أخبار الدارالمواطنسلايدر

جدل الساعة الإضافية : كلفة نفسية على حساب اقتصاد طاقي غير مبرر

جدل الساعة الإضافية : كلفة نفسية على حساب اقتصاد طاقي غير مبرر

بقلم: ياسين المصلوحي

كلما انتهى شهر رمضان المبارك، إلا وتعود إلى الواجهة مناقشة مسألة تغيير توقيت الدولة المغربية من توقيت غرينيتش إلى غرينيتش زائد ساعة، والجدل المجتمعي الذي يرافق هذه الخطوة.
فبعدما كان الأمر يقتصر على إضافة ساعة واحدة خلال موسم الصيف فقط، منذ 2008 إلى 2012، حيث تم إصدار مرسوم باعتماد الساعة الإضافية بين شهر مارس وشهر أكتوبر من كل سنة، إلا أنه في سنة 2018 تم إصدار مرسوم يقضي بتثبيت التوقيت الصيفي طيلة السنة، ما عدا شهر رمضان، الذي يتم فيه العودة إلى التوقيت القانوني.
هذا الإجراء خلف عدة تساؤلات، خصوصًا مع الطريقة التي تم بها، حيث كان قد صدر بلاغ نهاية شهر أكتوبر 2018 تُخبر من خلاله الوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بإصلاح الإدارة وبالوظيفة العمومية بالعودة إلى التوقيت القانوني، إلا أنه، وقبل يومين من إجراء هذا التغيير، تفاجأ المغاربة بقرار حكومي جديد يُثبت من خلاله الساعة الإضافية طيلة السنة، وهو ما وضع علامات استفهام حول مدى دراسة جدوى هذا الإجراء، الذي اعتُبر أنه ارتجالي و متسرع وغير محسوب التبعات، رغم ما تقدمت به الوزارة المختصة من حجج حول أهداف الاقتصاد في الطاقة، وملاءمة التوقيت المغربي مع التوقيت الأوروبي، وما له من أثر إيجابي على المعاملات الاقتصادية للشركات وتحسين التواصل بينها.
الآن، وبعد مرور عدة سنوات على اعتماد الساعة الإضافية، لا تكاد تخلو مناسبة إلا وتم الحديث عنها والمطالبة بالتخلي عنها والرجوع إلى التوقيت العادي، حيث يرى البعض أنه خلال شهر رمضان يتم التصريح بالعودة إلى الساعة القانونية، وهو اعتراف بأن الساعة المضافة هي غير قانونية من الأساس، من منطلق التسمية. كما أن الوزارة المعنية كانت قد وعدت، في حينها، بإجراء دراسة شاملة من أجل تحديد المزايا والعيوب وتقييم الوضع من أجل اتخاذ الإجراءات المناسبة، إما بتثبيتها أو التخلي عنها، وهو ما لم يتم القيام به إلى غاية اليوم، بل، على العكس، سُجل خروج بعض المسؤولين الحكوميين يستنكرون هذا التوقيت، ويعدّدون سلبياته على مستوى الصحة النفسية والجسدية، لعل أبرزهم تصريح وزير الصحة السابق، السيد الحسين الوردي، حول الانعكاسات السلبية لهذا التوقيت على صحة المغاربة النفسية والجسدية.
ورغم المناشدات الواسعة من جميع شرائح المجتمع، من تلاميذ وموظفين وآباء وأجراء، من أجل مراجعة قرار الساعة الإضافية، وتوضيحهم، غير ما مرة، للإكراهات والصعوبات التي يواجهونها بسبب هذا التوقيت، خصوصًا في فصل الشتاء الذي تأتي فيه الساعة الثامنة صباحًا في التوقيت العادي والنهار لم يكد يشقشق بعد، فما بالك بإضافة ساعة إلى هذا التوقيت، حيث يعاني التلاميذ للالتحاق بمدارسهم، خصوصًا أطفال البوادي الذين تبعد عنهم المدرسة بمسافات طويلة، وكذلك العمال والأجراء الذين يضطرون للاستيقاظ في جنح الظلام للحاق بمقرات عملهم، حيث تم تسجيل ارتفاع لعمليات النشل والسرقة بالعنف في هذه الأوقات المبكرة، إلا أن الحكومة لم تتجاوب نهائيًا مع هذه المطالب، حتى وصل الحد بالمواطنين إلى مناشدة صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله لتحكيم ملكي، وإطلاق هاشتاغ على مواقع التواصل الاجتماعي للنظر في هذه القضية.
إن الوضع الحالي يتطلب تجاوبًا إيجابيًا من الحكومة مع انتظارات الشعب والاستماع لمطالبه، حتى وإن لم توافق عليها، لكن يجب على الوزارة المعنية إجراء الدراسة المتعلقة بذلك، وإخراج نتائجها إلى الرأي العام، والتأكد من مدى نجاعة وفعالية هذا القرار، الذي يرفضه الغالبية العظمى من المغاربة، خصوصًا وأن مؤشرات الاستهلاك الطاقي لم تعرف أي تراجع، كما أن الأفراد لم يمتثلوا لإرشادات الاستعمال الطاقي بسبب رفضهم للمبدأ من الأساس، وهو ما أثر على ساعات النوم، حيث ينام الأفراد بالتوقيت العادي، ويستيقظون بالتوقيت الصيفي إجباريًا، مما يضيع على الشخص ساعتين من النوم السليم.
إننا أحوج ما نكون في هذه الفترة إلى الإنصات لأصوات المواطنين، والانحياز لمطالبهم المشروعة، فكيفما كان الحال، يجب على الحكومة أن تعكس انتظارات المواطنين، كما أن القوانين هي نتاج لاحتياجات المجتمع، وبالتالي فهي سيادة لرغبة الأمة التي ترفض حاليًا هذه الساعة الإضافية. كما أن كلفة الراحة النفسية والصحة الجسدية لملايين المغاربة، لن تكون أقل قيمة من الكلفة الطاقية أو الانعكاسات الاقتصادية التي لا يُعلم مدى تحققها.

زر الذهاب إلى الأعلى