مال وأعمال

مستقبل مصفاة المحمدية غامض وإغلاقها خسارة كبرى للاقتصاد والحياة العامة بالمغرب

الدار/ إعداد: بوشعيب حمراوي- تصوير وتوضيب: أيوب اجواد

أكد الحسين اليماني المنسق الجبهة المحلية لمتابعة أزمة (سامير)، أنه لا يوجد حاليا أي عرض بخصوص تفويت مصفاة المحمدية، وأن ما يتم تداوله باعتباره تسريبات، لا أساس له من الصحة. في إشارة إلى ما يروج له بأن شركة إماراتية في طريقها إلى امتلاك المصفاة المغربية. وتحدث اليماني الذي يشغل كذلك مهمة الكاتب الإقليمي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، عن حجم و قيمة الشركة التي تعرضت للتصفية، من الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والمالية والصناعية.. وكيف تضرر الآلاف من توقفها، سواء منهم العاملين بها أو بشركات أخرى تستفيد من خدماتها.

وعرج اليماني إلى المشاريع التي أنجزت بالمحمدية، وخاصة المشاريع السكنية. حيث تم إحداث أزيد من 700 شقة. وتهيئة أكبر حديقة بالمحمدية (المدن المتوأمة) التي أصبح اسمها حديقة مولاي الحسن. كما تحدث عن تجزئة سكنية عالقة بالمحمدية. تضم 100 سكن. بنيت من أموال الشركة بشراكة مع اللجنة الإقليمية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية. وهو مشروع سكني يتعرض للتخريب يوميا. واقترح المسؤول النقابي تحويل المشروع إلى حي جامعة للطالبات والطلبة. باعتبار ما تعاني منه فئة كبيرة من الطلبة القادمين من المناطق المجاورة.. وكشف اليماني لموقع الدار عن مراحل إحداث وإغلاق مصفاة المحمدية، وما عرفه الملف قضائيا. وختم بالحديث عن الخسائر الكبرى التي تعرض لها المغرب بعد إغلاق شركة سامير..

     

مراحل إحداث وإغلاق مصفاة المحمدية

تم سنة 1959 وضع الحجر الأساسي لبناء المصفاة المغربية بشراكة مع الايطاليين وتغيير اسم فضالة بالمحمدية، قصد تأمين الحاجيات الطاقية للمغرب.

 تم سنة 1997 تفويت النواة الصلبة  67.27 لحساب مجموعة كورال بقيمة 380 مليون دولار، مقابل تنفيذ استثمار بنفس القيمة في 5 سنوات الموالية وخلق مناصب الشغل وتطوير صناعات التكرير.

  تم سنة 1999 دمج الشريفة للبترول وسامير وإغلاق مصفاة سيدي قاسم 2008.

  سنة 2004 تم توقيع اتفاقية الاستثمار لتأهيل المصفاة بقيمة 6,7 مليار درهم بناء على الإستراتيجية الوطنية للنفط.

    سنة 2009  بروز الاختلالات المالية الأولى، بعد الانتهاء من بناء الوحدات الإنتاجية الأولى في مشروع تطوير المصفاة.

    سنة 2015 توقف الإنتاج نتيجة تراكم الديون والعجز على الوفاء بالالتزامات.

    سنة 2016  وبعد الخبرة المالية والاقتصادية والاجتماعية، حكم القضاء بالتصفية القضائية لشركة سامير مع الإذن باستمرار النشاط، والسعي لتفويت الأصول.

 

مراحل التصفية القضائية وانتظار التسوية

في 5 غشت 2015، أعلن إدارة سامير على توقيف الإنتاج بسبب الصعوبات في تمويل الواردات وتأمين النشاط، وإدارة الجمارك تبلغ المتعاملين مع سامير بإشعار الغير الحائز.

تقرير خبراء المحكمة التجارية في فبراير 2016 يخلص  إلى (أن الوضعية المالية للشركة مختلة بشكل لا رجعة فيه وأنها عاجزة عن سداد ديونها التي تفوق 30 مليار درهم).

المحكمة التجارية بالدار البيضاء تقضي ابتدائيا في 21 مارس 2016 واستئنافيا في 1 يونيو 2016 ، وفي النقض بالرباط بتاريخ 19 شتنبر 2018، بالتصفية القضائية مع الإذن باستمرار نشاط الشركة.

