سلايدرمغرب

المغرب يبتسم مرتين: كأس عالمية وميزانية غير مسبوقة للصحة والتعليم

الدار/ إيمان العلوي

في لحظة استثنائية من مسار المغرب الحديث، يعيش المغاربة فرحتين متكاملتين تعبّران عن رؤية ملكية طموحة تضع الإنسان في صميم التنمية: فرحة استثمار قياسي يفوق 14 مليار دولار في قطاعي الصحة والتعليم، وفرحة تتويج المنتخب الوطني للشباب بكأس العالم، في إنجاز كروي غير مسبوق يؤكد أن الاستثمار في الإنسان هو سر النجاح على كل المستويات.

فالفرحة الأولى تحمل أبعادًا إستراتيجية عميقة. فبموجب قانون المالية لسنة 2026، الذي صادق عليه جلالة الملك محمد السادس خلال المجلس الوزاري الأخير، قررت الحكومة رفع ميزانيتي الصحة والتعليم إلى مستويات غير مسبوقة، إذ انتقلتا من 11.5 مليار دولار في 2025 إلى 14 مليار دولار في 2026. هذه القفزة النوعية تمثل أكبر زيادة في تاريخ المغرب الحديث في مجالي الرأسمال البشري، وتأتي استجابة مباشرة لتطلعات الجيل الجديد من المغاربة، ولاسيما الشباب، الذين جعلوا من العدالة الاجتماعية وتحسين جودة الخدمات العمومية أولوية وطنية.

هذه الخطوة ليست مجرد قرار مالي، بل تحول استراتيجي في مسار النموذج التنموي الجديد الذي أطلقه الملك محمد السادس عام 2021، والذي يهدف إلى إعادة تعريف مفهوم الدولة الاجتماعية. فرفع ميزانية الصحة والتعليم يعني توسيع رقعة العدالة المجالية، تحسين البنية التحتية الصحية، وتعزيز تكوين الأطر التعليمية والطبية، بما يعزز الكفاءات الوطنية ويؤهلها لقيادة المغرب في مرحلة التحول الاقتصادي والرقمي.

أما الفرحة الثانية، فهي رياضية لكنها لا تقل دلالة رمزية: تتويج المنتخب المغربي للشباب بكأس العالم، في لحظة تاريخية أعادت إلى الأذهان أمجاد الدوحة وملاحم أسود الأطلس في مونديال قطر. فجيل الشباب الذي رفع راية المغرب في سماء العالم، يجسد ثمرة الاستثمار في الطاقات الناشئة، والدليل الحي على أن رؤية المغرب في بناء الإنسان – تعليمًا، وتربيةً، وتكوينًا – بدأت تعطي ثمارها في الميدان.

وتقاطع الفرحتان في عمق دلالتهما؛ فكلتاهما تعكسان مغربًا واثقًا بنفسه، يبني ويحتفل في آن واحد. فبين مشروع وطني ضخم لإعادة بناء منظومتي التعليم والصحة على أسس حديثة، وإنجاز رياضي عالمي يبرز مكانة المغرب بين الأمم، يظهر أن المملكة تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق المعادلة الأصعب: التنمية بالفرح، والفرح بالتنمية.

المغرب يدخل مرحلة جديدة عنوانها “الاستثمار في الإنسان قبل البنيان”، وهي فلسفة تترجم في سياسات الدولة، في الخطاب الملكي، وفي النجاحات التي تتحقق تباعًا. فالمستقبل المغربي يُرسم اليوم بالأرقام والنتائج، بالمدارس والمستشفيات، وبالكوادر والرياضيين الذين يحملون اسم الوطن إلى القمم.

وفي قراءات غربية متزايدة، يُوصف المغرب اليوم بأنه “قوة هادئة” في المنطقة، تجمع بين الرؤية الإستراتيجية والنجاح الميداني. فبعيدًا عن الضجيج السياسي، يبني المغرب صورته الدولية بثبات وواقعية، ويُثبت أن التنمية الحقيقية لا تُقاس فقط بالمشروعات الكبرى، بل بقدرة الدولة على صنع الأمل، وتحويله إلى إنجاز.

بهاتين الفرحتين، يبرهن المغرب أنه يعيش عصرًا جديدًا من الثقة والسيادة في القرار والمصير، حيث تتكامل السياسات الاقتصادية والاجتماعية والرياضية في رؤية واحدة: مغرب الإنسان، ومغرب المستقبل.

زر الذهاب إلى الأعلى