أفضلية وطنية .. يتعين إرجاع سوق الإشهار لوسائل الإعلام المغربية
دعت الصحيفة الإلكترونية “ميديا24” إلى إرجاع “السوق الطبيعي” للإشهار إلى قطاع وسائل الإعلام، وسينتج “صحافة ذات جودة كبيرة” تليق بالمغرب.
وكتبت الجريدة الالكترونية، في مقال موقع باسم نصر الدين العفريت “تدعون (الحكومة) إلى الإقلاع الاقتصادي. وتريدون الحفاظ على مناصب الشغل. وتؤكدون دفاعكم على الإنتاج المغربي والصناعة الوطنية، إذا كنتم تطمحون إلى ذلك فعلا، تصرفوا. أوجدوا الصيغة القانونية المقبولة وامنعوا الإشهارات رخيصة الثمن التي يقترحها فايسبوك وغوغل على المعرفات الرقمية للأجهزة الالكترونية المغربية. أرجعوا لنا سوقنا الطبيعي وسننتج صحافة ذات مستوى جيد يليق باسم هذا البلد”.
وأبرزت الجريدة، من جهة أخرى، أن الصحافة الإخبارية تبقى ضرورية للديموقراطية، معتبرة أنه لا يوجد أكثر من صحافة واحدة، مع قواعد متطابقة للإخبار، وأن الأنواع الصحفية والوسائل والأشكال وحدها هي القابلة للتغيير.
ولاحظ كاتب المقال أن جودة أي دعامة إعلامية تتناسب مع درجة استقلاليتها المالية، مشيرا إلى أن هذه الاستقلالية تطرح إشكالية النموذج الاقتصادي التي تشكل السؤال المركزي لمآل وسائل الإعلام.
وأبرز في هذا الصدد، أن التمويل الرئيسي يمكن أن يكون عموميا، أو خاصا، أو بديلا، معتبرا أنه يتعين استبعاد التمويل العمومي كحل، نظرا لكون الصحافة سواء المطبوعة أو الرقمية، “لم تعرف نموذجا ناجحا، يكون مصدر تمويله عموميا صرفا أو أغلبه عمومي.
وبالنسبة لكاتب المقال، فالدولة يتعين أن تتدخل “من خلال تدعيم تعدد وجهات النظر وظهور وسائل إعلام محلية على صعيد التراب الوطني”.
وبالمقابل، أبرز الموقع الإلكتروني أن النموذج البديل مثير للاهتمام، موضحا أن الأمر يتعلق بوسائل الإعلام الجمعوية، المحلية المدافعة على قضايا (ذات بعد بيئي على سبيل المثال)، والممولة بواسطة إعانات أو تبرعات. لكن تأثيرها، بالرغم من ذلك، يظل محدودا ولا يمكنه الاضطلاع بدور النموذج بالنسبة للقطاع.
وبحسب الجريدة الالكترونية، فإنه لا محيد عن التمويل الخاص، مبرزة أنه على الرغم من ذلك يتعين على المستثمر أن يكون متحفزا، لأن المجال الاستثماري يضع الصحافة في المنافسة مع قطاعات اقتصادية أخرى كالصناعة والخدمات، والبورصة، والإعلاميات، أو العقار.
ولفت موقع “ميديا24” إلى أنه إذا كان قطاع وسائل الإعلام والصحافة جذابا من الناحية المالية، فإنه سيستقطب الاستثمارات. وتبقى بذلك مهمة كل مؤسسة هي تحديد توازن بين هاجسي المردودية والجودة، ليصير بذلك المستهلك المستفيد الأكبر أمام تعدد الاختيرات.
وأضافت البوابة الالكترونية “بدون جاذبية لن تكون هناك استثمارات في الصحافة. يتعين على الدولة والفاعلين إذن إعادة وضع قواعد السوق الذي يجب أن لا تضبطه سوى الاعتبارات الأخلاقية (مكافحة التركيز، وتشجيع التعدد…)”.
