
الدار/
شهدت العاصمة اليونانية، لحظة وُصفت بالمهمة في مسار التعاون الإقليمي، وذلك بتوقيع “إعلان أثينا للتقارب المتوسطي”. وقد شارك في مراسيم التوقيع كلٌّ من سفير المملكة المغربية باليونان، وعمدة بلدية إيراكليون – أثينا، وعميد سفراء الدول الفرنكوفونية باليونان، إلى جانب ممثل عن المجتمع المدني، ما أضفى على الإعلان طابعًا متعدد الأطراف يجمع الدبلوماسية والتمثيليات المحلية والصوت المدني في خطوة واحدة.

الإعلان جاء تتويجًا لأشغال الملتقى الدولي “أطلس”، وهو حدث يهدف إلى خلق فضاءات جديدة للحوار بين ضفتي المتوسط، وتقديم مقاربات مبتكرة للتحديات المشتركة. غير أن ما لفت الأنظار هو ما حمله هذا الإعلان من إشادة واضحة بالدور الريادي للمغرب، باعتباره فاعلًا محوريًا وجسرًا استراتيجيًا يربط إفريقيا بأوروبا، وهي مكانة ترسخت خلال السنوات الأخيرة بفضل السياسة الخارجية المتوازنة، والانفتاح الدبلوماسي، والمبادرات الإقليمية التي يقودها المغرب لتعزيز الاستقرار في شمال إفريقيا والفضاء المتوسطي.

كما وضع “إعلان أثينا” أسس تعاون جديد بين دول وشعوب المتوسط، يقوم على السلام والتعايش وحماية البيئة، ويعتمد مقاربة تشاركية تُشرك الحكومات والفاعلين المحليين والمجتمع المدني. ويُنتظر أن يشكّل هذا الإعلان قاعدة انطلاق لمسارات عملية لمعالجة القضايا المشتركة، من بينها التغير المناخي، التلوث البحري، التنمية المستدامة، والحوار الثقافي، مع التزام جماعي بتحويل المبادئ المعلنة إلى خطوات ملموسة على أرض الواقع.

توقيع هذا الإعلان في أثينا، بحضور المغرب، ليس مجرد حدث بروتوكولي، بل خطوة تعكس تحوّلًا في طبيعة التكتلات المتوسطية، وتوسعًا في مساحات الحوار، واعترافًا متزايدًا بالدور المغربي بوصفه فاعلًا يساهم في إعادة تشكيل علاقات التعاون جنوب–شمال، بشكل يحافظ على استقرار المنطقة ويعزز المصالح المشتركة لشعوبها.
وبهذا التوقيع، يفتح “إعلان أثينا للتقارب المتوسطي” صفحة جديدة في العمل الإقليمي، عنوانها التعاون، والاستدامة، والدبلوماسية البناءة، بينما يواصل المغرب تأكيد حضوره كقوة استباقية تدفع نحو توازن جديد في محيطه المتوسطي.






