مقاومة الطبيعة بالطبيعة.. إمليل كفاح ضد الشتاء والبرد
الدار/ سعيد المرابط -صورة أيوب لعسيري
في قلب جبال الأطلس الكبير، وعلى مقربة من جبل تبقال، ترتمي هناك بلدة إسمها إمليل، منفتحة على العالم الخارجي، بسبب موقعها الذي جعلها قبلة للسياح، والجريمة التي راحت ضحيتها سائحتين إسكندنافيتين، ما جعلها مادة دسمة للمنابر الصحفية، وتقاوم إمليل فصل الشتاء، بما تجود به الطبيعة من حطب ونار، حيث يتكالب الفقر هناك مع التهميش وصقيع البرد، الذي يفتك بساكنة المنطقة، وينكل بهم شر تنكيل.
“لم تكن إمليل، كان تافراوت أيت ميزان، هو أربعة دواوير، وعندما بدأت الدواوير في الزيادة، كان ثمة دوارٌ صغير في جبل تافراوت أيت ميزان إسمه “فيمليل”، وهي كلمة أمازيغية تعني “الشيء الأبيض”، لأنه بني على تلٍ أبيض، وعندما بدأ الإقبال على المكان، ضغط على الكلمة، من صاحب التاكسي والزوار، فصارت تنطق إمليل”، هكذا يعرف الحسين أيت المودن، حوالي (60 سنة)، القرية لصحيفة “الدار”.
وأضاف الحسين أن “المنطقة من هنا إلى تحناوت، تسمى إيغيغان، ولكن منطقة إمليل، تسمى تافراوت أيت ميزان، كما تقول الخارطة، وهي عبارة عن أربعة دواوير، تشترك الماء والسواقي، وكل شيء”.
وتعتبر إمليل، واحدة من المناطق التي تئن تحت وطأة قساوة البرد، إلى 26 منطقةً على الأقل في المغرب، يعاني سكانه من البرد القارس والعزلة.
هذه المنطقة الجبلية التي تشهد انخفاضا لدرجات الحرارة، كما عاينت “الدار”، تعرف درجات حرارة ناقص خمس درجات تحت الصفر، وبين الصفر والخمس درجات وسط النهار، يقاوم سكانها البرد بإمكانيات محدودة، وبكل ماهو متاح لديهم، وقد تعودوا على جمع الحطب لمواجهة موجة البرد، والاقتصاد في الثمن حتى لا يضطروا إلى شراء وتعبئة قنينات الغاز الصغيرة، التي غالبا ما تصل أثمنتها إلى (15 درهما)، أي أن سعرها يتضاعف بنحو 50 في المائة، مقارنة مع سعرها القانوني. ورغم الإمكانيات القليلة، إلا أن مواجهة السلطات التي تجرم استغلال الحطب، الذي يدمر الغابات، يضل أمرا آخر ينضاف للمعاناة، لا سيما أنه سلعة عالية تفوق الألف درهم.
ويقول يونس أيت إيفراضن لـ“الدار”، شاب من إمليل، (28 سنة)، أنه عندما يضطر المواطن، إلى البحث عن الحطب، “تمنعه السلطات وحراس الغابات”، مما يضطره لشرائه من تجار الحطب، والذي يتراوح حسب ما صرح به شيخ من الساكنة لـ“الدار”، بين أربعين وخمسة وأربعين درهما للقنطار.
يقاومون برد الطبيعة، بحطب الطبيعة، متشبثون بالأرض رغم كل الصعوبات التي يعيشونها فيها، فغالبية السكان يتفقون على فكرة واحدة، هي أن العيش في قريتهم، يبقى في نظرهم “جنة، وأن الجحيم هو المدن والبعد عنها”.