أخبار دوليةسلايدر

رسالة إلى توكل كرمان ومن معها.. المغرب أقوى من تحريضكم ودروس الخراب لن تجد مكاناً هنا

الدار/ غيثة حفياني

لم يكن مستغرباً أن يطل علينا منابر خارجية وأسماء ارتبطت بتاريخ مؤلم في أوطانها، لتوزع اليوم دروساً على المغاربة وتدعوهم ـ بلا خجل ـ إلى الفوضى والانجرار خلف سيناريوهات مكرورة.

فما بين مصري فقدت بلاده استقرارها لسنوات، ويمنية كانت بلادها مسرحاً لحرب أهلية أكلت الأخضر واليابس، وسوري عاش انهيار الدولة والمجتمع، نجد أن القاسم المشترك بينهم هو: التحريض على الفوضى وكأنهم يسعون لإعادة إنتاج مأساتهم في أرض المغرب.

التدوينات التي صدرت من أسعد طه، توكل كرمان، وصفحات إعلامية محسوبة على الخارج، تكشف مرة أخرى كيف يتم استغلال أي حدث اجتماعي أو احتجاجي في المغرب لتقديمه في قالب “ثورة” أو “غضب شعبي شامل”. هذه اللغة ليست بريئة، بل هي جزء من استراتيجية قديمة قائمة على النفخ في نار صغيرة وتحويلها إلى حريق شامل.

لكن الحقيقة أبسط بكثير: المغرب بلد يعرف الاحتجاجات منذ عقود، ضمن هوامش مفتوحة للتعبير، دون أن يتجاوز ذلك سقف الاستقرار الذي يشكّل الثروة الحقيقية للمغاربة.

الغريب أن من يحاولون التنظير لثورات في المغرب، هم أنفسهم من عجزوا عن حماية أوطانهم من الانقسام والخراب. كيف يمكن لتوكل كرمان، القادمة من بلد انهكته الخروب والصراعات الطائفية والسياسية، أن تمنح “شهادات بطولة” لمشهد شغب هنا أو هناك في طنجة؟ وكيف لصحفي مصري أن يتحدث عن “عين على الأسطول وعين على المغرب”، بينما مصر دفعت ثمناً باهظاً لسنوات من الانفلات؟ أما الإعلام السوري، فالأجدر به أن يتحدث عن مآسي ملايين النازحين بدل أن يوزع وصايا على شعب اختار الاستقرار.

ما يغفله هؤلاء أن المغاربة يعرفون جيداً الفرق بين الاحتجاج المشروع وبين الفوضى المصطنعة، ويدركون أن هناك محاولات خارجية لركوب أي موجة اجتماعية من أجل تصفية حسابات سياسية وإقليمية.

الوعي الشعبي المغربي كان واضحاً في الأيام الأخيرة، حيث خرجت أصوات تميّز بين الشباب الذين رفعوا مطالب سلمية، وبين فئة قليلة انجرت وراء التخريب، وتم التعامل معها أمنياً وفق القانون.

إن ما يزعج هؤلاء “المحرضين” ليس ما يجري في الشارع المغربي بقدر ما هو قوة الدولة المغربية وتماسك مؤسساتها، وقدرتها على امتصاص الأزمات وإيجاد الحلول داخل البيت المغربي، بعيداً عن وصفات الخراب التي جلبت الويلات لشعوبهم. ولعل المثل العربي القديم “ودت الزانية لو أن كل النساء زواني” يختصر المشهد: من ذاق مرارة الفوضى يتمنى أن تغرق كل الشعوب فيها حتى لا يبقى وحده في مستنقع الخراب.

لكن المغرب، كما أثبت عبر تاريخه، يظل استثناءً عربياً، يوازن بين الانفتاح والصلابة، بين الإصلاح والاستقرار. ومهما علت أصوات التحريض القادمة من الخارج، فإنها ستظل مجرد صدى لأزمات أصحابها، ولن تجد صدى عند شعب يدرك أن وطنه أثمن من أن يُسلَّم لمغامرات فاشلة.

زر الذهاب إلى الأعلى