 بعد تقييم الأصول في قيمة 21.6 مليار درهم، ما زالت المحكمة التجارية بالدار البيضاء، تسعى مع مقدمي العروض من أجل التفويت القضائي للأصول بغية المحافظة على التشغيل وتغطية الديون (نصفها من المال العام).

بسبب غياب الموقف الواضح للدولة المغربية من مستقبل صناعات تكرير البترول ومن موقع المصفاة، يصعب إقناع المهتمين بالتفويت تقديم الضمانات المطلوبة لمباشرة الإجراءات المسطرية لنقل الملكية واستئناف الإنتاج.

 

قدرات المصفاة المغربية

تتوفر مصفاة المحمدية على طاقة تكريرية تقارب 10 مليون طن سنويا، وشكلت عبر 55 سنة مصدرا لتزويد المغرب وبانتظام من حاجياته الأساسية من البترول ومشتقاته [ 80% من كل الحاجيات و 50% من الغازوال.

كما تتوفر على 2 مليون طن للتخزين أي ما يعادل 90 يوما من الاستهلاك المغربي، منها 160 ألف في سيدي قاسم، تحول عبر قناة تحت أرضية بطول 200 كلم من المحمدية.

إضافة إلى أن المصفاة مرتبطة بشبكة من الأنابيب مع الميناء النفطي ومع مستودعات شركات التوزيع بالمحمدية وسيدي قاسم، وقريبة من مراكز الاستهلاك الكبرى.

باستثناء الخصاص البنيوي في مادة الغازوال، فالمصفاة المغربية قادرة على توفير الحاجيات الوطنية مع تحقيق فائض للتصدير في النافطا (المادة الأولية للصناعات البتروكيماوية) ووقود الطائرات والبنزين والاسفلت وزيت المحرك.

وتتميز المصفاة بمرونة عالية في الاستغلال مع إنتاج المواد النظيفة وذات القيمة المضافة باعتماد التكسير الهيدروجيني hydrocraking.

 

الخسائر المترتبة على توقف الإنتاج بمصفاة المحمدية

 

عددت الجبهة المحلية لمتابعة أزمة (سامير) مجموعة من الخسائر التي ترتبت عن توقف الإنتاج داخل مصفاة المحمدية. ولخصتها في : 

1 )  تدني خطير للمخزون الوطني من المحروقات، ضدا على المقتضيات القانونية الملزمة في الموضوع «60 يوم صافي وشهر من الخام»، بسبب ضعف الطاقة التخزينية والقدرة المالية للموزعين .

 

2 )  تراجع كبير في جودة المنتوجات بسبب الصعوبات في مراقبة كل الواردات وإعطاء الأولوية للتزويد وغض الطرف عن الجوانب الأخرى.

 

3 ) غياب المرجع الوطني وارتفاع أسعار المحروقات بأكثر من درهم للتر الواحد ولو بالجودة الرديئة، زيادة على الأرباح المضمونة قبل تحرير السوق.

 

4) تفاهم المتحكمين في السوق وازدهار اقتصاد الأزمة لجني المزيد من الأرباح في ظل توقف مصفاة المحمدية « أكثر من 21 مليار خلال 2016/2017

 

5)  تعميق العجز التجاري بفقدان القيمة المضافة لتكرير البترول، بسبب اقتناء المواد الصافية وليس الخام، وتحمل الفارق الذي يتزايد بين سعر الخام وسعر المواد الصافية.

 

6)  فقدان التجربة والخبرة المتراكمة في صناعات تكرير البترول على مدى قرن من الزمان، سواء داخل شركة سامير أو الشريفة للبترول سابقا أو في الشركات المتعاملة معها.

 

7) ضياع الفوائد الاقتصادية والمالية المترتبة عن القيمة المضافة لصناعات تكرير البترول الخام.

 

8) ارتفاع المخاطر في نقل المحروقات عبر الطرقات وازدياد المصاريف لبعد نقط الاستيراد عن مواقع الاستهلاك.

 

9) خسارة ما يفوق 20 مليار درهم من المال العام «الجمارك والمؤسسات العمومية» في المديونية المتراكمة على الشركة.

