أخبار الدارسلايدر

مطالب أمريكية متصاعدة لتصنيف جبهة البوليساريو كتنظيم إرهابي

الدار/ تحليل

تشهد الأوساط السياسية والفكرية في الولايات المتحدة جدلاً متصاعداً حول ضرورة تصنيف جبهة البوليساريو الانفصالية كتنظيم إرهابي، وذلك في ضوء معطيات ومؤشرات تزايدت مؤخراً حول تورطها في أنشطة مشبوهة ذات طابع مسلح وارتباطات مع جماعات متطرفة. مركز “هادسون”، أحد أبرز مراكز التفكير المحافظة في واشنطن، أطلق نداءً واضحًا يدعو فيه الإدارة الأمريكية إلى اتخاذ هذه الخطوة، مؤكدًا أن ذلك سيكون قرارًا استراتيجيًا يخدم المصالح الأمريكية ويعزز الأمن في شمال إفريقيا.

ويستند هذا الطرح إلى مجموعة من الوقائع التي تضع البوليساريو في موقع المسؤولية عن خروقات أمنية وإنسانية خطيرة. من أبرز هذه الوقائع، خرق اتفاق وقف إطلاق النار الموقع عام 1991 تحت إشراف الأمم المتحدة، وتورط الجبهة في تحويل وجهة المساعدات الإنسانية إلى تمويل أنشطتها العسكرية. كما تشير تقارير موثوقة إلى علاقات تجمع البوليساريو بتنظيمات إرهابية دولية على غرار القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وتنظيم الدولة في الصحراء الكبرى، بالإضافة إلى صلات مزعومة بحزب الله اللبناني، وتلقّيها دعمًا تقنيًا وعسكريًا من إيران عبر وساطة جزائرية.

هذه التطورات تضع الجبهة في مرمى القانون الأمريكي، الذي يحدد معايير دقيقة لتصنيف التنظيمات الإرهابية، من بينها النشاط خارج الأراضي الأمريكية، والانخراط في أعمال عنف أو تهديدات للأمن، والتنسيق مع جماعات متطرفة، وهي جميعها سمات تنطبق على البوليساريو وفق المحللين الداعين لهذا التصنيف.

ويؤكد المتابعون أن اتخاذ الولايات المتحدة لهذه الخطوة سيكون له أثر سياسي كبير، سواء من حيث حماية مصالحها في المنطقة أو من حيث دعم شركائها الإستراتيجيين، وعلى رأسهم المغرب، الذي يعد حليفًا محوريًا لواشنطن في قضايا الأمن ومكافحة الإرهاب. فالمغرب، بموقعه الجغرافي واستقراره السياسي، يشكل صمام أمان في محيط إقليمي مضطرب، بينما تمثل تحركات البوليساريو عامل تهديد لهذا الاستقرار.

وعلى المستوى الإنساني، تتزايد الأصوات التي تندد بالأوضاع في مخيمات تندوف، حيث تفرض الجبهة سيطرتها على عشرات الآلاف من الصحراويين، وتحرمهم من أبسط الحقوق، مثل حرية التعبير والتنقل، في ظل تقارير عن حالات تجنيد قسري وممارسات مهينة تقترب من نظام العبودية. هذا في وقت ينعم فيه الصحراويون داخل الأقاليم الجنوبية المغربية بكامل حقوقهم المدنية والسياسية، ويشاركون في الانتخابات ويستفيدون من مشاريع التنمية والدعم الحكومي.

وفي حال تم تصنيف البوليساريو كتنظيم إرهابي، فإن تداعيات ذلك ستكون واسعة؛ من تجميد أصول الجبهة وإضعاف شبكات تمويلها، إلى عزل الأطراف الإقليمية الداعمة لها، وخصوصًا النظام الجزائري، فضلاً عن تعطيل محاولات إيران التغلغل في المنطقة عبر وكلائها. كما سيساهم القرار المحتمل في الحد من تهريب الأسلحة وتعزيز الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب، إلى جانب وقف المتاجرة السياسية بملف اللاجئين الصحراويين.

التحركات الحالية في واشنطن تعكس تغيرًا في المزاج السياسي الأمريكي تجاه هذا النزاع الإقليمي المزمن، وتفتح الباب أمام تحول نوعي في الموقف الرسمي من البوليساريو، قد يضع حداً لسنوات من التجاهل الدولي لنشاطاتها المسلحة، ويعيد ترتيب أوراق اللعبة الجيوسياسية في شمال إفريقيا.

زر الذهاب إلى الأعلى