أخبار الدار

التراشق “الفايسبوكي” بين السياسيين.. تراشق إعلامي أم محاولات للضغط على الحلفاء؟

الدار/ مريم بوتوراوت

أثار وزير الدولة مصطفى الرميد جدلا كبيرا خلال الآونة الأخيرة، بعد أن لجأ في أكثر من مرة إلى موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" لتوجيه رسائل، سواء للرأي العام أولحلفائه السياسيين.

وانتشرت "عدوى" هذه الطريقة في التواصل لتمتد إلى سياسيين آخرين، فبعد أن كانوا يتراشقون في المهرجانات الخطابية لأحزابهم، صار العديد من السياسيين يلجؤون إلى الموقع الأزرق للتعبير عن وجهات نظرهم، أو الرد على مخالفيهم، كما كان الأمر بالنسبة لعبد الله غازي البرلماني عن حزب التجمع الوطني للأحرار، ومحمد بودريقة عضو المكتب السياسي للحزب ذاته، اللذين وجها بدورهما رسائل مفتوحة للرميد عبر "الفايسبوك". 

ويرى خالد شيات، الأستاذ بجامعة محمد الأول بوجدة أن الحديث عن خطوة الرميد تستوجب في المقام الأول التطرق إلى الجانب الأخلاقي في الموضوع، "فلا أعرف هل قام بإرسال رسالة إلى أخنوش  ووضعها في نفس الوقت على الفايسبوك أم انه فقط وضعها على موقع التواصل الاجتماعي"، وهو ما رأى أنه دليل على أن "هناك قلة تواصل بين مكونات الأغلبية".

وتابع المتحدث "لو كانت الأغلبية تجتمع في هيئات معينة، وكانت تتوفر على أدوات لتبادل الأفكار والآراء سيكون هناك مجال مؤسساتي لتوجيه الرسائل السياسية"، حسب الأستاذ الجامعي، الذي قال إن الحديث عن مراسلة الرميد تستوجب الإشارة إلى الصفتين التي يتوفر عليهما، الصفة الوزارية التي يتوفر عليها، والتي استبعد شيات أن تكون المنطلق للرسالة، والصفة الحزبية. 

وتساءل الأستاذ الجامعي في تصريحاته لموقع "الدار" عن ما إذا كان الرميد قد وجه مراسلته بعد الرجوع إلى الأمانة العامة لحزبه وهيئاته الأخرى، أم "قام بذلك بطريقة شخصية وهذا ما أعتقد أنه وقع"، حسب ما جاء على لسان المتحدث الذي اعتبر أن الأمر يدل على تعامل الرميد بـ"أبوية" مع المؤسسات الحزبية.

إلى ذلك، أضاف المتحدث "أعتقد أن أي سياسي عاقل له تجربة ونضج في الممارسة السياسية سيتجنب هذه المراسلة، لأنها لا تخدم لحمة الحكومة"، فـ"أي مراسلة خارج المؤسسات الحزبية  والحكومية ليست إيجابية، ولا تؤدي إلا إلى وظيفة واحدة هي تأزيم ما هو متأزم".

كما تشير المعطيات ذاتها حسب الأستاذ الجامعي إلى "وجود عدم ثقة في الشريك وعدم تجانس بين الحليفين في الحكومة"، وهو ما يتضح جليا "من الزاوية الأخرى، حيث  كثرت تصريحات التجمع الوطني للأحرار في حق البيجيدي، إذن اعتقد أن الأمر لا يختلف"، و"السؤال من هو المستفيد، وما هي الغاية من الخروج علنا والتراشق"، حسب ما جاء على لسان المتحدث الذي خلص إلى أن  "المستقبل والواقع  ضبابي بالنسبة للحكومة، ويميل إلى السواد، بمعنى أنه ليس هناك أي أفق، ويدل على أن البيجيدي لم يستطع إلا في حالة التقدم والاشتراكية أن يوجد أي فضاء حزبي يتناغم معه ليعمل بشكل ايجابي على المستوى الحكومي، ما أضر بالحزب والعمل الحكومي وبرؤية المواطنين للعمل السياسي".

من جهته، أكد سعيد خمري، أستاذ القانون الدستوري والمتخصص في العمل البرلماني في جامعة الحسن الثاني بالمحمدية، على أن "تبادل الاتهامات والهجوم بالنسبة للأحزاب المتحالفة سواء كانت داخل اللقاءات أو المؤتمرات أو داخل وسائل التواصل الاجتماعي من الناحية المبدئية غير مقبولة، لأن التحالف يبنى على الانسجام والتوافق والاتفاق على الحد الأدنى".

واعتبر الأستاذ الجامعي أن "هذا من شأنه التشويش على الانسجام بالنسبة للتحالف الحكومي، فالانسجام لا يعني التوافق المطلق على كل شيء،  لكن اتفاق على الحد الأدنى، فرئيس الحكومة حين قدم البرنامج الحكومي قدمه باسم تحالف حكومي معين، ويعتبر ذلك من الناحية المبدئية التزاما من أعضاء التحالف بالحد المشترك، وإذا كان هناك اختلاف يجب أن يصفى داخل الهيئات المشتركة داخل التحالف وليس خارجه".

وتابع الخمري "هذا التراشق يعطي صورة سلبية عن التماسك الحكومي، فكيف يعقل بالنسبة للمواطن العادي أن يتفهم كيف يطعن حزب في حزب آخر هو حليفه"، مشيرا إلى أن الأمر يكشف عن "غياب نقاش مؤسساتي داخل التحالف القائم، فلو كانت هناك مداولات بشكل منتظم ومستمر ودائم وتتثار فيها كل القضايا الكبرى المتعاقد عليها بين أعضاء التحالف لما كان هناك مجال للتراشق الإعلامي في وسائل التواصل الاجتماعي أو المؤتمرات الحزبية"، حسب ما جاء على لسان الخمري.

من جهة أخرى، اعتبر ادريس الكنبوري، المحلل السياسي أن اللجوء إلى الموقع الأزرق "يبين إدراك أهمية مواقع التواصل الاجتماعي، ففي العالم كله أصبحت مواقع التواصل تحل محل الندوات الصحافية لدى رؤساء الحكومات ومحل البلاغات الرسمية"، مستدلا على ذلك بكون "الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يعلن قرارات هامة عبر تويتر".

أما بالنسبة لما يتعلق بسلوك الرميد والسياسيين المغاربة، "لهذا السلوك فهو أمر من اثنين: مزايدة سياسية او محاولة للضغط من الخارج، والرميد معروف بهذه السياسة"، حسب ما جاء على لسان المتحدث الذي أضاف "قد يكون تأثيرا إيجابيا، وفي كل الأحوال فيه مكسب سياسي"، وفق الكنبوري.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

7 + 13 =

زر الذهاب إلى الأعلى