الأمم المتحدة.. السيدة غلا بهية تستعرض بنيويورك الدينامية السوسيو-اقتصادية في الصحراء المغربية
سلطت المنتخبة عن جهة الداخلة-وادي الذهب، غلا بهية، الضوء بنيويورك، على الدينامية التي تشهدها الأقاليم الجنوبية للمغرب على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، بفضل النموذج الجديد للتنمية الذي أطلقه صاحب الجلالة الملك محمد السادس في 2015.
وفي كلمة خلال الدورة السنوية للجنة الـ24 التابعة للأمم المتحدة، المنعقدة ما بين 11 و21 يونيو الجاري، أكدت السيدة بهية أن هذا النموذج التنموي المُبْتَكَر يندرج في إطار التزام المملكة الراسخ بتمكين كافة المواطنين من حقوقهم وحرياتهم ونسج أواصر مجتمع متضامن ينعم فيه الجميع بالأمن، والحرية، وتكافؤ الفرص، واحترام كرامتهم، والعدالة الاجتماعية.
وفي إطار هذا النموذج، الذي يأخذ بعين الاعتبار خصوصيات المنطقة وتطلعات الساكنة المحلية، تم إطلاق مشاريع استثمارية كبرى، موضحة أن هذه المشاريع تشمل البنيات التحتية (الطرق والموانئ والمطارات)، والصحة، والتكوين، والصناعة، والزراعة، والطاقات المتجددة والسياحة والتعدين والصيد البحري والقطاعات الاجتماعية.
وأشارت المنتخبة عن الصحراء المغربية إلى أن النموذج الجديد لتنمية الأقاليم الجنوبية، الذي رُصِدت له ميزانية تناهز 10 ملايير دولار، عرف إنجاز أزيد من 80 بالمائة من مشاريعه السوسيو-اقتصادية والهيكلية، مضيفة أن هذه المبادرة تروم توفير أزيد من 120 ألف فرصة عمل ومضاعفة الناتج الداخلي الخام المحلي.
وفي هذا الصدد، أشارت إلى أن جهتي الأقاليم الجنوبية حققتا نموا يفوق المعدل الوطني بنسبة 50 بالمائة، (10.9 بالمائة بالنسبة لجهة العيون و10.5 بالمائة لجهة الداخلة).
من جانب آخر، قالت المنتخبة عن جهة الداخلة-وادي الذهب، إن الصحراء المغربية أضحت اليوم تتميز بتمكينها الاقتصادي والاجتماعي غير المسبوق، وبكونها قطبا اقتصاديا إقليميا.
وفي هذا السياق، أبرزت أن المبادرات الملكية الثلاث، المتمثلة في خط أنبوب الغاز بين المغرب ونيجيريا، والمبادرة الأطلسية الإفريقية، والمبادرة الرامية إلى تعزيز ولوج بلدان الساحل إلى المحيط الأطلسي، ستجعل من الصحراء المغربية فضاء للأمن والاستقرار والتنمية المشتركة في إفريقيا، ضمن مجال المحيط الأطلسي وفي العالم.
وذكرت المتدخلة بمضامين الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى الـ48 للمسيرة الخضراء، والذي استعرض من خلاله صاحب الجلالة الملك محمد السادس رؤية جيوسياسية طموحة للمغرب، تتمحور حول تحويل الواجهة الأطلسية، مؤكدة أن الهدف الذي رسمه جلالة الملك يتمثل في جعل هذه المنطقة فضاء للتواصل الإنساني، وقطبا للتكامل الاقتصادي، والإشعاع القاري والدولي.
وتابعت بالقول إن جلالة الملك عبر عن عزمه الحرص على استكمال المشاريع الكبرى في الأقاليم الجنوبية، والتي تهم تطوير الخدمات والبنيات التحتية المرتبطة بالتنمية البشرية والاقتصادية.
وبخصوص جهة الداخلة-وادي الذهب، قالت السيدة بهية إن هذه الجهة استفادت من العديد من مشاريع البنيات التحتية، ومن بينها الطريق السريع تيزنيت-العيون-الداخلة على امتداد 1055 كلم، وكذا ميناء الداخلة الأطلسي، فضلا عن توسيع الشبكة الكهربائية.
وبفضل رؤية ملكية مستنيرة، تتابع السيدة بهية، يهدف مشروع ميناء الداخلة الأطلسي، الذي تطلب استثمارات تناهز 10 ملايير درهم، إلى تحفيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية والصناعية في الأقاليم الجنوبية، لا سيما جهة الداخلة-وادي الذهب.
