أخبار دوليةسلايدر

أين اختفى الاتحاد الإفريقي..اتفاق السلام بين رواندا والكونغو الديمقراطية يوقع في واشنطن

الدار/ تحليل

اختارت كل من رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية توقيع اتفاق السلام بينهما في العاصمة الأمريكية واشنطن، وليس في أديس أبابا، المقر الطبيعي للاتحاد الإفريقي. هذا الخيار الجغرافي ليس مجرد تفصيل، بل يعكس تحوّلاً دالًا في موازين الوساطة الدبلوماسية داخل القارة الإفريقية، ويطرح سؤالًا ملحًا: أين هو الاتحاد الإفريقي من هذا التطور المفصلي؟

ففي الوقت الذي يُفترض أن يكون الاتحاد مظلةً جامعةً لتسوية النزاعات الإقليمية، بدا وكأنه مغيّب تمامًا عن مسار المفاوضات الذي أفضى إلى توقيع الاتفاق. هذا التغييب، سواء كان طوعيًا أو مفروضًا، يُثير قلقًا حقيقيًا بشأن قدرة المنظمة القارية على القيام بدورها التاريخي في حفظ السلم والأمن بين الدول الإفريقية.

ويرى متابعون أن اختيار واشنطن كموقع لتوقيع الاتفاق لا يخلو من دلالات سياسية، إذ يعكس بوضوح تنامي الدور الأمريكي في إدارة الأزمات الإفريقية مقابل تراجع الحضور الإفريقي الذاتي في معالجة مشكلاته الداخلية. كما يُفهم منه تفضيل طرفي النزاع لوساطة دولية على حساب المبادرة القارية، ربما بحثًا عن ضمانات أقوى أو ضغط أكثر فاعلية.

هذا الواقع يكشف عن أزمة أعمق في بنية الاتحاد الإفريقي نفسه، الذي كثيرًا ما يواجه اتهامات بالبيروقراطية وضعف الاستجابة في أوقات الأزمات. كما أن انقسام المواقف داخل الاتحاد بشأن بعض الملفات الساخنة قد أفقده أحيانًا صفة “الوسيط المحايد”.

في المقابل، تحاول قوى خارجية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، ملء هذا الفراغ من خلال تقديم نفسها كضامن للاستقرار وميسر للحلول، ما يعيدنا إلى مشهد قديم يتجدد فيه الحضور الدولي في إفريقيا، مقابل تراجع القرار الإفريقي المستقل.

يبقى السؤال: هل سيتحول هذا الاتفاق إلى نقطة تحول تُجبر الاتحاد الإفريقي على مراجعة آلياته وإعادة ترتيب أوراقه؟ أم أنه سيكون مجرد محطة أخرى تؤكد أن الحلول الكبرى في القارة لم تعد تُصاغ في عواصمها، بل خارج حدودها؟

زر الذهاب إلى الأعلى