أخبار الدارأخبار دوليةسلايدر

المغرب في مرمى الحملات العدائية: دعوة إلى الوحدة وتحصين الجبهة الداخلية

المغرب في مرمى الحملات العدائية: دعوة إلى الوحدة وتحصين الجبهة الداخلية

الدار/ تحليل

في خضم التحولات الجيوسياسية التي يشهدها العالم، يجد المغرب نفسه أمام تحديات متنامية تستهدف استقراره ومؤسساته السيادية بشكل متكرر، في مشهد لم يعد يخفى على أحد من المتابعين للشأن الإقليمي والدولي. فخلف ستار الأخبار، تتوالى الإشارات المقلقة التي تكشف عن نوايا خبيثة تحركها أطراف معروفة بعدائها للمملكة، مستغلة كل فرصة لإثارة الفتن أو ضرب مصداقية المؤسسات الوطنية.

إن القراءة المتأنية لهذه الظواهر تظهر بوضوح أن المغرب، كدولة ذات موقع استراتيجي وصوت وازن في محيطه، أضحى هدفاً لهجمات متعددة الأوجه: إعلامية، إلكترونية، وسياسية، تسعى جميعها إلى زعزعة التماسك الداخلي والنيل من مكاسبه التنموية والدبلوماسية. ولعل أبرز مظاهر هذه الهجمات يتمثل في التركيز على مؤسسات الدولة، ومحاولة التشكيك في نزاهتها أو التشويش على أدوارها الحيوية.

هذه المحاولات ليست وليدة اللحظة، بل تأتي ضمن سياق معقد يرتبط بتحولات إقليمية كبيرة، وصراع مصالح دولي يمتد من شمال إفريقيا إلى عمق الساحل والصحراء. المغرب، الذي اختار نهج الإصلاح السياسي والتنموي، وقاد باقتدار ملفات كبرى مثل ملف الصحراء المغربية واستراتيجية التنمية في إفريقيا، أصبح شوكة في حلق خصومه الإقليميين والدوليين.

ورغم تعدد الأشكال التي تتخذها هذه الهجمات، فإن القاسم المشترك بينها هو السعي لإحداث شرخ داخلي، سواء عبر تغذية الخطاب الانقسامي، أو استغلال التباينات الاجتماعية لإشعال نار التشكيك. لكن ما يُفشل هذه المحاولات هو وعي المغاربة المتزايد، وتاريخهم الطويل في الصمود الجماعي أمام كل مؤامرة تستهدف وحدتهم الترابية أو سيادتهم المؤسسية.

من هذا المنطلق، تبرز الحاجة الملحة اليوم إلى تعزيز جبهة وطنية موحدة، تتجاوز الخلافات الظرفية وتعلو فوق الحسابات الضيقة. فالمؤسسات، بكل تنوعها المدني والعسكري، مطالَبة اليوم أكثر من أي وقت مضى بوضع اليد في اليد، والعمل بمنطق الدولة الواحدة التي لا تقبل الاختراق أو التفكك.

الاختلاف داخل البيت المغربي، كما وصفه البعض، قد يكون حول لون الجدار، لكنه لا يجب أن يتحول إلى خلاف حول أساس الجدار نفسه. فهناك فرق بين النقد البنّاء الذي يهدف إلى الإصلاح، وبين التشكيك الهدام الذي يخدم أجندات خارجية لا تريد خيراً لهذا الوطن.

وتأسيساً على معطيات من تقارير أمنية وإعلامية دولية، فإن المغرب واجه خلال السنوات الأخيرة سلسلة من الهجمات السيبرانية وحملات التضليل التي انطلقت من منصات مرتبطة بأطراف معادية، أبرزها جماعات انفصالية مدعومة من أنظمة تعيش عزلة سياسية ودبلوماسية. وقد كشفت دراسات مثل تلك الصادرة عن مركز “أتلانتك كاونسل” الأمريكي أو “إنترناشيونال كرايسيس غروب” عن تزايد هذه الأنشطة الموجهة ضد الدول المستقرة في شمال إفريقيا، وعلى رأسها المغرب.

وفي مواجهة هذا الوضع، لا بد من نهج استراتيجي شامل يقوم على ثلاثة مرتكزات: أولاً، تعزيز مناعة المؤسسات من خلال الشفافية والتواصل الفعال مع المواطنين؛ ثانياً، الاستثمار في الأمن السيبراني والتحصين المعلوماتي؛ وثالثاً، ترسيخ الوحدة الوطنية عبر تقوية الروابط بين الدولة والمجتمع.

ختاماً، إن المغرب لا يواجه أزمة داخلية، بل هو يواجه عدواناً خارجياً بثوب داخلي، وهذا يفرض على جميع القوى، السياسية والمدنية، أن تعي خطورة المرحلة وأن تصطف خلف المؤسسات الدستورية، حفاظاً على الأمن القومي والسلم الاجتماعي. فالرهان اليوم ليس على من يربح النقاش، بل على من يربح معركة الاستقرار.

زر الذهاب إلى الأعلى