دعم بنكيران لإيران يكشف طبيعة “العدالة والتنمية”: الأولوية للأجندة الإيديولوجية لا لمصالح المغرب
دعم بنكيران لإيران يكشف طبيعة “العدالة والتنمية”: الأولوية للأجندة الإيديولوجية لا لمصالح المغرب

الدار/ تحليل
أثار الموقف الأخير لعبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، والمتمثل في دعمه العلني وغير المشروط لإيران، موجة من التساؤلات حول مدى التزام هذا الحزب فعلياً بالدفاع عن مصالح المغرب، خاصة في ظل اتهامات رسمية صادرة عن الدولة المغربية بشأن تورط طهران في دعم جبهة البوليساريو المسلحة، بل واعترافها بـ”الجمهورية” الانفصالية.
هذا الاصطفاف الذي يأتي متزامناً مع مواقف مشابهة صادرة عن تنظيمات وشخصيات تابعة لجماعة الإخوان المسلمين، مثل المرشد العام صلاح عبد الحق، يكشف عن حقيقة أعمق: حزب العدالة والتنمية لم يعد يُنظر إليه كقوة سياسية مغربية تعمل ضمن الإطار الوطني، بل كامتداد لأجندة عابرة للحدود تتجاوز الحسابات السيادية للمملكة.
ففي الوقت الذي يواصل فيه المغرب معركته الدبلوماسية والعسكرية والدستورية لتثبيت وحدته الترابية، يبدو أن الحزب الإسلامي يفضل التماهي مع توجهات تتجاهل بشكل صارخ هذا النضال الوطني، في مقابل دعم أنظمة أو تنظيمات لها حسابات إقليمية معقدة، لا تأخذ مصالح الرباط في الحسبان.
الإشكال لا يقتصر على موقف ظرفي أو قرار فردي. بل إن ما يكشفه هذا الدعم غير المبرر لإيران هو الإيمان العميق داخل الحزب بأولوية المشروع الإيديولوجي على الانتماء الوطني. فإيران التي تسببت في إشعال الفتن الطائفية والحروب بالوكالة عبر ميليشياتها في العراق وسوريا ولبنان واليمن، يتم الدفاع عنها في خطاب بنكيران باعتبارها جزءاً من “الممانعة”، بينما يتم التغاضي عن أدوارها التخريبية في المنطقة وعن علاقتها الوطيدة بجبهة البوليساريو.
أما داخل البنية الفكرية للإخوان المسلمين، التي يتغذى منها العدالة والتنمية، فالمغرب غالباً ما يُختزل إلى دور هامشي، أقرب إلى “المنصة الدعوية” منه إلى الدولة ذات السيادة. بل إن الجماعة لم تُصدر يوماً موقفاً داعماً لمغربية الصحراء، في وقت نجد فيه أحزاباً إسلامية جزائرية تنتمي لنفس الفلك، كحركة مجتمع السلم، تعلن تأييدها العلني للانفصاليين.
اللافت في هذا السياق، أن الخطاب الإخواني يضع وحدة المغرب الترابية في مرتبة ثانوية، إن لم تكن هامشية، مقارنة بأجندات مركزها الشرق الأوسط، حيث تتصدر القضايا “الجامعة” كالخلافات الإقليمية أو الصراعات الطائفية، بينما يتم التعامل مع القضايا الوطنية للدول “الطرفية” كالمغرب كأمور مؤجلة أو غير ذات أولوية.
دعم بنكيران لإيران لا يمكن قراءته إلا ضمن منطق أيديولوجي يتعالى على الاعتبارات الوطنية، ويضع الانتماء العقائدي فوق الولاء للوطن. فكيف يمكن لحزب بهذا التوجه أن يدعي تمثيل المغاربة بينما يتبنى مواقف تتناقض مع أولى أولوياتهم، أي وحدة أرضهم وصيانة سيادتهم؟