صحيفة “التيليغراف”: هكذا يدرب حزب الله جيوشاً إلكترونية لخدمة إيران و زعزعة استقرار المنطقة
الدار/ متابعة
تزامنا مع نفي الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، في حديث متلفز، أمس الجعة، وجود أية أسلحة مخزنة في مرفأ بيروت تتبع حزبه”، معتبر أن الاتهامات الموجهة لحزبه بأن أسلحته المخزنة كانت وراء الانفجار المدمر في مرفأ بيروت إنما تنطوي على ما دعاه “مظلومية استثنائية”، تزامنا مع ذلك، أماط تحقيق نشرته صحيفة “التليغراف” البريطانية، اللثام عن ضلوع “حزب الله” اللبناني، في تدريب آلاف النشطاء على استخدام مواقع التواصل الاجتماعي؛ لدعم إيران وزعزعة أمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط.
وأشار التحقيق الى أن الحزب، المصنف عالميا ضمن المنظمات الإرهابية، يتم تدريب عناصر من السعودية والبحرين وسوريا والعراق، وذلك داخل إحدى البنايات في بيروت، عبر تأسيس شبكات مزيفة وحسابات وهمية؛ بغرض إطلاق جيوش إلكترونية تلعب دوراً في الترويج للأفكار الإرهابية”، مضيفا أن “هذه التدريبات إلى عام 2012، عندما قام “حزب الله” باستقدام وإيواء عناصر في لبنان لإقامة معسكرات ودورات لها.
وأكد أحد المشاركين في التحقيق، الذي نشرته “التليغراف”، أن إيران قامت بعقد عدة ورش ودورات تدريبية على أراضيها للغرض نفسه، غير أنها لم تحظَ بالقبول الذي توافر في لبنان، والذي استقبل المزيد من المتدربين؛ حيث قام بتلقينهم وتدريبهم نحو عشرين خبيراً في مجالات التقنية الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي.
ووفقا للصحيفة البريطانية، شهد العام الماضي تنفيذ عدد كبير من العمليات عبر هجمات إلكترونية منظمة، استهدفت شخصيات عامة من خلال حسابات وهمية.
وقال مهند السماوي؛ مدير مركز الإعلام الرقمي العراقي، في حديث للصحيفة، أن الشبكات المزيفة على وسائل التواصل الاجتماعي تشهد انتشاراً على نطاق أوسع في الشرق الأوسط من مثيلاتها في أوروبا وأمريكا.
واستشهدت “التليغراف” بواقعة اغتيال الباحث العراقي هشام الهاشمي، بعد تعرضه على مدار ستة أشهر قبل وفاته إلى حملات تشويه واسعة على موقعَي “فيسبوك” و”تويتر”.
ألعاب إرهابية لبث الأفكار الظلامية لحزب الله
تؤكد حزب الله اللبناني، المصنف عالميا ضمن المنظمات الإرهابية، اتجاه “حزب الله” إلى السوشيال ميديا لزعزعة استقرار المنطقة وبث أفكاره الظلامية ليس جديداً، بعد محاولات سابقة لتدشين وإطلاق ألعاب فيديو؛ مثل لعبة “القوات الخاصة”، حيث استخدمت المجموعات اليمينية الألعاب والخوادم الخاصة بها لخدمة أغراضها، كما تم إطلاق لعبة أخرى هي “الدفاع المقدس”.
وتعتمد هذه الألعاب على آلية التصويب التي تسهم في “إزالة الحساسية تجاه العنف، وبالتالي فك الارتباط الأخلاقي”، حسب الباحثة ليندا شليجل.
وسرد التحقيق الذي نشرته صحيفة “تليغراف” قصة شاب عراقي قال إنه “خضع لواحدة لعمليات التدريب تلك في ظروف سرية مشددة”.
وكشف التقرير عن قيام حزب الله اللبناني بتدريب الآلاف من نشطاء وسائل التواصل الاجتماعية المدعومين من إيران، لإنشاء ما يسمى “الجيوش الإلكترونية” في جميع أنحاء المنطقة، عبر تنظيم دورات لتعليم المشاركين كيفية التعامل مع الصور رقميًا، وإدارة أعداد كبيرة من حسابات وسائل التواصل الاجتماعي المزيفة، وإنشاء مقاطع فيديو، وتجنب الرقابة على فيسبوك ونشر المعلومات المضللة وبث الرعب والانقسام لدى أي طرف يعارضه على الإنترنت بشكل فعال.
وشارك في هذه الدورات نشطاء من العراق والسعودية والبحرين وسوريا، وهي تتم في مبنى مكون من ثلاث طوابق في ضاحية بيروت الجنوبية.
وأكد “محمد”، وهو شاب عراقي شارك في التدريبات، أن المبنى من الخارج يبدو متهالكا لكنه من الداخل مليء بأدوات التكنولوجيا المتقدمة، مشيراً إلى أن مدة الدورة استمرت لمدة 10 أيام.