وتابعت بالقول إن “هذا المشروع يطمح إلى جعل الجهة قطبا صناعيا رئيسيا يدعم تطوير صناعة بحرية قوية، ويعزز تموقعها ضمن ملتقى طرق استراتيجي، كما يتيح الولوج إلى القارة الإفريقية”.
وسجلت السيدة بهية أن هذا الميناء الجديد موجه لاستيعاب التدفقات المستقبلية لمنتجات الصيد البحري، لاسيما استغلال مخزونات الأسماك السطحية الصغيرة بالمنطقة “ج” (بوجدور-الكويرة)، وسيشكل رافعة لوجستية واقتصادية للتنمية السوسيو-اقتصادية في هذه المنطقة جنوب المغرب.
وأشارت المنتخبة عن الصحراء المغربية إلى أن هذا الميناء يرتقب أن يساهم في تسهيل الأنشطة المرتبطة بالصيد داخل المنطقة الحرة الجديدة، بما في ذلك العمليات التجارية، وكذا حركة النقل المرتبطة بالمناطق الداخلية في مدينة الداخلة.
وقالت إن العديد من المؤسسات ستواكب تطوير القدرات المحلية، مشيرة في هذا الصدد إلى مشاريع تهم على الخصوص تحويل المركز الاستشفائي الجهوي إلى مركز استشفائي جامعي، وإنشاء “مدينة المهن والكفاءات” وافتتاح كلية الطب.
وعلى المستوى الثقافي، لاحظت المتدخلة أن المغرب أطلق سلسلة من المبادرات تروم الحفاظ على الثقافة الحسانية وإدماجها والنهوض بها، تماشيا مع مقتضيات الدستور، موضحة أنه تم افتتاح العديد من المكتبات العمومية، كما يتم تنظيم العديد من المهرجانات الثقافية والموسيقية بمختلف مدن الصحراء المغربية، من قبيل الداخلة والعيون وطانطان.
كما تم إنشاء ناد ثقافي ومكتبة وسائطية، ومتحف (في الداخلة) ومعهد للموسيقى الحسانية ومركز للحفاظ على الثقافة الحسانية، مضيفة أن هذا المركز تمكن من جمع أزيد من 400 مخطوطة من الشعر الحساني.
وبخصوص وضعية المرأة في الصحراء المغربية، لفتت السيدة بهية إلى أن النساء يضطلعن بدور ريادي في المجتمع، حيث يحظين بمشاركة سياسية عالية على غرار باقي جهات المملكة.
وأوضحت أن النساء في الأقاليم الجنوبية يزاولن المهام الانتخابية على المستوى المحلي والإقليمي والوطني، ويشاركن في تدبير الشؤون المحلية من خلال المجالس الجهوية والمحلية المنتخبة في إطار الجهوية المتقدمة التي اعتمدتها المملكة. وتطرقت أيضا إلى المشاريع التي ساهمت في الارتقاء بظروف عيش الفئات الهشة وتوفير أنشطة مدرة للدخل في المنطقة.
وذكرت أن مشاريع اجتماعية أخرى ساهمت في إدماج آلاف النساء في سوق الشغل، مسجلة حضور نساء الصحراء المغربية على مستوى البرلمان والمجالس الجهوية والمجالس البلدية، كما أنهن يتمتعن بالحقوق والحريات ذاتها على قدم المساواة مع مواطني باقي جهات المملكة.
وفي معرض الحديث عن الانتخابات التشريعية والجهوية والمحلية التي جرت بالمغرب في شتنبر 2021، بما في ذلك الصحراء، أشارت السيدة بهية إلى أن هذه الاستحقاقات أثبتت تشبث ساكنة الصحراء وتمسكها بمغربيتها.
وذكرت بأن هذه الانتخابات العامة، التي شهدت مشاركة واسعة لساكنة الأقاليم الجنوبية، جرت في أجواء رصينة بمجموع التراب الوطني، موضحة أن معدل المشاركة في منطقة الصحراء المغربية بلغ 66,94 بالمائة بالنسبة لجهة العيون-الساقية الحمراء و58.30 بالمائة بالنسبة للداخلة-وادي الذهب، وهي أعلى النسب على المستوى الوطني.
