعبّر عمليا عن معنى التضافر والتآزر بين الثقافات والشعوب لرفع تحديات المستقبل.
شعار “يالا باموس” الذي يجمع بين صيغتي التحفيز والتشجيع والانطلاق في اللغات المغربية والإسبانية والبرتغالية يجمع في الوقت نفسه بين ثلاث إرادات تقاطعت في لحظة من لحظات التاريخ مرة أخرى من أجل تحقيق حلم قارة إفريقيا وتقريبها أكثر من نظيرتها الأوربية، وتأكيد إمكانيات العمل المشترك الهادف والمثمر، وكذا من أجل تجسيد رسالة السلام والتعايش التي من المفترض أن تسود كل الاستحقاقات الرياضية الدولية وعلى رأسها كأس العالم لكرة القدم. شعار “يالا باموس” لن يكون مجرد عبارة مكتوبة على لوحات الإشهار أو الأقمصة أو في شاشات وسائل الإعلام بل سيتحوّل خلال السبع سنوات المقبلة إلى لغة مشتركة بين البلدان الثلاثة في الرباط ولشبونة ومدريد.
قوام هذه اللغة هو بناء الجسور الممتدة بين الثقافة الأوربية التي تراكمت عبر قرون في شبه الجزيرة الإيبيرية بعراقتها وتاريخها واكتشافاتها للعالم الجديد، وبين الثقافة المغربية العربية الأمازيغية الإفريقية الغنية التي استطاعت أن تصهر عبر قرون من الوجود والنفوذ الكثير من مقومات التنوع العرقي واللغوي والحضاري، لتعطي تجربة فريدة من نوعها يلخّصها مفهوم الاستثناء المغربي. هذا الاستثناء هو نفسه الذي نتوقع جميعا أن نتابعه سنة 2030 عندما ستنطلق فعاليات كأس العالم. الاستثناء المغربي سيتحول في الحقيقة إلى منجز مغربي إسباني برتغالي يؤكد أن بالإمكان تجاوز كل الخلافات وتخطّي العقبات مهما كانت مؤلمة أو متجذرة أو مؤثرة من أجل إنجاز مونديال سيكون الأكثر تميزا في تاريخ المسابقة.
لأول مرة في تاريخ كأس العالم ستدور أطوار مسابقة كأس العالم في ثلاثة بلدان من قارتين، مع إمكانية إجراء مباريات محدودة في قارة ثالثة، أي في أمريكا اللاتينية في ثلاثة بلدان أخرى. “يالا باموس” نحو التألق والتميز وترك بصمة تاريخية استثنائية باعتبار أن المونديال الكروي هو المسابقة الوحيدة تقريبا التي يتناسى فيها كل شعوب العالم ودوله خلافاتهم وصراعاتهم ليشاهدوا مباريات في كرة القدم تغذي ذلك الشغف الأسطوري الذي يسكن الجماهير. في هذه الكأس المونديالية يلتقي الأميركي بالإيراني في مباراة من المباريات، ويواجه الأرجنتيني نظيره الإنجليزي وتلعب منتخبات القوى الاستعمارية ضد مستعمراتها السابقة بعيدا عن أيّ حسابات سياسية أو حساسيات طائفية أو عرقية.
ولعلّ ما سيميز كأس العالم 2030 بهذا الشعار الوحدوي المبدع هو تنظيمه أيضا في ثلاثة بلدان تجسد هذا التنوع العرقي والثقافي والحضاري بامتياز، وتُظهر للعالم بكل منتخباته وفرقه وجماهيره أن التلاحم تحت لواء الرياضة والكرة ممكن، بل إنه قادر على تجاوز الأهداف الرياضية والاحتفالية وحدها ليحقق ما هو أعمق وأبقى من ذلك. إنه يبني علاقات استراتيجية تتجاوز المصالح الظرفية والراهنة نحو تكريس آفاقا واسعة من التعاون والاستثمار والعمل المشترك، وهذا ما تجسده اليوم الحركية الهائلة التي تجري في ضفتي المتوسط بين المغرب وإسبانيا، والمغرب والبرتغال، بما في ذلك الدينامية الاقتصادية والدبلوماسية والثقافية غير المسبوقة. لذا نقول نحن أيضا دون تردّد وبكل حماس “يالا باموس”