الحكومةسلايدر

المغرب بين المكاسب الدبلوماسية ودعاية الكراهية الجزائرية

الدار/ تحليل

في السنوات الأخيرة، شهد المغرب تطورات دبلوماسية كبيرة على الساحة الدولية، أثارت ردود فعل متباينة من قبل جيرانه، وعلى رأسهم الجزائر. من بين هذه التطورات البارزة توقيع المغرب على الاتفاقات الثلاثية مع إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، والتي تضمنت اعتراف واشنطن بسيادة المغرب على صحرائه، إلى جانب تعزيز العلاقات الاقتصادية والأمنية بين الأطراف الثلاثة. كما أقدمت فرنسا مؤخرًا على خطوة مماثلة بالاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء، وهو قرار يعكس تزايد الدعم الدولي للموقف المغربي.

على الجانب الآخر، قابلت الجزائر هذه الخطوات بسيل من الاتهامات، معتبرة أن المغرب خان القضية الفلسطينية وعقد تحالفات على حساب “القضايا العربية”، رغم أن المغرب أكد مرارًا وتكرارًا أن علاقاته مع إسرائيل لا تؤثر على التزامه التاريخي بدعم الشعب الفلسطيني.

لكن المثير للاهتمام هو الطريقة التي استغلت بها الجزائر هذه التطورات لتأجيج الكراهية ضد المغرب والمغاربة. فمن خلال الإعلام الرسمي وغير الرسمي، شنت الجزائر حملات دعائية مكثفة تتهم المغرب بالخيانة وتصف خطواته بأنها تهديد للأمن القومي الجزائري. بل تعدت ذلك إلى تحريض الشعب الجزائري ضد الشعب المغربي، مما زاد من توتر العلاقات بين الشعبين الجارين.

الغريب في المشهد هو التناقض الواضح في الخطاب الجزائري الرسمي، الذي يدعي مناهضة “الفتنة” ويدعو إلى الوحدة العربية، بينما في الواقع يواصل تغذية الكراهية ضد المغرب على المستويين السياسي والشعبي. هذه الازدواجية تجعل التساؤل مشروعًا: لماذا لا تُدان هذه الحملات العدائية بنفس الحدة التي تُدان بها خطوات المغرب الدبلوماسية؟

التحليل الموضوعي للوضع يكشف أن الجزائر، بدلاً من انتهاج سياسة متوازنة تعتمد على الحوار وحسن الجوار، اختارت سياسة الهجوم والاتهامات المتكررة كوسيلة لتصدير أزماتها الداخلية. ومع تصاعد الضغوط الاجتماعية والاقتصادية داخل الجزائر، أصبح استهداف المغرب وسيلة سهلة لتحويل انتباه الرأي العام الجزائري.

في ظل هذا الوضع المتأزم، يبقى التعايش وحسن الجوار الخيار الأفضل للشعبين الجارين. فالتاريخ والثقافة المشتركة بين المغرب والجزائر يجب أن تكون دافعًا للتعاون بدلاً من الصراع. كما أن محاربة خطاب الكراهية تتطلب وقفة حقيقية من المجتمع الدولي والمنظمات الإقليمية لردع أي دولة تساهم في تغذية النزاعات بين الشعوب.

يُظهر المشهد الحالي أن المغرب، من خلال تعزيز موقعه الدولي، قد نجح في كسب دعم متزايد لقضاياه العادلة، وهو ما يدفع الجزائر إلى مواقف عدائية تُظهر عزلتها المتزايدة. ولكن الأمل يبقى أن يعي الشعبان الشقيقان أن التفرقة والعداء يخدمان أجندات ضيقة ولا تصب في مصلحة أي منهما.

زر الذهاب إلى الأعلى