بعيدا عن كلمات المواساة.. ما يتوقعه منك صديقك المصاب بالسرطان

يتعرض الكثيرون لهذا الموقف الصعب، حين يبلغهم صديق أو قريب بأنه أصيب بمرض السرطان، ونظرا لقسوة الموقف وسمعة المرض السيئة وتجربة المريض مع رحلة العلاج المؤلمة، قد نبكي بمجرد سماع الخبر، وأحيانا تخرس جميع حواسنا ولا نقدر على النطق، وأحيانا نضحك ونأخذ في إنكار الخبر، وقليل منا يعرف كيف يمكن التعامل في هذا الموقف.
تقول مريم (37 عاما) "في اتصال صباحي عادي مع صديقتي التي تعشق الحياة وتحب السفر والانطلاق، وتخاف على أبنائها حد الموت، قالت لي إنها بالمستشفى، سألتها لماذا؟ قالت: منذ فترة أتابع أمرا ما وأظهرت النتائج اليوم أنني أصبت به، قلت لها ماذا تقصدين؟ فأخذت في البكاء الشديد، فما كان مني سوى أنني أخذت في طمأنتها والتأكيد على أن الأمور ستكون بخير".
كثيرون لا يحبون تسمية المرض، فيتجاهلون قول تلك الكلمة "السرطان" وكأن النطق بها سيجعلها تحل بالمكان.
يحكي حميد (40 عاما) عن تجربة صديقه مع المرض فيقول "إنها قاسية بكل تفاصيلها منذ الشكوك الأولى الخاصة بالإصابة بالمرض مرورا بالتأكد من وجوده بين خلايا الجسم والتهامه لها، ثم محاولة الجميع إنكار أن هذا واقع وأنه حقيقة بمن فيهم المريض نفسه، ومن ثم البدء في رحلة العلاج الأشد قسوة من المرض نفسه لما تسببه من أعراض جانبية لا يمكن احتمالها ولتدميرها أعضاء الجسم الأخرى، ثم انتظار تلك المرة التي سنزور فيها صديقنا لنجد شعر رأسه وقد التهمه العلاج الكيميائي، وجلد جسده قد تصبغ باللون الأصفر المريع، في مواجهة واضحة مع الحياة، فالحياة لونها يميل للوردي والأحمر، أما الأصفر فهو الأقرب إلى الموت حينما يتعلق الأمر بالسرطان".
التصرف السليم لحظة المواجهة
لحظة مواجهة الحقيقة الخاصة بمعرفة الإصابة بهذا المرض لا يمكن فصلها عن المعنى الحقيقي للحزن والألم، لذا من الهام معرفة كيفية التصرف السليم في هذه المواقف.
تقول للجزيرة نت د. سحر طلعت أستاذة علم الأمراض بطب القصر العيني واستشاري نفسي "عندما يصاب شخص عزيز عليك صديق أو قريب بالسرطان، هناك أمران يجب ألا تقوم بهما على الإطلاق":
– إياك وأن تقول للمريض "عليك أن ترى بؤس الآخرين لتعرف أنك أفضل حالا منهم، احمد الله على ما أنت فيه".
– لا تهرب من المشهد وتختفي، بسبب كونك غير قادر على مواجهة صديقك لأنك لا تعرف ماذا تقول له في هذا الموقف الصعب.
– يجب أن تكون حاضرا باستمرار مع المريض، وأن تكون موجودا معه تشعر بأحاسيسه واحتياجاته المادية والمعنوية.
– لا تقترب من صديقك المريض لفترة وجيزة وتبتعد بعدها، هذا يشعره بأن الجميع سينفضون من حوله بالتدريج لانشغالهم بمصالحهم، شعور المريض بالطمأنينة مرتبط باستمرار وجودك بقربه خصوصا لو كنت شخصا عزيزا عليه.
– لا تقدم للمريض ما تظن أنك ستحتاجه لو كنت مكانه في نفس الموقف، ولكن قدم له ما يحتاجه هو شخصيا، ولتوضيح ذلك يجب أن تعرف أن كل شخص له آليات معينة للتعامل مع الأزمات.
– أنت الأكثر تفهما لاحتياجات صديقك. فهناك من يبكي وينهار، ومن يكون متماسكا، هناك من يحب الكلام والفضفضة مع شخص ما، ومن يفضل الصمت، ومن يغلق جميع الأبواب ويظل وحده تماما. والبعض يفضل الانشغال والتركيز في عمله أو دراسته، وهناك من يحتاج من الآخرين أن يقوموا بتطمينه بقولهم كلام طيب وإيجابي، وهناك من يحتاج إلى السكون وعدم سماع أي شيء.
– ربما يحب صديقك التلامس والقرب الجسدي وتشابك الأيدي والأحضان، وهناك من يحتاج مسافة بينه وبين الآخرين، لذا فإن دورك كصديق أن تعرف ما يفضله صديقك وما يرتاح له وتقدمه له.
– انتبه في هذه المرحلة لتبدل احتياجات صديقك مع تبدل ظروفه، فما كان يسعده من قبل قد لا يسعده في المرحلة التي يمر بها حاليا. دورك أن تكون شديد التركيز لتشعر بتبدل احتياجات قريبك أو صديقك.
– شجع صديقك على أن يكون صريحا معك ويقول بوضوح ما يشعر به.
– جزء من مساعدة مريض السرطان أننا نقوم بتخفيف بعض المسؤوليات عنه، كل حسب استطاعته، وبدلا من تكدس المهام الحياتية على كاهل شريك الحياة أو الأب والأم، فمن الممكن أن يشارك الأصدقاء والجيران والأقارب في قضاء هذه المسؤوليات.
– يجب أن تكون هناك مجموعة عمل منظمة حول المريض، من يقوم بالتوصيل إلى جلسات العلاج أو الفحوصات، ومن يقوم بإعداد وجبات الأكل الملائمة له، ومن يقوم باصطحاب الأطفال إلى أماكن الترفيه والتخفيف عنهم، ومن يساعد في المذاكرة للأبناء الكبار.
وفي الختام تؤكد الاستشارية النفسية في النهاية أهمية القرب والوجود مع الصديق أو القريب المريض وألا نتركه وحده، وأن يكون هناك إدراك منا وحساسية لاحتياجاته المادية والمعنوية، وأن نحرص على تلبية هذه الاحتياجات بالصورة التي تناسبه.