نساء

“الكارديان” البريطانية ترصد تجارة شعر النساء بأوكرانيا

تعد تجارة وصلات الشعر صناعة قوامها ملايين من الدولارات، لكن الشعر السلافي بالذات يفوق غيره جودة، فوصلات الشعر الذهبي هذه باتت تعرف بـ»الذهب الأبيض». تعمد النساء الأوكرانيات إلى دعم رواتبهن عن طريق بيع شعرهن، ذلك أن كلفة وصلة الشعر السلافي تصل إلى 1000 دولار، فيما الشعر المستعار (الباروكة) تصل كلفتها إلى 3000 دولار، حسب ما ذكرت صحيفة The Guardian البريطانية. لفتت نظري فكرة أن يقبل أحدهم بتركيب شعر شخص آخر على رأسه من دون العلم بأصل ذاك الشعر ولا الظروف التي قصّ فيها هذا الشعر.

الطلب أكثر من العرض

اتجهت صوب كييف كي أقيم في مؤسسة Izolyatsia للفنون بالمدينة، ومن خلال تجوالي في الطرقات لاحظت ندرة الدعاية الضخمة فيما تكثر دعايات الملصقات الصغيرة المرفق بها قصاصات أرقام هاتف للاتصال. كان عليّ أن أكتشف أي كلمة هي كلمة «شعر» باللغة الأوكرانية التي تعتمد الأحرف الكيريلية، وكان ذلك رحلة بحث بالنسبة لي. التقيت بيفغيني الذي يملك صالون شعر منذ 8 سنوات في مركز تسوق واقع على أطراف خاركيف شرقي أوكرانيا، ولكن لعل الكلمة الأنسب والأدق لوصف متجره هي أنه معمل ومعرض لوصلات الشعر. 

يقول: «تأتي النساء لقصّ وبيع شعرهن، ولكن ليس بكثرة، ففتياتنا السلافيات مستعدات لدفع آخر قرش لديهن في سبيل التجمل وتطويل شعرهن. فالطلب على الوصلات أكبر من الطلب على قصات الشعر».

في صالون" يفغيني" تبلغ كلفة وصلات الشعر بين 60 و300 دولار لكل 100 غرام.

يتابع يفغيني فيقول: «تزداد وصلات الشعر رواجاً أكثر فأكثر، لكنها تعتمد بشكل رئيسي على الموضة.  جاءتني زبونة ذات شعر طويل وكثيف وطلبت مني قصَّه لأنها تعبت منه. باعتني إياه، ثم ما لبثت أن عادت بعد أسبوع لتقول لي «أريد شعري ثانية. هذا أمر يحدث».

اليوم بأكمله لتركيب الوصلات

بالنسبة لمدربة اللياقة والرشاقة آنا، المظهر أمر مهم جداً، حيث كانت تركّب وصلة شعر على رأسها في صالون يفغيني عندما جئته زائراً. دعاني يفغيني لأدخل غرفة خلفية من صالونه كانت فيها موظفة تدعى هي الأخرى آنا، وكانت آنا هذه تلصق الوصلات بالصمغ. طلبت الإذن بالتصوير فسمح لي. تلصق وصلات الشعر بفروة رأس الزبونة في عملية قد تستغرق نهاراً كاملاً.
 

تاتيانا: أنا أمنح الجمال للكثيرات

بعدما اتصلت بشخصين يقصان الشعر في كييف رتبت للقاء تاتيانا التي تعمل منذ 11 عاماً في قصّ شعر النساء ثم بيعه وتصدير بعضه، لكنها كذلك تركب وصلات الشعر في المدينة، وقد أرتني جدائل شعر قصتها وربطتها كذيل الحصان. تقول: «أنا أمنح الجمال للكثيرات، فأنا أقصّ شعر النساء السلافيات ثم أصنع الوصلات لغيرهن من ذوات الشعر القصير. الشعر السلافي أجود أنواع الشعر في العالم، والكل يعرف ذلك!».

تنشر تاتيانا دعايتها على إنستغرام وتبيع الوصلات لزبائنها في كل أوروبا والولايات المتحدة. تقول: «أعلن لكل النساء ذوات الشعر الطويل، وأحياناً يتصلن بي فنلتقي وأقص شعرهن». وعادة ما تلتقي بـ4 نساء أسبوعياً. تتابع القول: «الكثيرات من ذوات الشعر الطويل بحاجة لوقت إضافي لتجميل شعرهن وغسله، لذا يردن قصه».

البعض يندم على قصّ الشعر

وتستمر: «عادة ما تقول لي النساء أن الجو حار مع الشعر الطويل في الصيف، وبالطبع بالنسبة للفقيرات فالحصول على بعض المال أمر جيد، لكنني عادة ما ألتقي نساء ذوات أحوال مادية عادية يرغبن فقط بتغيير مظهرهن والـ»لوك» الخاص بهن». العديد من زبائنها مراهقات. تقول: «المراهقات يردن تغيير كل شيء، ثم بعد ذلك ينفجرن باكيات! تقول الواحدة منهن «أوه لا أريد هذا الشعر الطويل، بل أريد أن أكون «موديرن» وذات مظهر عصري»، ثم ما تلبث أن تجهش باكية بعد القص وتصيح «ماذا فعلت بنفسي؟».

