المواطن

الختان…بين الفوائد الصحية والقصور الجنسي

الدار/ فاطمة الزهراء أوعزوز

 

ختان الأطفال خصوصا الذكور منهم في المجتمعات العربية، من الأمور الجدلية التي يدافع عنها البعض، باعتبار أنها جزء من التعاليم الدينية التي تدعو إلى الالتزام بها كل من الديانة اليهودية وكذلك الإسلام، غير أن البعض الآخر يقول إن الختان لا يغدو أن يكون مجرد عرف متوارث لا علاقة له بالدين، بل أكثر من ذلك يقال أنه من الممكن أن يكون السبب في ظهور مجموعة من الانعكاسات السلبية على مستوى الصحة الجنسية لدى الجنسين معا، الذكور والإناث.

 

"الختان عادة دينية برمزية ثقافية"

يقول علي الشعباني الباحث في علم الاجتماع في تصريح خاص لموقع" الدار"، إن الختان يعتبر عادة دينية وثقافية أكثر من أي رمزية أخرى، موضحا أن الشعوب العربية توارثت هذه العادة منذ القدم، خصوصا بعد دخول الإسلام الذي رسخ الختان بالنسبة للذكور من الأطفال في سن مبكرة، وذلك بغرض تفادي مجموعة من الأمراض بالإضافة إلى تأكيده على أن العملية تكون سببا في تحقيق مجموعة من العوائد الصحية، التي يعتبرها الباحث  ضرورة أساسية على مستوى الصحة الجنسية.

وأشار الشعباني أن الختان يعتبر ملمحا بارزا في الديانات اليهودية والإسلام، كونها تتميز بإقامة احتفالية خاصة تعتبر بمثابة الدخول الرسمي للطفل في الدين اليهودي على وجه الخصوص، وهو الأمر الذي يتم مباشرة بعد صلاة الصبح، كما أنها العملية التي تحظى بقدسية هامة والتي يباشرها رجل دين عارف  بالتعاليم الدينية، علما أن حفلة الختان تدعى لدى اليهوديين بـ"الملة"، التي تتم رعايتها على نحو كبير، وتكون بذلك الحفلة التي تخصص للعقيقة وتجمع بين الاحتفال بالحدثين معا: قدوم الطفل لهذا العالم وعملية الختان الذي يؤشر على دخول الطفل للدين.

وبالنظر للعلاقة التي تجمع الختان بالثقافة الجنسية، يقول الباحث في علم النفس مصطفى الشكدالي في تصريح لـ"الدار": يجب أن نعمل على ترسيخ الثقافة الإسلامفي جميع المؤسسات التربوية داخل المجتمع، وليس في المدرسة فقط، موضحا أنه لا يمكن الحديث عن التربية الجنسية في ظل غياب الفهم الصحيح لمفهوم "الجنس"، قبل الحديث عن هذا الموضوع داخل المؤسسات التعليمية، "يجب العمل على ترسيخه على مستوى المجتمع، خصوصا وأن الجنس يفهم كـ"خطيئة، فالتربية الجنسية تتجاوز المفهوم السطحي الاختزالي، لأنها تعني في مدلولها العام التربية على الحياة". يقول الشكدالي.

للختان فوائد صحية…ولكن

بدوره، يرى الناشط الحقوقي عبدالكريم القمش، في تصريح لـ"الدار" أنه وبغض النظر عن التناول الديني للموضوع، وبعيدا عن الحكم الشخصي للموضوع هل هو إجباري أو غير إجباري، فالبرجوع للتناول العلمي للموضوع، فقد تم التطرق له  من جميع الاتجاهات، بدءا من التطرق للاضطرابات الأولية التي يمكن أن تتمظهر في الأيام الأولى بعد الختان، مرورا بالأمراض المنقولة الجنسية التي تتم محاربتها من خلال عملية الختان.

وأشار لقمش أن الطب أثبت بالفعل أن الختان يعتبر بمثابة الحائل الذي يقلل من حدة الإصابة بمرض فقدان المناعة المكتسبة، مضيفا أن العلم أثبت في السياق ذاته أن عملية الختان تقلص من نسبة الإصابة بالبكتيريا التي قد تولد هي الأخرى مجموعة من الالتهابات والانعكاسات المهبلية أثناء الاتصالات الجنسية لشريكة الشخص المعني بالأمر.

 

الختان… إتلاف لخلايا استقبال المتعة الجنسية

أما فيما يخص مدى تأثير عملية الختان سلبا أو إيجابا على الصحة الجنسية، فقد أكد لقمش من خلال بحث أجراه في الموضوع، أن الدراسات العلمية المحكمة التي تصب في هذا الصدد، والتي تم إجراؤها خارج المغرب بالعديد من الدول المتقدمة في الطب، أكدت  أن المتعة الجنسية تكون على قدر عالي لدى الرجال الذين لم يخضعوا لعمليات الختان في حياتهم قط سواء في مرحلة الطفولة أو غيرها من المراحل الأخرى، كونه لم يتعرض لإتلاف خلايا استقبال الإحساس التي تتمركز على المستوى المبتور في عملية الختان، موضحا أنه طبقا لدراسة تمت في الدانمارك، فهناك مجموعة من الانعكاسات السلبية التي تتمظهر أثناء الاتصالات الجنسية مع المرأة من قبيل التسبب في نوع من الآلام، هذا الأخير الذي تفيد الدراسات أنه يكون منتفيا بالنسبة للرجال غير المختونين.

أما عن موقف الإسلام من الختان، فيذهب رجال الدين في هذا الصدد إلى التأكيد على ضرورته وأهميته،إذ أشار أحمد البوكيلي أستاذ الدراسات الإسلامية في تصريحه لموقع "الدار"، يروى في الحديث الشريف: اختنوا أولادكم يوم السابع، فإنه أطهر وأسرع نباتا للحم، وأروح للقلب".

ويتم التأكيد في هذا الصدد على أن الإسلام سباق إلى تشريع الضرورات التي تعود بالنفع على حياة المسلم، إذ أكد المتدخل نفسه أن الفوائد الصحية المرتبطة بعملية الختان متعددة، وتشمل العديد من الجوانب الصحية، فقد نشرت المجلة الأمريكية لطب الأسرة مقالا لبعض الدكاترة الأخصائيين عن الفوائد الصحية للختان جاء فيه أن ختان الأطفال والمواليد أي خلال الشهر الأول من أعمارهم يؤدي إلى فوائد صحية عديدة أهمها الوقاية من الالتهابات الموضعية خصوصا منها التهابات المجاري البولية وسرطان العضو الذكري، حيث أثبتت الأبحاث العديدة أن الأطفال غير المختونين يتعرضون لزيادة كبيرة في التهابات المجاري البولية كما أجمعت الدراسات على أن سرطان العضو الذكري يكاد يكون منعدما لدى المختونين بينما نسبته لدى غير المختونين مرتفعة".

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عشرة − 9 =

زر الذهاب إلى الأعلى