وقال محللون إن هذه الدورات تسلط الضوء على “نفوذ إيران الخبيث في المنطقة، والطرق غير المشروعة التي تعتمد عليها لنشر أيديولوجيتها في الشرق الأوسط، المنطقة التي تزداد انقساما”.
وتشمل عمليات التدريب الرقمي لحزب الله أكثر من 20 مقابلة مع سياسيين ومحللين ومتخصصين في وسائل التواصل الاجتماعي، وعضو في وحدة العمليات النفسية العسكرية العراقية وعضو في المخابرات العراقية وعدة أعضاء سابقين متخصصون بالتجييش الإلكتروني.
رحلة سرية لشاب عراقي لمقر صناعة ’الإعلام الولائي’ ببيروت
قبل وصوله إلى لبنان، طُلب من محمد عدم التحدث مع أي شخص عن رحلته إلى بيروت، وخلال الدورة التي استمرت عشرة أيام كاملة، تمت مراقبة الطلاب بواسطة الكاميرات طوال فترة بقائهم في بيروت، بحسب الصحيفة.
وقال الشاب العراقي: “عندما وصلت بيروت، كنت متوتراً بسبب السرية الشديدة”، مشيرا إلى أن أحد أئمة حزب الله يستقبلهم في المخيم بملابس دينية تقليدية، ويتم تغيير أسمائهم لحماية هويتهم، وفي اليوم التالي التقى بالمدربين الذين سيشرحون الأجزاء المختلفة من الدورة، وكانوا بملابس مدنية وليس لديهم لحى.
وأوضح محمد، الذي أصبح يقوم بتدريب الشباب فيما بعد على ما تعلمه: “عندما قابلت المدربين المتخصصين وأدركت كيف كانت الدورة تقنية ومعمقة، أصبحت متحمسًا للغاية”.
وخلال السنوات التي تلت أول دورة له في عام 2015، استمر محمد في إرسال عشرات الأشخاص الآخرين لتلقي التدريب في بيروت في مجموعة متنوعة من المجالات حيث ساعد في إنشاء فرق جديدة من المتخصصين في وسائل التواصل الاجتماعي والقرصنة.
وأكد محمد أنها صناعة الوهم والتضليل، وأن حزب الله يكسب الملايين من الدولارات من هذه الدورات.
أما عبد الله (اسم مستعار)، وهو سياسي في أحد أكبر الأحزاب السياسية في العراق، وقد شارك شخصياً في إرسال أفراد إلى بيروت للتدريب على كيفية إنشاء وإدارة ملفات شخصية وهمية على وسائل التواصل الاجتماعي، قال: “أصبحت تجارة لحزب الله، الأشخاص الذين أرسلناهم طوروا مهاراتهم في بيروت وعندما عادوا بدأوا في تدريب الناشطين داخل العراق”، مضيفا أن تدريباً مماثلاً يتم تقديمه في إيران لكن ليس بنفس الشعبية وسهولة الوصول إليه.
وفي تقرير أميركي أعده أعضاء الكونغرس في عام 2011، تم الاستشهاد بـ “أنشطة التدريب والاتصال التي يقوم بها حزب الله مع المتمردين الشيعة في العراق” كسبب رئيسي وراء استمرار إدراجه كمنظمة إرهابية.
ومن بين المجموعات التي حصلت على التدريب كتائب حزب الله، وهي جماعة عراقية شبه عسكرية قوية لها علاقات وثيقة مع حزب الله في لبنان، وقد نفذت الجماعة حملات على وسائل التواصل الاجتماعي على نطاق واسع خلال عام 2019 باستخدام شبكات التواصل الاجتماعي الخاصة بها لتوزيع مقاطع فيديو عالية الجودة تستهدف بقوة الشخصيات العامة التي يُنظر إليها على أنها “معادية”.
ومن الأساليب الشائعة التي تستخدمها هذه الجيوش الإلكترونية هي إنشاء شبكات كبيرة من الحسابات المزيفة التي تضخم رسائل معينة عن طريق الإعجاب والتعليق ومشاركة منشورات بعضها البعض.
ويعتقد مهند السماوي رئيس مركز الإعلام الرقمي العراقي، وهو مركز مستقل لرصد وتحليل وسائل الإعلام، أن تأثير المعلومات الخاطئة على وسائل التواصل الاجتماعي في دول الشرق الأوسط مثل العراق، التي تفتقر إلى المؤسسات الحكومية والصحفية القوية، أكبر بكثير من في أوروبا والولايات المتحدة.
وقال: “التصريحات والرسائل الكاذبة التي تحرض على العنف، والتي تنتشر عبر الإنترنت يمكن أن تؤدي بسهولة مباشرة إلى العنف المميت في الحياة الحقيقية في العراق. نشر المعلومات الكاذبة يضر بشدة بالعراق”.