وأشار الإصدار إلى أن الصحافة في المغرب، كانت قطاعا جذابا للاستثمار نسبيا، أكثر جاذبية من اليوم، حيث يشفط موقعا فايسبوك وغوغل بين 60 بالمائة و90 بالمائة من السوق الإشهارية.
وسجل ذات المصدر، أن الموارد المالية في سوق الصحافة يأتي معظمها من أداءات القراء والإشهار، مضيفا أن سوق القراء أصبح مقفرا أمام توافر المعلومات المجانية على الأنترنيت.
وأشار إلى أن المبيعات الإجمالية للصحافة المكتوبة انخفضت بحوالي 60 بالمائة بين 2012 و2018 (أرقام هيئة مراقبة نشر وتوزيع الصحف)، وهي آفة لا تخص المغرب وحده، مبرزا أن الأداء من أجل القراءة على الويب أصبح أسلوب استهلاك جديد يأخد مكانه رويدا رويدا.
أما السوق الثاني (الإشهار)، تضيف البوابة، فإنه تحت سيطرة التواجد الكثيف والمزعج للعملاقين (فايسبوك وغوغل)، موضحا أن الإنفاقات المغربية التي تستهدف المستهلكين المقيمين في المغرب على غوغل وفايسبوك، تتراوح بين 1,5 و 2 مليار درهم في السنة، للحصول على نطاق منخفض، وهو نفس الجزء الذي كانت تحصل عليه جميع وسائل الإعلام (وليست الصحافة وحدها).
من جهة أخرى، أكدت البوابة الالكترونية، اعتمادا على إحصاءات لتجمع المعلنين بالمغرب، أنه في الصحافة المطبوعة أو الرقمية، تراجعت إيرادات الإشهار بشكل مخيف منتقلة من 1,2 مليار درهم سنة 2012 إلى 0,58 مليار درهم سنة 2018 بالنسبة للصحافة المطبوعة.
على صعيد آخر، بلغت قيمة الاستثمارات على الأنترنيت 0,6 مليار درهم في سنة 2018، مقابل قرابة 0 درهم سنة 2012، ومن بين 600 مليون درهم المستثمرة هاته، تمثل 85 بالمائة اسستثمارات في الخارج، على منصات غوغل وفايسبوك. لتبقى سنة 2018 قرابة 100 مليون درهم من الاستثمارات الإشهارية للصحافة الرقمية، بحسب نفس المصدر.
وأكدت “ميديا24” أن هذا “العمل المدمر” الذي تقوده منصات غوغل وفايسبوك يتنافى مع التنافس الشريف، مشيرا إلى أن موقعي هتين المنصتين تبقيان مسيطرتان انطلاقا من أهمية المعطيات التي تدخل لها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وأيضا من خلال ولوجهما لسلسلة القيمة بكاملها.
وأبرز المقال، من جهة أخرى، أن تدخلها داخل الأسواق غير منصف لأنها لاتدفع الضرائب، ولاتحترم دائما القوانين المعمول بها داخل الدولة التي تتصرف داخلها، لاسيما في مجال حماية المعطيات، مشيرا إلى أن الاستثمار في غوغل وآبل، وفايسبوك، وأمازون، يجعل المعلن يستثمر في الخارج، ويرسل القيمة المضافة المغربية إلى الخارج وأنه يساهم في تدمير مناصب شغل بالمغرب.
واعتبر “ميديا24” أن هذه الوسائل الخاضعة لقواعد التجارة الدولية، تهدد صناعة الصحافة التي تعد صناعة ضرورية في كل بلد، وتهدد بذلك “السيادة الإعلامية” للمغرب، لافتا إلى أن أزمة كوفيد-19 أثرت بشكل كبير على صحافة مغربية “كانت في الأصل هشة”.
المصدر: الدار- وم ع