واعتبرت السيدة غلا بهية أن معدلات المشاركة على مستوى الأقاليم الجنوبية تؤكد تشبث ساكنة الصحراء الراسخ بالمشروع الملكي لبناء مجتمع حديث وديمقراطي، مضيفة أن هذه الساكنة تنخرط بشكل كامل في تسيير الشأن المحلي والعام، من خلال انتخاب ممثليها في المجالس المحلية والإقليمية وعلى مستوى البرلمان.
من جانب آخر، أعربت غلا بهية عن الأسف إزاء “الظروف المزرية” التي تعيشها النساء المحتجزات في مخيمات تندوف، جنوب غرب الجزائر، حيث يتم إخضاعهن لمختلف أشكال سوء المعاملة والتعذيب، بما في ذلك الاغتصاب.
وأدانت “انتهاك حقوق النساء والأطفال في مخيمات تندوف دون تدخل البلد الحاضن، الذي يواصل رفض السماح للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الاضطلاع بمهمتها الإنسانية في حماية ساكنة هذه المخيمات، بما في ذلك النساء والأطفال”، مشددة على أن هذا الوضع يستدعي بالضرورة إحصاء هذه الساكنة.
وفي هذا الإطار، شجبت ضلوع جماعة “البوليساريو” الانفصالية والدولة الحاضنة، الجزائر، في الانتهاكات الجسيمة والممنهجة لحقوق الإنسان في هذه المخيمات، كما تؤكد ذلك تقارير المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان. وتكشف هذه التقارير عن ارتكاب الميليشيات الانفصالية للاعتداء، والاعتقالات وإساءة المعاملة في حق المدونين والأطباء والممرضات في مخيمات تندوف، وذلك على نطاق واسع.
كما استنكرت السيدة بهية الظروف المزرية للمحتجزين في هذه المخيمات بسبب اختلاس “البوليساريو” للمساعدات الإنسانية، كما أكد ذلك برنامج الأغذية العالمي ومكتب مكافحة الاحتيال التابع للاتحاد الأوروبي.
وذكرت بأن برنامج الأغذية العالمي رصد في تقريره لسنة 2023 اختلالات كبرى في تدبير المساعدات بمخيمات تندوف، لاسيما بيع منتجات البرنامج في أسواق البلدان المجاورة.
وأعربت عن الأسف لكون “الوضع القائم يعد مكلفا بالنسبة لإخواننا وأخواتنا في مخيمات تندوف ويؤدي إلى حالة من عدم اليقين بشأن مستقبلهم”.
وناشدت المجتمع الدولي إجبار الجماعة الانفصالية المسلحة والدولة الحاضنة، الجزائر، على وضع حد لهذه الانتهاكات، والكف عن تجنيد الأطفال، والسماح بتسجيل وإحصاء الساكنة المحتجزة في مخيمات تندوف.
ومن أجل إنهاء معاناة هذه الساكنة المحتجزة بمخيمات تندوف، تضيف المتحدثة، اقترح المغرب مبادرة الحكم الذاتي في 2007، في إطار سيادة المملكة ووحدتها الترابية.
وأكدت السيدة بهية أن “المبادرة المغربية للحكم الذاتي أضحت تحظى بدعم أزيد من 107 دول، كما قامت حوالي 30 دولة ومنظمة إقليمية بفتح قنصليات عامة لها في مدينتي العيون والداخلة”، مضيفة أن مخطط الحكم الذاتي يعد حلا سياسيا يحظى باعتراف واسع وينسجم مع مسلسل الجهوية الموسعة الذي يعمل المغرب على تنزيله.
وذكرت بأن مخطط الحكم الذاتي الذي تصفه القرارات الـ20 لمجلس الأمن الدولي، ومنذ 2007، بالجاد وذي المصداقية، يهدف بشكل مشروع إلى إيجاد حل سياسي نهائي للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية.
وأوضحت المنتخبة عن الصحراء المغربية أن هذه المبادرة تستند إلى ركيزتين: إنشاء مؤسسات محلية وتمثيلية تخول لساكنة الصحراء المغربية التمتع بحقوقها السياسية والاجتماعية والثقافية، وصيانة السيادة التاريخية للمغرب على هذه المنطقة، وفقا للقانون الدولي.
وخلصت إلى أن تنفيذ مخطط الحكم الذاتي سيساهم في تسريع وتيرة التنمية السوسيو-اقتصادية، وضمان السلام والاستقرار الدائمين في المنطقة.