التهديدات تلاحق صحافية إسبانية بعد كشفها خداع الجزائر والبوليساريو في تندوف
التهديدات تلاحق صحافية إسبانية بعد كشفها خداع الجزائر والبوليساريو في تندوف

الدار/ تحليل
في مواجهة مباشرة مع حملات التضليل والدعاية التي نسجتها الجزائر وجبهة البوليساريو لعقود، فجّرت الصحافية والوثائقية الإسبانية دجيدي باتريثيا جدلاً واسعًا بعد عرضها لفيلم وثائقي بعنوان “من تندوف إلى العيون.. طريق الكرامة”، كشف تفاصيل صادمة من داخل المخيمات التي تديرها الجبهة على الأراضي الجزائرية، وتعرّضت على إثره لتهديدات جدية بالقتل.
باتريثيا، التي زارت تندوف بتنسيق مباشر مع عناصر البوليساريو، دخلت المخيمات بنية إعداد عمل صحفي محايد، لكنها اصطدمت بواقع مختلف تمامًا عن الخطاب الذي اعتادت سماعه في وسائل الإعلام الأوروبية. فقد أكدت أنها خضعت لمراقبة لصيقة من طرف ضابط في الجيش الجزائري، مُنعَت خلالها من التحرك بحرية أو إجراء مقابلات مع السكان دون موافقة مسبقة، ما جعلها تدرك أن هناك رقابة أمنية مشددة تفرض على الحياة داخل المخيمات، وتحجب عن العالم حقيقة ما يجري هناك.
وبحسب ما أوردته الصحافية في تصريحاتها خلال ملتقى دولي بمدينة الداخلة، فإنها لاحظت بشكل مباشر وجود مفارقة صارخة بين ظروف العيش القاسية التي يعاني منها سكان المخيمات، ورفاهية النخب الانفصالية، التي تستفيد من المساعدات الدولية الموجهة للاجئين، بينما يتم حرمان المحتجزين من أبسط الحقوق. وأضافت أن الوثائقي الذي أعدّته تضمن شهادات وشواهد حول نهب المساعدات الإنسانية الأوروبية، وتوظيفها كأداة ضغط ومقايضة سياسية، في ظل صمت وتواطؤ السلطات الجزائرية.
الوثائقي لم يتوقف عند حدود تندوف، بل شمل زيارة إلى مدينة العيون بالصحراء المغربية، حيث كانت المفاجأة الكبرى، كما عبرت عنها الصحافية الإسبانية. فقد اكتشفت مدينة حديثة تتمتع ببنية تحتية متطورة ومرافق اجتماعية متكاملة، وعاشت تجربة ميدانية نقلتها من الصورة النمطية التي رُوِّجت لسنوات إلى واقع مختلف كلياً. وخلال لقاءاتها مع منتخبين وشخصيات من أصول صحراوية، استمعت إلى مواقف واضحة تؤكد الانتماء للمغرب، وتكذّب دعاوى التهميش أو الاحتلال، التي ما فتئت جبهة البوليساريو تروّجها في المنتديات الدولية.
دجيدي باتريثيا دفعت ثمن جرأتها المهنية غاليًا، فقد تلقت تهديدات بالقتل مباشرة بعد بث الوثائقي، في محاولة لإسكات صوت مختلف اختار أن يكشف الحقيقة كما هي، بعيدًا عن التوجيه السياسي أو الاصطفاف الأيديولوجي. ورغم هذه التهديدات، شددت الصحافية على أنها لن تتراجع عن التزامها الصحفي، معتبرة أن ما رأته في تندوف والعيون يستحق أن يُعرف، وأن مسؤولية الإعلام هي كشف ما يُخفيه التعتيم والتضليل، لا الانخراط في تغطية الواقع بالشعارات الجوفاء.
في زمن تحوّل فيه الإعلام إلى ساحة صراع بين الروايات، تبرز شهادة دجيدي باتريثيا كصوت مهني نادر، اختار أن يُنقل الصورة بصدق، وأن يواجه آلة الدعاية بأدوات الصحافة الحرة، ولو كلفه ذلك حياته.