الكركرات.. من منطقة عازلة إلى بؤرة للتوتر
الدار/ سعيد المرابط
أعاد حدث مرور ’’أفريكا رايس‘‘، منطقة الكركرات العازلة إلى واجهة النقاش، مشكلا مادة دسمة للعديد من المنابر الإعلامية، لا سيما بعد قيام جبهة البوليساريو، بمناورات عسكرية، بمنطقة تفاريتي، في الوقت الذي كان يُنظر بقلق إلى موقف جبهة البوليساريو، من مرور المشاركين بالرالي من معبر الكركرات على الحدود مع موريتانيا.
وتقع المنطقة الحدودية ’’الكركرات‘‘، على أرض غير ذي زرع، بين بلل المحيط الأطلسي، ووحشية الحدود مع موريتانيا، على جغرافية صغيرة لا تتجاوز الأربع كيلومترات، وهي منطقة شاحبة يطلق عليها السكان المحليون ’’قندهار ‘‘، تيمناً بقندهار أفغانستان لخلائها وقحطها، تحدها موريتانيا من الجنوب على بعد 11 كلم، ولكويرة على الأطلسي بثمانين كلم.
وكانت الكركرات خاضعة بين سنتي 1884 و1975 للمستعمر الإسباني، وإثر خروجه منها تنازع عليها في السيادة كل من المغرب وجبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر، لتندلع ما سميت آنذاك بـ’’حرب الصحراء‘‘بالمنطقة، والتي استمرت إلى سنة 1991حيث انتهت بتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار، بين المغرب وجبهة البوليساريو تحت الرعاية الأممية.
وخلال سنوات ثمانينات القرن الماضي، بنى الجيش المغربي بأمر من الملك الحسن الثاني؛ جدارا رمليا كخط دفاعي عسكري أول، تاركا المنطقة خلف الجدار، واجهة لتوجيه الضربات للبوليساريو، لتصير بعد عام 1991 منطقة عازلة ومنزوعة السلاح.
وتحولت الكركرات، في الآونة الأخيرة؛ من منطقة يروج فيها التهريب، وتجارة السيارات القادمة من أوروبا نحو إفريقيا، والتبادل التجاري غير القانوني؛ إلى منطقة تنشط فيها الحركات الإحتجاجية، كورقة ضغط على المسؤولين للإستجابة لمطالب المحتجين، مُذ دقت أول أوتاد مخيمات الاعتصام فيها، منهم نساء كن يطالبن بالسكن، وصيادون من العيون والداخلة يطالبون برخص للصيد، كما كثرت فيها حوادث اعتراض الشاحنات والسيارات.
وشهد المعبر الحدودي الكركرات، منتصف شهر شتمبر عام 2017، اعتصام ثلاثٍ وثلاثين من سائقي الشاحنات القادمة من موريتانيا، إذ ركنوا شاحناتهم جنب الطريق محتجين على ما قالوا عنه ’’زيادة في الرسوم الجمركية‘‘. واستمر احتجاجهم قرابة أسبوعين، قبل أن ينفض بعدما استجابت السلطات لمطالبهم، ’’وفق القوانين والأنظمة الجاري بها العمل‘‘.
ويعتبر محمد سالم الشافعي، أن إحتجاج سائقي الشاحنات، ’’لم يكن على زيادة الرسوم لأن ذلك يخص التجار الذين في ملكيتهم الشاحنات والبضائع المستوردة‘‘، بل كان على ’’تهريبهم السلع المضبوطة من الجمارك‘‘.
ويؤكد المتحدث أن ’’الإحتجاج دائما يكون على المغرب“، لأن لا صوت يحتج على موريتانيا مثلاً حين زادت الرسوم، ولا حين نظفت المنطقة من السيارات المركونة بها‘‘، واِحتج على المغرب، حين مشطها الجيش في حربه على التهريب والجريمة المنظمة، قبل أن ’’تعيد السلطات لملاك السيارات المتوفرين على وثائق‘‘.
واعتصم ملاك السيارات بمنطقة الكركرات للمطالبة باستراجاع السيارات التي حجزها الدرك الملكي، في عملية تمشيطية قام آنذاك، قبل أن تبدأ السلطات بتعبيد الطريق الرابطة بين الحدودين المغربية والموريتانية.
ويرى الصحفي ’’محمد سالم الشافي‘‘، أن سبب تحول الكركرات، من منطقة عازلة، إلى محجٍ للمحتجين، يعود بالدرجة إلا أن ’’السلطات والمسؤولين غير حاسمين في قراراتهم‘‘، مضيفاً، أن ’’حل هذه مهزلة“، يكمن في ’’إعطاء الناس حقوقهم“، عبر معالجة حقيقية للمشاكل الإجتماعية.
ويصر الشافعي في حديثه لـ’’الدار‘‘، أن عقلية المسؤولين لا تبتكر الحلول الجدية، بل تضع حلولا لحظية لتفادي المشاكل، دون حلحلتها بالمرة، مؤكداً أن بعضهم يطلب من الجمارك ’’غض النظر لتمرير السجائر المهربة بكميات قليلة، لأن هناك من يعيش عليها‘‘.
في السياق، ومن جهة أخرى يري متابعون للوضع بالصحراء، أن المنطقة العازلة، التي أصبحت محجا للإحتجاجات، لا تخلوا من جهة ما ضمن المنتخبين والمسؤولين، تدفع بالمحتجين إلى المنطقة، من أجل لي ذراع الدولة، والتغطية على سوء تدبير الوضع الإجتماعي والإقتصادي، كما حدث في سنة 2010، عندما استفاد مسؤولون من مخيم ’’أكديم إزيك‘‘، الذي راح ضحيته عدد من المواطنين والقوات العمومية، أثناء تفكيكه.