 آلينا تبيع شعرها على موقع بالإنترنيت

أعلنت آلينا عن رغبتها في بيع شعرها على موقع إنترنت، فتمكنتُ من وصلها بأحد باعة الشعر الذين كنت اتصلت بهم من خلال إعلاناتهم الطرقية، ورتبت للقائها في شقة أحد الأصدقاء، وهناك التقطت صوراً لها قبل وصول بائع الشعر. قام البائع بقياس طول شعرها بعدما ربطه في 4 جدائل، ثم بدأ يجز. اعترف أنه ليس حلاقاً، بل إنه كان يضع الإعلانات لصالح شخص آخر، ثم أدرك أن بوسعه وضع رقمه هو على اللصاقات وجمع الشعر لصالحه هو، وهكذا فعل. اشترى شعر آلينا بـ1700 هريفنا (أي 48 جنيهاً إسترلينياً أو 61 دولاراً أميركياً)، وبعدما غادر صورتها من جديد في الوضعيات ذاتها، ثم أجريت معها لقاء. لقد كانت منزعجة وكانت التجربة فظيعة بالنسبة لها. تقول: «أنا أوكرانية عمري 22 عاماً ومن منطقة سومي. أدرس الصحافة في السنة الرابعة وأعمل بدوام جزئي في شركة إخبارية حيث أنشر الأخبار على الموقع». تمضي فتقول: «فكرت ببيع شعري عندما رغبت بقصه وتغيير مظهري، وقال لي صديقي: «لم تقصينه وحسب؟ يمكنك بيعه». كل ما أردته ببساطة كان تغيير شكلي؛ أن أغير شيئاً في حياتي ولو لمرة واحدة، وهكذا خلطت التجارة بالمرح». 

بيع الشعر طبقاً للوزن

وتتابع: «أخشى أنني أبدو بشعة الآن لأن لا مال قد يعوضني عن جمالي. سأقلق من ردود أفعال الناس، ولكن بالنسبة لي شخصياً… يصعب عليّ القول. لست أدري بعد. سيتوجب عليّ قضاء بعض الوقت لأعتاد هذا».

وقالت إن العثور على الشخص المناسب لتبيعه شعرها كان رحلة عناء. «صادفت امرأة من مدينة أخرى طلبت مني إرسال شعري إليها بالبريد مقابل 2000 هريفنا لكل 100 غرام (أي 56 جنيهاً أو 71 دولاراً) لكنني رفضت لأن العرض بدا غريباً. ثم اتصل بي رجل وعرض قص شعري، لكنه طلب مني أن أحدد السعر بنفسي، وهذا غريب لأن الحلاق هو الذي ينبغي أن يعرف الأسعار، لا أنا. ثم أراد لقائي لشرب فنجان قهوة، فشعرت بأن شعري لم يكن غايته للشراء. من بعدها كلمني رجل اسمه يوري، وهو الذي قص شعري اليوم، وطلب مني أولاً أن أرسل صورة، بيد أنه لم يحدد سعره. لقد أراد أن يلقي نظرة ويعطيني سعراً تقديرياً».

فيجاي الذي يزود نيويورك بالشعر الأوكراني

رتبت للقاء بائع شعر اسمه فيجاي يزود نيويورك بالشعر الأوكراني والروسي. يقول: «يستخدم الشعر إما لصنع الوصلات أو لصنع الشعر المستعار (الباروكة). بالطبع كثيرون من المصابين بالسرطان لا شعر لديهم، ولذا في نيويورك عادة ما أبيع للنساء الثريات اللواتي يعانين من تساقط شعرهن ويردن شعراً مستعاراً.» وأخبرني بأنه أسس تجارته في بيع الشعر قبل 8 سنوات عندما كان يعمل محرراً في مجلة بلاي بوي. وقال: «كان الأمر مسلياً لكني لم أكن سوى عامل كغيري، فعندما تكون محرراً قد يبدو اسم الوظيفة لامعاً، لكنك تظل مجرد عامل بمرتب شهري». ويتابع: «في الوقت الحالي يشكل هذا العمل نوعاً من العمل المريح، فهو أحياناً يؤمن لي أجاري أو يغطي نفقات سفري. لدي في نيويورك زبائن تعاملوا معي طيلة عامين».

وقد شدد على الإشارة إلى أن النساء اللواتي يبعن شعرهن يبعنه بإرادتهن. يقول: «تقبض النساء مقابل هذا، فالفتيات يردن منح شعرهن تسريحة وستايل جديداً، لكن الناس يفترضون أن البنات مجبرات على بيع شعرهن، بيد أن أوكرانيا مكان متحضر جداً». وختم بالقول: «في أوكرانيا مازالت الرواتب زهيدة جداً، فالبعض يكدح طيلة الشهر لقاء 200 دولار فقط، لذا إن قصصت شعرك وكسبت 100 دولار بل وحتى 50 فقط، فسيعد هذا أمراً ضخماً. بالنسبة لأميركا فهذا أشبه بشخص كسب 500 دولار. تعلمون أن بعض الناس في أميركا مستعدون للقيام بأي شيء في سبيل المال، فهم مستعدون للتحول إلى فئران تجارب في المخابر مقابل الحصول على 1000 دولار أو 1500 أو ما إلى ذلك».

المصدر: الدار – صحيفة "الكارديان" البريطانية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثلاثة + أربعة عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى