وانتصرت بركان.. صفعة الكاف تكشف ورطة الكابرانات وعزلتهم
الدار/ تحليل
“فكّها يا من وحّلتيها” هذه هي الرسالة المباشرة التي بعث بها الاتحاد الإفريقي لكرة القدم اليوم بعد أن أقرّ فوز نادي نهضة بركان على اتحاد العاصمة الجزائري بنتيجة 3 أهداف لصفر. ونحن ننتظر أن يتشبث الاتحاد الجزائري لكرة القدم أيضا بتعهداته ويصر على رفض اللعب ضد أيّ نادٍ مغربي يحمل خارطة البلاد على القميص. ننتظر بفارغ الصبر أن يتخذ الاتحاد قرارا بمنع سفر بعثة نادي اتحاد العاصمة إلى بركان لمباراة الإياب لنتأكد فعلا من حقيقة “النيف” أو “الراس الخشين” الذي يتبجح به قادة عصابة العسكر في الجزائر، أو أن يجدوا الحلّ السحري الذي يجنّبهم الإهانة والإذلال من جهة أو عقوبات الاتحاد الإفريقي لكرة القدم من جهة أخرى.
لقد اتّضح مجددا من خلال إدارة الكابرانات لمهزلة مباراة اتحاد العاصمة وبركان أننا أمام عقلية الفشل والعناد والغباء السياسي المركّب والمزمن. هل كان قادة هذا النظام العدواني يحسبون جيدا عواقب أفعالهم؟ أقلّ ما يمكن أن يُقال عن هذه العقلية أنها انتحارية بكلّ ما في الكلمة من معنى. لقد طوّق الكابرانات أعناقهم بكلّ هدوء بمشنقة لن يستطيعوا منها فكاكا. إذا قرر هذا النظام السماح لنادي اتحاد العاصمة بالسفر إلى بركان فسيجد نفسه مضطرا للعب أمام النادي الذي يحمل خارطة الشرف المستفزة للكبرياء والسيادة المزعومين، وهنا ستكون مباراة الإياب إهانة تاريخية للكابرانات. وإذا قرّر تبني الخيار الثاني أي مقاطعة المباراة وعدم السماح لاتحاد العاصمة بخوضها فسيعرّض الاتحاد الجزائري لكرة القدم لعقوبات رادعة قد تصل إلى المنع من المشاركات الإفريقية لسنتين، وقد يعني ذلك تجميد المشاركات على كافة المستويات سواء تعلّق الأمر بالأندية أو المنتخبات.
ونحن في الحقيقة ندعو الله أن يواصل هذا النظام عقلية التيوس والعناد الفارغة ويرفض مشاركة نادي اتحاد العاصمة، حتّى نُحرم من رؤية اللاعبين الجزائريين في كأس إفريقيا للأمم التي ستُنظم في بلادنا العام المقبل. سيكون غياب المنتخب الجزائري حرمانا مريحا لرؤوسنا من هذا الصداع والطنين الذي لم يتوقف منذ سفر نهضة بركان إلى الجزائر. كيف يمكن إذاً أن يتعامل هذا النظام الفاشل مع هذه الورطة التي وضع فيها نفسه؟ وبِمَ سيرد على مطالب جماهير نادي اتحاد العاصمة المنزعجين ممّا آلت إليه الأمور؟ لقد كانت هذه الجماهير تُمنّي النفس بمشاركة إيجابية في كأس الكونفدرالية الإفريقية وربّما كان لهذا النادي الجزائري حظ كبير في الفوز بهذه البطولة، لكنّه سقط ضحية الشعارات الفاشلة والعناد والعقلية الانتحارية للنظام الذي يحكم البلاد.
ما دخْل جماهير اتحاد العاصمة في قصة السيادة المزعومة؟ كثير منهم يتساءل اليوم وبقوة: متى كانت الصحراء المغربية جزءاً من السيادة الجزائرية؟ ولعلّ هذا السؤال يفتح المجال فعلا أمام نقاش عمومي جزائري ينبغي أن يخوضه الجزائريون بكل جرأة وشجاعة بمختلف أطيافهم السياسية والاجتماعية والجهوية، بدلا من هذا التهريج والاندحار والهبوط الفكري والإعلامي الذي نراه كلّ يوم في البلاتوهات الرياضية التي تناقش هذه القضية. لا داعي للعودة إلى النوادر والطرائف التي أطلقها محلّلو الكابرانات في الأيام الأخيرة بغباء مبرّر للغاية، لأن المحامي يكون أحيانا أغبى من موكّله. لكن نريد فعلا أن نسأل الجماهير الجزائرية متى ستستيقظون من الاستغباء والسبات الذي أغرقكم فيه هذا النظام الانتحاري المستعد للتضحية بمصالح الشعب واستقراره ورفاهِهِ بل ومستقبله من أجل شعارات غايتها الأساسية الإبقاء على حالة الاستنفار والطوارئ؟
متى سيتحرّر الجمهور الجزائري من سطوة الأيديولوجيا الفارغة والتسييس المزمن للرياضة والثقافة والحياة العامة؟ عندما أقصيَ المنتخب الجزائري من كأس العالم في مواجهة منتخب الكاميرون بهدف سُجّل في الثواني الأخيرة من المباراة، رأينا كيف تحوّلت خسارة عادية في مباراة لكرة القدم إلى معركة تاريخية وقومية وصلت إلى جنيف وباريس ومختلف العواصم الدولية، واستُخدمت لتدجين الجماهير الجزائر والمتاجرة بالأوهام والأمجاد الفارغة على مدار شهور طويلة. وما حدث في مباراة نهضة بركان مرشّح أيضا للتوظيف السياسوي المقيت من طرف قادة هذا النظام الفاشل. فبدلاً من التريث وأخذ الوقت الكافي لتقييم الموقف بموضوعية وحياد، سيواصل هذا النظام توظيف قرارات الاتحاد الإفريقي لكرة القدم توظيفا أيديولوجيا لإظهار الجزائر ليس كقوة ضاربة فحسب، بل كقوة عظمى يتآمر عليها العالم والكواكب الأخرى.