لماذا يغرد الأزمي خارج السرب ويدافع عن الريع السياسي؟
الدار / افتتاحية
في الوقت الذي بدأت فيه ثمرة الإجماع حول إلغاء معاشات البرلمانيين باعتبارها ريعا سياسيا تنضج، لا تزال بعض الأصوات النشاز تدافع عن الريع والامتيازات غير العادلة التي يحصل عليها نواب الأمة عن عمل مؤقت وفي ظرفية قياسية وفي أحيان كثيرة بضربة حظ أو وساطة قبيلة أو عائلة. وحده النائب البرلماني عن حزب العدالة والتنمية، إدريس الأزمي الإدريسي، خرج عن الإجماع الذي ظهر في مكتب مجلس الغرفة الأولى اليوم للتوجه نحو التصفية النهائية لمعاشات البرلمانيين وعدم تضييع الجهد والمال في إصلاحها أو إعادة هيكلتها.
فقد أعلن عبد الله بوانو، رئيس لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، ورفيق الأزمي في الحزب، عن وجود اتفاق حول إنهاء تقاعد البرلمانيين وتصفيته بصفة نهائية. وقال بوانو خلال اجتماع لجنة المالية لتقديم مقترحات قوانين حول معاشات أعضاء مجلس النواب، اليوم الثلاثاء، إن “جميع أعضاء مكتب اللجنة” أكدوا ضرورة تصفية قانون معاشات “نواب الأمة”، و”تم الاتفاق باش متبقاش شي حاجة سميتها معاشات النواب ومكينش شي حاجة سميتها إصلاح الصندوق”.
لكن بالمقابل، تحايل الأزمي الإدريسي في تدخله في أشغال اللجنة على سير النقاش ليمرر رسالته الملغومة وهو يتناقض في تأكيده أن موقف حزبه هو التوجه نحو إلغاء المعاشات، لكن مع تساؤل مستغرب من نائب برلماني يقول “واش بغيتونا نخدمو بيليكي” أي دون مقابل في إشارة إلى المطالب المرفوعة من سنوات من أجل إلغاء الريع الذي يستفيد منه البرلمانيون بحصولهم على معاش سمين مقابل انتخابهم ولو لولاية واحدة. ولم يأل الأزمي الإدريسي جهدا في مداخلته من أجل أن يوجه هجوما عنيفا على مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي معتبرا مطالبهم مجرد “شعبوية مقيتة”.
ومن الواضح من موقف النائب المنفعل أنه لا يتفق تماما مع فكرة إلغاء المعاشات خصوصا أنه حرص على في حديثه على محاولة التقليل من قيمتها المادية لأنها تتراوح على حد قوله بين 5 آلاف و9 آلاف درهم، وكأنه لا يدرك أن هناك عشرات الآلاف من المواطنين المغاربة الذين يتقاضون معاشات لا تتعدى قيمتها 1000 درهم، بينما يعيش أصلا ملايين المغاربة خارج دائرة التمتع بأي معاش كان مهما كان قدره هزيلا. ومن المستغرب أن يصدر هذا الخطاب من نائب برلماني عمل وزيرا منتدبا في حكومة عبد الإله بنكيران وضمن بموجب هذه الفترة التي قضاها في الوزارة معاشا سمينا، ناهيك عن كون الرجل يجر وراءه مشوارا مهنيا متينا يضمن له حتى بعد خروجه من البرلمان العودة إلى وظيفته في وزارة المالية وإلى ارتباطاته بالعديد من المقاولات والشركات في المغرب والخارج.
لماذا يخاف السيد الأزمي إذا من إلغاء المعاشات وهو يعيش في ظل هذه الوضعية المالية المريحة؟ ماذا ترك السيد النائب للمواطنين البسطاء الذين أجهزت جائحة فيروس كورونا المستجد على ما تبقى لهم من فرص عمل ومورد رزق؟ على ما يبدو لقد كان الأزمي مدفوعا بالأساس من رغبته الشديدة في تمرير رسالة ضد من أسماهم نشطاء الفيسبوك الذي قال عنهم “مخصناش نخافو من مؤثرين اجتماعيين، ما الذي صنعه لنا هؤلاء؟”، وقد كان الأولى به أن يطرح السؤال الأخير على نفسه. ومن المستغرب أن يتجاهل الأزمي في سياق حديثه عن المؤثرين الاجتماعيين الذين لا يجب أن يخاف منهم، كتائب حزبه التي تستوطن شبكات التواصل الاجتماعي وتمتلك خبرة واسعة في إدارة الحروب الرقمية وترويج مواقف الحزب والدفاع عنها.