فطريات تتحمل جرعات عالية من الإشعاعات المؤينة
توصلت دراسة حديثة إلى أن الجراثيم الفطرية يمكن أن تتحمل جرعات عالية جدا من الإشعاعات المؤينة القاتلة للبشر، وأنها تستطيع البقاء حية على الجدران الخارجية للمركبات الفضائية، مما يعني أننا قد نضطر إلى مراقبة الجراثيم التي قد تصل إلى القمر والمريخ في الرحلات القادمة بحذر شديد.
وعرض الباحثون نتائجهم الجديدة يوم الجمعة الماضي (28 يونيو 2019) في مؤتمر علم الأحياء الفلكية لعام 2019 بمدينة بالفيو في ولاية واشنطن بالولايات المتحدة.
وقالت مارتا فيليبا كورتيساو طالبة الدكتوراه في مجموعة أبحاث الأحياء الدقيقة بمعهد طب الفضاء في المركز الألماني للفضاء بكولونيا "نحن نعلم الآن أن الجراثيم الفطرية تقاوم الإشعاع أكثر مما توقعنا، لدرجة أننا نحتاج إلى أخذ هذه الحقيقة في الاعتبار عندما تنظيف المركبة الفضائية من الداخل والخارج".
جراثيم خارقة
وعثر على الفطريات نامية على جدران محطة الفضاء الدولية، ووجد الباحثون أن فطري "الأسبيرجيلوس" و"البنسيليوم" كانا من بين الغزاة الأكثر شيوعا في المحطة الفضائية.
لذا بدا أن هذين النوعين من الفطريات مرشحان جيدان للغاية للتعرض إلى كميات هائلة من الإشعاعات المؤينة ومعرفة ما سيحدث لهما.
لفهم ما إذا كانت الجراثيم الفطرية قادرة على البقاء حية أثناء السفر في الفضاء، قامت كورتيساو وفريقها بتعليقها في محلول ملحي، وتعريضها لجرعات عالية من ثلاثة أنواع مختلفة من الإشعاع التي يمنع الغلاف الجوي للأرض مرورها، ولكنها تنتشر بحرية في الفضاء: الأشعة السينية، والأيونات الثقيلة، والأشعة فوق البنفسجية العالية التردد.
نجت الفطريات من جرعات إشعاعية عالية بشكل لا يصدق، وتحملت جرعات وصلت إلى 500 غراي من الأيونات الثقيلة و1000 غراي من الأشعة السينية.
والغراي هي وحدة قياس الجرعة الإشعاعية الممتصة من الأشعة المؤينة، وتعكس كمية الطاقة التي أودعت في كيلوجرام واحد من نسيج الجسم الحي أو المادة. وتستعمل الوحدة لقياس جرعة الأشعة السينية أو أشعة غاما المستخدمة في العلاج الإشعاعي. ويكفي تعرض إنسان لمقدار من الإشعاع قيمته نصف غراي، ليصاب بأعراض مرضية، كما تكفي كمية قدرها خمسة غراي لقتل الإنسان.
كما نجت الجراثيم بعد تعرضها لجرعة وصلت إلى ثلاثة آلاف جول لكل متر مربع من الأشعة فوق البنفسجية.
تلوث عن غير قصد
بعد تعريضها لكميات عالية من الإشعاع تصل قيمتها إلى ما يوازي 200 ضعف الجرعة البشرية القاتلة من الأشعة السينية، استطاع فطرا الأسبيرجيلوس والبينيسيليوم البقاء على قيد الحياة.
هذا يعني أنه يمكنها أن تظل حية تحت ظروف الإشعاع العالية على السطح الخارجي للمركبة الفضائية. لذلك، بالنظر إلى الإشعاع وحده، يجب أن يتوقع المرء أن تكون الفطريات هذه قادرة على البقاء حية في الرحلات الفضائية لأي كوكب آخر.
وإذا كانت هذه الفطريات قادرة على تحمل الإشعاع الفضائي، فقد تلوث عن غير قصد كواكب أخرى خلال مهام الاستكشاف الفضائي. ويجب إجراء بحوث مماثلة لمعرفة ما إذا كانت هذه القدرة على تحمل الإشعاع تنطبق على الفطريات الشائعة الأخرى، وما إذا كنا بحاجة للقلق بشأن تلويث القمر والمريخ والكواكب الأخرى في الزيارة القادمة القريبة.
قد تكون محطة الفضاء الدولية خاضعة للتحكم في المناخ والرطوبة، لكنها لا تزال في الواقع صندوقا مغلقا، وهناك ما يكفي من الرطوبة التي تمكن العفن من النمو على الجدران.