مال وأعمال

لهذا لا يمكن إيقاف تقدم المجموعات الاقتصادية المغربية في القارة الأفريقية

الدار/ ترجمة: حديفة الحجام

"كم هو جميل هذا اليوم، الذي أعود فيه إلى البيت، بعد طول غياب. لقد عدت أخيرا إلى بيتي. وكم أنا سعيد بلقائكم من جديد. لقد اشتقت إليكم!" اختار الملك خطابا يلامس شغاف القلب للاحتفال بإعادة اندماج بلاده في الاتحاد الإفريقي، الذي يضم 55 دولة، حينما تحدث إلى جمعها العام في يونيو من العام الفارط، في أديس أبابا، إثيوبيا.

وتمثل عودة اندماج المغرب في الكتلة الإفريقية بعد ثلاثة عقود من الغياب أهم إشارة حديثة للالتزام غير المشروط تجاه القارة الإفريقية، ليس فقط عبر الطرق الدبلوماسية –فقد قام الملك بأزيد من 50 رحلة قادته لحوالي ثلاثين دولة إفريقية منذ اعتلائه العرش–، وإنما أيضا عن طريق حضوره الاقتصادي المتنامي في القارة.

ويمثل المغرب اليوم ثاني أكبر مستثمر إفريقي في القارة، بـ 75 مليار درهم (1.4 مليار أورو) من الاستثمارات خلال الفترة الممتدة من 2008 إلى 2015. ومن بين آخر المشاريع المنجزة نجد تشييد العملاق المغربي في الفوسفاط "المكتب الشريف للفوسفاط" لثماني منشآت لإنتاج الأسمدة في إفريقيا جنوب الصحراء وموقعين صناعيين في إثيوبيا ونيجيريا. وهناك مشروع مهم آخر يتعلق بإعادة تأهيل خليج كـ "وكودي" في أبيدجان، عاصمة كوت ديفوار، تشرف عليه الشركة العمومية "مارتشيكا".

"وانطلقت أولى موجات الاستثمار بقطاع الخدمات، غير أنها تستهدف اليوم قطاعات واسعة مثل الصناعة والعقار، ومن المرتقب أن تنمو بصورة قوية في القادم السنوات"، أشار عبدو ديوب، مدير مساعد في مؤسسة "مازارت" ورئيس اللجنة الإفريقية بالاتحاد العام لمقاولات المغرب، كما نقلت عنه مجلة "جون أفريك".

يبدو أن المسيرة المتقدمة للشركات المغربية والتي لا يمكن إيقافها في القارة الإفريقية يأتي على رأسها أكبر المجموعات الاقتصادية في البلاد. فعلى سبيل المثال، تسجل "اتصالات المغرب" حضورها في تسع دول. والبنوك المغربية مثل "التجاري وفا بنك" و"البنك الشعبي" و"البنك المغرب للتجارة الخارجية لإفريقيا" تتوفر على أزيد من أربعين فرعا في إفريقيا وحوالي 1400 وكالة في 25 دولة. وفي المقابل من ذلك، عبّد وجود أكبر البنوك المغربية الطريق لمزيد من الشركات المغربية لاستكشاف السوق الإفريقية، وباستطاعتها الآن الحصول على الرأسمال مباشرة في الدول التي يعملون فيها.

وإلى جانب دينامية الاستثمارات المغربية في القارة، عرفت المبادلات التجارية مع دول إفريقيا جنوب الصحراء هي أيضا نموا مهما. فحسب "مكتب الصرف"، ارتفع متوسط الواردات والصادرات بحوالي 9 في المئة في السنة خلال الفترة الممتدة من 2008 إلى 2016. وهمّت نسبة 60 في المئة من هذه المبادلات غرب إفريقيا، حيث تضاعفت الصادرات المغربية ثلاث مرات منذ 2008 لتصل أزيد من 10 مليارات درهم (819.7 مليون أورو). ويستهدف المغرب شرق إفريقيا كذلك، خارج دائرة تأثيره التقليدية، حيث ارتفعت المبادلات التجارية بنسبة 28 في المئة خلال الفترة ذاتها.

ويطمح المغرب حاليا إلى تطوير علاقاته السياسية والاقتصادية أكثر فأكثر مع الدول الإفريقية، لمعرفته أنه وبالرغم من كونه أصبح شريكا مهما، فإن حجم المبادلات التجارية يظل أقل من 3 في المئة من حجم مجموع مبادلاته.

غير أن الطموحات الإفريقية للمغرب تتجاوز بكثير الجانب الاقتصادي، فهي نظرة على المدى البعيد تهم تطوير التعاون جنوب-جنوب وجعل المغرب محورا إقليميا للتنمية الشاملة في إفريقيا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

خمسة × أربعة =

زر الذهاب إلى الأعلى