أخبار الدارأخبار دوليةسلايدر

الجزائر تعيد إنتاج فشلها: من صحراء المغرب إلى الريف… عبث نظام مأزوم يحاول تصدير أزماته

الجزائر تعيد إنتاج فشلها: من صحراء المغرب إلى الريف… عبث نظام مأزوم يحاول تصدير أزماته

الدار افتتاحية / إيمان العلوي

لجأ النظام الجزائري مرة أخرى إلى لعبته المفضلة: التدخل في الشؤون الداخلية للمغرب، ولكن هذه المرة عبر محاولة يائسة لاستغلال منطقة الريف، بعد أن سقط رهان الانفصال في الصحراء المغربية سقوطاً مدوّياً على الصعيدين الإقليمي والدولي.

في 21 يوليوز، استقبلت الجزائر ما وصفته بـ”وفد من ممثلي الريف” ضمن حفل بروتوكولي مبتذل، أراد النظام من خلاله إيهام الداخل والخارج بأنه “ناشط” في مجال دعم الأقليات، بينما الحقيقة أنه مجرد نظام مأزوم يبحث عن مسرح جديد لتصفية أحقاده الجيوسياسية تجاه المغرب، الذي يواصل تثبيت سيادته وتنميته من شماله إلى جنوبه.

فشلت الجزائر على مدار خمسة عقود في فرض كيان وهمي بالصحراء المغربية، رغم الدعم المالي والسياسي والإعلامي الذي خصصته لجبهة البوليساريو. ومع تعاظم الاعترافات الدولية بمغربية الصحراء، وازدياد التأييد الواسع لمبادرة الحكم الذاتي، بدا النظام الجزائري كمن خسر رهانه الاستراتيجي، ليبحث اليوم عن “ورقة بديلة”، فوقع اختياره – في تصرف يائس – على الريف.

لكن المفارقة أن الجزائر تعيد تدوير نفس السيناريو: اختلاق “قضية”، ثم صناعة “قيادات”، فإضفاء طابع إنساني-حقوقي على مشروع سياسي خفي. والنتيجة دائماً واحدة: فشل ذريع، وعزلة دبلوماسية، وتآكل للمصداقية.

ما لا تريد القيادة الجزائرية الاعتراف به هو أن مشكلتها مع المغرب لم تعد قضية حدود أو نزاع مفتعل، بل تحوّلت إلى هوس مرضي بكل ما يخص الجار الغربي. كل نجاح مغربي يُترجم في الجزائر إلى تهديد، وكل استقرار في المملكة يُقرأ كفشل ذريع للنموذج الجزائري في الداخل.

لقد أصبحت مؤسسات النظام في الجزائر رهينة منطق “المواجهة مع المغرب”، حتى لو كان الثمن هو صرف الانتباه عن أزمات داخلية خانقة، كالبطالة، وتآكل العملة الوطنية، والغضب الشعبي المتصاعد. ومن المثير للسخرية أن هذا النظام الذي يزعم الدفاع عن “حقوق الريفيين”، لم يفلح حتى في بناء نموذج تنموي قابل للحياة داخل أراضيه، خصوصاً في الجنوب المهمش والقبائل المقموعة.

الريف المغربي ليس صندوق بريد للرسائل السياسية الجزائرية. هو جزء لا يتجزأ من الجغرافيا والوجدان المغربيين. ومن يعرف التاريخ جيداً يدرك أن هذه المنطقة التي قاومت الاستعمار ذات يوم، لا يمكن أن تتحول إلى أداة في يد نظام يسعى لتفكيك وحدة المملكة.

المغرب، منذ سنوات، أطلق مشاريع تنموية مهيكلة في شماله، وتم تعزيز البنية التحتية والمؤسسات الخدمية، كما تم فتح المجال للحوار والمساءلة والتنمية الشاملة، ضمن رؤية تقوم على الوحدة والتوازن المجالي.

ما تقوم به الجزائر اليوم هو سلوك متهور لنظام لا يجد ما يقدمه لشعبه، فيلجأ إلى تصدير أزماته عبر محاولات مفضوحة لزرع الفتنة وزعزعة الاستقرار في دول الجوار. لكن المغرب، الذي واجه تحديات أكبر، لن يُستدرج إلى هذا المستنقع. فقد تجاوز مرحلة الدفاع إلى مرحلة بناء القوة والشرعية والتماسك الوطني.

وإذا كان النظام الجزائري يظن أن بإمكانه إشعال نار جديدة في الريف بعد أن انطفأت في تندوف، فإنه مرة أخرى يخطئ الحساب، لأن المغاربة كلهم – من الريف إلى الصحراء – موحدون في رفض العبث، والتصدي لكل محاولات التشويش مهما كان مصدرها.

المغرب في صحرائه، والريف في مغربه، والجزائر في متاهة بلا مخرج.

زر الذهاب إلى الأعلى