الدار/ رضا النهري:
من غير الممكن التغافل عن الأرقام القادمة من ألمانيا، والتي تشير الى ان هذا البلد حقق نجاحا ملفتا في مواجهة فيروس “كورونا”، على الرغم من ان الوفيات تجاوزت الألف، لكنها تعتبر باهتة امام الأرقام المسجلة في ايطاليا وإسبانيا على سبيل المثال.
ومنذ ان بدأ فيروس “كورونا” في التفشي عبر العالم، فإن أرقام المصابين في ألمانيا كانت تتحرك ببطء شديد، كما ان الوفيات كانت قليلة وتسجل بالعشرات فقط من خلال أيام، في الوقت الذي كانت الوفيات تناهز الألف في بلدان أوربية أخرى.
كثيرون أرجعوا هذا النجاح إلى التفوق التاريخي لألمانيا على مختلف المستويات، وآخر نماذج هذا التفوق هو ان هذا البلد بقي صامدا خلال الأزمة الاقتصادية الخانقة التي عرفتها اوربا خلال العقد الاخير، حيث كانت المانيا تمارس دور جهاز التنفس الاصطناعي للكثير من البلدان الأوربية وتمد اقتصاداتها بسبل البقاء، اما عبر القروض السخية او غبر التوجيه بالنصائح والإرشادات.
لكن النجاح الالماني الاخير في مواجهة الفيروس، ليس مرده الى التفوق الاقتصادي فقط، بل سببه استباق المسؤولين الألمان لهذه الجائحة عبر اعتماد سبل الوقاية قي وقت مبكر، حيث بدأ الفحص الطبي قبل باقي البلدان الأوربية بوقت معتبر، وتم اعتماد سياسة عزل ذكية، رغم انها غير صارمة، وتم تتبع المصابين بشكل دقيق للغاية من أجل عزلهم عن الاخرين.
منذ البداية كانت المانيا تنجز قرابة مائة الف عملية فحص يوميا، في الوقت الذي لم تكن تتجاوز عشرة آلاف عملية فحص في باقي البلدان الأوربية، كما ان نتائج الفحص الالماني تظهر في اليوم نفسه، بينما في بريطانيا” مثلا، يلزم الانتظار اربعة ايام لمعرفة النتائج.
التفوق الالماني في مواجهة كورونا مرده أيضاً الى توفرها على نظام صحي صلب، ووجود اعداد كافية من أسرة العناية المركزة وأجهزة التنفس الاصطناعي، لكن رغم ذلك فان الخبراء الألمان لا يقرعون أجراس النصر، بل يطالبون بمزيد من الحذر في التعامل مع وباء يصعب ضبطه او الثقة في وسائل مواجهته، مهما كانت صلبة وقوية.