 

10) فقدان ما يفوق 10 مليار درهم من مديونية الشركات الدولية، وما سيترتب عن ذلك من تداعيات على سمعة المغرب والمناخ العام للاستثمارات الاجنبية.

 

11) زعزعة التوازنات المالية لأكثر من 300 شركة دائنة والانعكاسات المحتملة على استمرار هذه المقاولات والمحافظة على مناصب الشغل ومصدر الرزق لألاف العائلات.

 

12) إغلاق العديد من المقاولات أو سقوطها في الصعوبات بسبب المديونية وتراجع نشاطها بعد توقف الإنتاج بشركة سامير : بوزيكيلي – بلس…

 

13) تراجع بأكثر من 40% في نشاط الميناء النفطي للمحمدية وفي أنشطة الشركات والمؤسسات المتعاملة مع الميناء.

 

14) خسارة ما يفوق 200 مليون درهم من الضرائب والرسوم السنوية.

 

15) خسارة ما يفوق 450 مليون درهم كمصاريف للأجور والخدمات الاجتماعية والتغطية الاجتماعية للأجراء الرسميين والعاملين في شركات المناولة.

 

16) فقدان أكثر من 4500 منصب شغل لدى شركات المناولة والتشغيل المؤقت.

 

17) تراجع عدد العاملين بشركة سامير من حوالي 1000 الى حوالي 700 حتى الان، واحتمال تسريح الجميع.

 

18) احتمال فقدان الشغل لأزيد من 400 من العاملين في الشركات الفرعية لارتباطها نشاطها بشكل وثيق بشركة سامير.

 

19) حوالي 1/10 من سكان المحمدية يعتمد في مدخوله اليومي على العمل بشركة سامير.

 

20) حرمان أزيد من 1000  من طلاب مدارس المهندسين والجامعات والتكوين المهني من فرص التكوين والتدريب المهني…

 

21) نكوص النشاط التجاري بالمدينة بسبب تهالك القدرة الشرائية لفقدان الشغل وتراجع المداخيل وارتفاع الأسعار.

 

22) فقدان المساهمات في التهيئة العمرانية للمدينة من خلال البرامج الاجتماعية في توفير السكن للأجراء.

 

23) خسارة المساهمات في تنمية الأنشطة الرياضية والثقافية والفنية بالمدينة والجهة.

 

24) خسارة المساهمات في التنمية الاجتماعية من خلال محاربة السكن الصفيحي وبناء المساجد وتحسين ظروف التعليم وغيرها.

 

25) فقدان المساهمات في تحسين البيئة من خلال مشاريع تجهيز وصيانة المساحات الخضراء وتنظيف الشواطئ والتحسيس بأهمية المحافظة على البيئة والتنمية المستدامة.

 

26) تنشيط العمل الجمعوي بتقديم المساعدات المادية والتعاون في تنظيم التظاهرات.

 

مخرجات للأزمة ومقترحات  للإنقاذ قبل فوات الأوان

 

وأمام هول الخسائر التي يتكبدها الاقتصاد الوطني والمستهلك المغربي، من جراء تعطيل العمل في مصفاة المحمدية وترك المواطن في مواجهة جشع وتهافت المتحكمين في السوق الوطنية للمحروقات. خلصت الجبهة إلى ما اعتبرته مخرجات للأزمة ومقترحات  للإنقاذ قبل فوات الأوان،  لخصتها في أن  المصلحة الوطنية والخدمة الفعلية لقضايا الاستثمار والتصنيع والتشغيل والتنمية المحلية والجهوية، تقتضي من الدولة والحكومة المغربية، الحرص والعمل على الإنهاء العاجل لأزمة المصفاة المغربية، من خلال استئناف الإنتاج وقبل تهالك الأركان المادية والبشرية، عبر واحد من الخيارات الخمسة : التسيير الحر ، التفويت للأغيار ،  تحويل الديون لرأسمال ،  التفويت للشركة المختلطة ، التأميم والاسترجاع.

وعكس كل الادعاءات المغرضة والغير المرتكزة على صحيح المعلومة، تفيد الجبهة أنه يبقى تحديد مستقبل مصفاة المحمدية، مرتبط أساسا بالموقف السياسي للدولة المغربية من استمرار هذه المعلمة الوطنية أو عدمه.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

14 − واحد =

زر الذهاب إلى الأعلى